إنها قصة معقدة جداً، العنوان هو أن هناك عددا كبيرا من الشركات التي يقودها رموز اقتصاديون وسياسيون حول العالم، حيث كانت أموالهم في مناطق لا تفرض الضرائب مثل جزر العذراء البريطانية، وكما قلت تم تسريب 11 مليون وثيقة من قبل مصدر غير معروف.

الوثائق تتعمق إلى الأشخاص المتورطين، وتتحدث عن وجود 12 رئيس دولة حالي أو سابق، بجانب 128 مسؤولا سياسيا فقط في هذه الوثائق التي تم تسريبها.

أسماء مثل الرئيس فلاديمير بوتين ولنجعل الأمر واضحاً فإن اسمه لم يذكر بشكل مباشر، لكن شركاء بوتين قادوا شبكة سرية تدار من قبلهم لنقل ما لا يقل عن ملياري دولار من خلال البنوك وشركات خارجية.

الكرملين علق قائلاً إن هذه المزاعم هي مجرد سلسلة من الأكاذيب، والوثائق ذكرت أيضا رئيس وزراء أيسلندا الذي سئل من قبل طاقم تلفزيوني حول علاقته من خلال زوجته بشركة تستثمر السندات في مصارف أيسلندا، ليقوم بالخروج من المقابلة غاضباً قائلاً إنهم وجهوا إليه أسئلة غير لائقة.

إذاً فإن هناك تساؤلات عديدة حول علاقة بعض القادة بهذه الشركات الخارجية في مناطق لا تفرض الضرائب.

الغريب في الامر ايضا، ان الاتحاد العالمي لكرة القدم (الفيفا) ، والذي تعلقت بها الكثير من تهم الفساد المالي، وطاح الكثير من رموز الكرة والاداريين البارزين فيها، نال حصة من فساد بنما، ومع الحديث عن ملايين الوثائق التي لم تكشف جلها، فان امكانية توقع المزيد من العلاقة المالية الفاسدة امر وارد جدا بحسب مراقبين، خصوصا بعد ادراج اسم السويسري جاني اينفانتينو الرئيس الجديد للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" ضمن قائمة المشبوهين.

شركة فونسيكا مجرد ضحية؟

بدوره قال أحد أصحاب شركة "موساك فونسيكا" البنمية للخدمات القانونية، والتي أثار تسريب وثائق مالية سرية فيها ضجة هائلة بشأن عمليات غسيل الأموال والتهرب من الضرائب في العالم، إنها كانت ضحية لعملية قرصنة الكترونية.

وقال رومان فونسيكا إن تسريب الوثائق لم يكن "عملا من داخل الشركة"، التي تعرضت إلى عملية قرصنة الكترونية من مخدم انترنت (سيرفر) في دولة خارجية.

وقد رفعت الشركة شكوى بهذا الصدد إلى دائرة الادعاء العام في بنما.

ويحقق العديد من البلدان في تحايلات مالية محتملة لعدد من الأثرياء وشخصيات ذات نفوذ بعد تسريب أكثر من 11 مليون وثيقة من الشركة.

ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن فونسيكا، أحد مؤسسي الشركة، قوله "نحن مندهشون من أن أحدا لم يقل إن جريمة قد ارتكبت هنا".

وقال في تصريح آخر لوكالة فرانس برس يبدو أن "العالم أقر أن الخصوصية ليست من حقوق الإنسان".

وأفادت تقارير أن الشركة أرسلت الاسبوع الماضي رسالة الكترونية إلى زبائنها تقول فيها إنها تعاني من "اختراق غير مشروع لمخدم (سيرفر) بريدها الإلكتروني".

واتهمت الشركة وسائل الإعلام التي غطت أخبار التسريبات بأنها تحصلت على "مدخل غير مشروع إلى وثائق خاصة ومعلومات أخذت من شركتنا" وقدمت هذه المعلومات خارج سياقها.

Image caption يحقق العديد من البلدان في تحايلات مالية محتملة لعدد من الأثرياء وشخصيات ذات نفوذ بعد تسريب أكثر من 11مليون وثيقة من الشركة

وهدد رئيس الدائرة القانونية في الشركة في رسالة وجهها إلى صحيفة "الغارديان أون صنداي" باحتمال اتخاذ إجراء قانوني بشأن "التحصيل غير القانوني" على المعلومات.

وقد أثارت التسريبات حتى الآن ردود فعل سياسية في العديد من البلدان التي أشارت الوثائق إلى تورط شخصيات رفيعة فيها.

وقد تقدم رئيس وزراء ايسلندا سيغموندور غونلوغسون باستقالته الثلاثاء الماضي، بعد أن أظهرت الوثائق امتلاكه لشركة مع زوجته مسجلة خارج البلاد، لم يعلن عنها عند دخوله البرلمان.

ووجهت إليه أيضا تهمة إخفاء ما قيمته ملايين الدولارات في أصول عائلية.

قال غونلوغسون إنه باع أسهمه إلى زوجته وإنه لم ينتهك أي قانون

فضيحة كروية

الى ذلك لم ينعم السويسري جاني اينفانتينو طويلا بمنصبه الجديد كرئيس للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" الذي يعيش منذ ايار/مايو الماضي اسوأ ازمة في تاريخه، اذ زج اسمه في فضيحة حقوق النقل التلفزيوني في اميركا الجنوبية في تقرير نشرته احدى الصحف الالمانية.

واستندت صحيفة "سويد دويتش تسيتونغ" في تقرير نشرته الثلاثاء الى ما سمي بـ"اوراق بنما" حيث سرب بان اينفانتينو الذي انتخب في شباط/فبراير الماضي رئيسا لفيفا، وقع في 2006 و2007 حين كان مسؤولا عن القسم القانوني في الاتحاد الاوروبي لكرة القدم عقدا مع اثنين من رجال الاعمال المتهمين بالحصول على رشاوى وهما مالكا شركة "كروس ترايدينغ" الارجنتينيان هوغو جينكيز ونجله ماريانو اللذان حصلا على حقوق البث التلفزيوني لدوري ابطال اوروبا لكرة القدم، ثم باعاها على الفور بحوالي ثلاثة اضعاف السعر.

وكان العقد الذي وقعه اينفانتينو من بين 11 مليون ونصف مليون وثيقة مسربة من شركة "موساك فونسيكا" البنمية للخدمات القانونية.

لكن الامين العام السابق للاتحاد الاوروبي نفى اي ارتكابات مخالفة للقوانين وذلك في بيان حصلت وكالة فرانس برس على نسخة عنه.

وقال اينفانتينو في البيان: "اشعر بالاستياء ولن اقبل بأن يتم الشك بنزاهتي من قبل بعض وسائل الاعلام، خصوصا انه سبق للاتحاد الاوروبي ان كشف بالتفصيل كل الحقائق بشأن هذه العقود".

وتابع: "منذ اللحظة التي اطلعت فيها على أحدث ما تطرقت اليه وسائل الاعلام في هذا الشأن، اتصلت على الفور بالاتحاد الاوروبي للحصول على توضيح. فعلت ذلك لأني لم اعد في الاتحاد الاوروبي، وهم الذين يمتلكون حصريا جميع المعلومات التعاقدية المتعلقة بهذه القضية".

وواصل: "في غضون ذلك، أعلن الاتحاد الاوروبي بانه يجري مراجعة للكثير من العقود التجارية، واجاب على نطاق واسع عن اسئلة وسائل الاعلام المتعلقة بهذه العقود بالتحديد. كما ذكرت سابقا، لم اتعامل شخصيا مع (كروس ترايدينغ) ولا اصحابها وذلك لا فريق التسويق هو المسؤول عن عملية المناقصة نيابة عن الاتحاد الاوروبي".

وأردف البيان: "اود التذكير باني والاتحاد الاوروبي لم نكن في اي وقت مضى موضوع استفسار من قبل اي سلطة فيما يتعلق بهذه العقود بالتحديد. يضاف الى ذلك، وكما ذكرت وسائل الاعلام نفسها، ليس هناك ما يدل على الاطلاق على اي مخالفات من الاتحاد الاوروبي ومن قبلي شخصيا في هذه المسألة".

ويواجه جينكيز ونجله ماريانو خطر الترحيل من الارجنتين الى الولايات المتحدة التي تتهمهما بدفع ملايين الدولارات كرشاوى على مدى عدة اعوام لمسؤولي كرة القدم في اميركا الجنوبية من اجل الحصول على حقوق بث تلفزيونية مربحة لبطولات كرة القدم.

وفي عقود حق النقل التلفزيوني التي وقعها اينفانتينو نيابة عن الاتحاد الاوروبي، حققت "كروس ترايدينغ" ارباحا طائلة بحسب تقرير "سويد دويتش تسيتونغ" اذ اشترت الحقوق بـ140 الف دولار وباعتها مقابل 440 الف دولار.

وتساءلت الصحيفة الالمانية: "لماذا باع الاتحاد الاوروبي حقوق النقل التلفزيوني بسعر اقل من القيمة الحقيقية؟"، مشيرة الى ان فيفا والاتحاد الاوروبي وامينه العام السابق اينفانتينو نفوا مرارا وتكرارا اي علاقة عمل مع هوغو ومارتينو جينكيز.

لكن عندما واجهوه في اذار/مارس الماضي بالعقد الموقع بالنيابة عنه، اعترف الاتحاد الاوروبي بان هذا التوقيع هو بالفعل توقيع اينفانتينو لكن الاتحاد القاري قال للصحيفة الالمانية بانه لم يكن على علم حينها بان مالكي "كروس ترايدينغ" هما هوغو وماريانو جينيكيز.

تحت عدسة الشرطة

في سياق متصل داهمت الشرطة السويسرية مقر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في نيون يوم الاربعاء لجمع معلومات حول عقد يقال إن جياني إنفانتينو الرئيس الحالي للاتحاد الدولي (الفيفا) وقعه أثناء عمله في الاتحاد الأوروبي للعبة. بحسب رويترز.

وقال الاتحاد الأوروبي للعبة "يمكن للاتحاد الأوروبي التأكيد على ان الشرطة الاتحادية السويسرية زارت مقر الاتحاد اليوم بناء على إذن حيث طلبت الشرطة رؤية عقود موقعة بين الاتحاد الاوروبي وشركتي كروس تريدينج وتيليأمازوناس. من الطبيعي ان يقدم الاتحاد كافة الوثائق ذات الصلة التي بحوزته للشرطة وسنتعاون بشكل كامل معها."

وذكرت تقارير أوردتها العديد من المؤسسات الصحفية استنادا إلى وثائق مسربة ان إنفانتينو وقع على عقد مع اثنين من رجال الأعمال الأرجنتينيين اللذين يمتلكان شركة كروس تريدينج وتم توجيه الاتهام لهما لاحقا في الولايات المتحدة. وقال إنفانتينو يوم الثلاثاء إنه يشعر بالرعب بسبب كون نزاهته "محل شك" بسبب تقارير إعلامية بشأن العقد المذكور.

 

 

اضف تعليق