توافد على بيت المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في مدينة قم المقدّسة، جموع كثيرة من العلماء والفضلاء والخطباء والمبلّغين، وطلبة العلوم الدينية من مختلف نقاط العالم، واستمعوا إلى الكلمة القيّمة لسماحته وإرشاداته القيّمة، وذلك مساء يوم الأربعاء المصادف للخامس والعشرين من شهر شعبان المعظّم1437للهجرة (1/6/2016م).

وذكر سماحته: قال الله تبارك وتعالى في كتابه الحكيم: (هَذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ) سورة إبراهيم: الآية52. وتعني كلمة (البلاغ) الإيصال والتوصيل والوصول أيضاً. والمراد من (هذا) هو مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله، كما ذكرت التفاسير عن المعصومين صلوات الله عليهم.

وبيّن سماحته: إنّ الحجّة والملاك في تمييز الحق من الباطل، هي ثلاث حقائق:

الأولى: القرآن الحكيم.

الثانية: نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله.

الثالثة: العترة الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين.

هذه الحقائق الثلاث لا ينفي بعضها بعضاً، كما بيّن ذلك مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه في إحدى خطبه بمناسبة الغدير، حيث قال (ما مضمونه): ولا يقبل الله التوحيد بلا نبوّة، ولا يقبل التوحيد والنبوّة بلا العترة. وهذه الحقائق الثلاث، هي طرق الوصول إلى السعادة. وحجيّة كلام الفقيه تأتي من هذا المنطلق وهو أن كلام الفقيه مستمد من تلك الحقائق الثلاث.

وبيّن ساحته، أيضاً: من أهم أسباب انتشار الإسلام وتقدّمه هو سيف الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، ولكن برأيي إنّ من أهم أسباب موفقيّة النبي الكريم صلى الله عليه وآله هي أخلاقه. فالسيف هو وسيلة للدفاع تجاه العدو، وأما الأخلاق فهي تنفذ إلى قلوب ونفوس الناس، وفي لحظة واحدة تغيّر الإنسان الضال وتحوّله إلى مهتد. فعلى المبلّغين أن يتعلّموا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله، لكي يلعبوا دوراً مهماً في هداية الآخرين. وحتى في العلاقات والتصرّفات الدولية يجدر التأسّي بسيرة وطريقة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله. وبعبارة أخرى: يجب أن يكون التعامل المقترن بالأخلاق على رأس قائمة أعمال الحكّام المسلمين وغير المسلمين كافّة.

وقال سماحته مشيراً إلى الخصائص التي يجب على المبلّغين أن يتحلّوا بها: لقد كان أبو لهب من ألدّ أعداء الإسلام ورسول الله صلى الله عليه وآله، وبذل الكثير من المحاولات العدائية، وكان يروّج الأكاذيب والتهم بين الناس عن رسول الله صلى الله عليه وآله لكي يبتعدوا عنه. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يبلّغ الإسلام في أيام الحجّ عند الكعبة المشرّفة، وفي غير الحجّ كان يقوم بذلك في الأسواق وغيرها من الأماكن. وكان أبو لهب مع المشركين يقومون بإلحاق الأذى برسول الله صلى الله عليه وآله، وشتمه وضربه، حيث ذكر التاريخ ان أبي لهب كان يرمي النبيّ صلى الله عليه وآله بالحجارة. ومع كل ذلك لم يواجهه النبيّ صلى الله عليه وآله، ولم يشكو منه حتى لمرّة واحدة.

هذه الأخلاق من رسول الله صلى الله عليه وآله فعلت تأثيرها على المشركين، وأدّت إلى هدايتهم. وهذا ما يجب على المبلّغين أن يتحلّوا به، وأن يعالجوا المصاعب والعداوات بأفضل ما يمكن.

وأضاف سماحته: هكذا كان الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، حيث في زمن حكومته التي امتدّت على رقعة كبيرة من المعمورة، وكانت تضم قرابة خمسين دولة من دول عالم اليوم، تطاول شخص على الإمام وقال: قاتله الله من كافر. فأراد أصحاب الإمام أن يأدّبوه، فنهاهم الإمام ومنعهم من ذلك، ولم يقم هو صلوات الله عليه بالردّ على ذلك الشخص أيضاً. وهذه هي أخلاق الحاكم الإسلامي. فالإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه هو إمامنا، وعلينا أن نقتدي به.

وأكد سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: علينا أن نهيئ الأرضية المناسبة لهداية الناس، وذلك بالتبليغ الصحيح للإسلام وبإيصال المعارف الحقيقية للدنيا كلّها، وهذا العمل ممكن بتعريف التعاليم الحقيقية للقرآن وسيرة النبي الكريم وآله الأطهار صلوات الله عليه وعليهم أجمعين. فعلى المبلّغين الدينيين، أن يهتمّوا في شهر رمضان المبارك، إلى العمل بمسؤوليتهم وهي تبليغ الدين، إضافة إلى تزكية النفس التي تعتبر هي الأساس لسعادة كل إنسان. فتبليغ الدين يعني هداية وتربية الإنسان. انتهى/خ.

اضف تعليق