بدأ بعض طلاب الجامعة الأميركية في كابول، بالبحث عن طريق للفرار ممن يعتبرونهم "كفارا" مع اقتراب حركة طالبان من العاصمة الأفغانية، في آب الماضي، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".

فالحركة التي سيطرت بالفعل على البلاد في منتصف آب، كانت تصف الجامعة التي تمولها الولايات المتحدة بأنها "وكراً للكفار" وتعتبر الطلاب بأنهم "جواسيس"، وأغلقت بالفعل المدارس الثانوية والجامعات.

ومع اقتراب طالبان من كابول، قامت ندى، وهي طالبة كانت تعمل أيضا بدوام جزئي في الجامعة، مع زملائها بجمع المستندات التي استطاعوا تدميرها وإحراقها على مدار أربع ساعات، "حتى لا تتمكن طالبان من العثور على أسماء وعناوين الطلاب"، حيث كان الطلاب والموظفون يخشون من أن تلاحقهم الحركة وتقتلهم مع عائلاتهم.

وفي تلك الليلة من أوائل شهر آب، عندما أحرقت ندى الأوراق، تم بالفعل إجلاء الموظفين الأجانب في الجامعة إلى مجمع أمني تديره بريطانيا قرب مطار كابول.

وعندما وصلوا أخيرا إلى بوابة المطار مع الموظفين الأجانب، منعهم الجنود البريطانيون من الدخول، بحجة أنهم أفغان وليسوا أجانب، "طردونا من المطار إلى منطقة تسيطر عليها طالبان. كنا في وضع سيء للغاية".

وفي 21 آب، استطاعت ندى مع بعض زملائها الوصول إلى رحلة إجلاء قطرية، كانت مغادرة إلى العراق، وتقول: "لم يكن لدينا خيار آخر".

لم تخبر ندى عائلتها بأنها ذاهبة إلى العراق، لأنها كانت تعلم أنهم سيقلقون، "كل ما كنا نسمعه عن العراق هو تنظيم داعش والتفجيرات".

فلم يكن العراق وجهة أولى عندما كان الطلاب الأفغان يبحثون عن ملاذ آمن لهم، حيث قالت ماشال (24 عاما)، لنفسها عندما علمت وزملاؤها أن رحلة الإجلاء ستنتهي في العراق: "تركنا طالبان وراءنا وسنواجه الآن داعش".

لكن ماشال، التي كانت ضمن أول مجموعة من الطلاب الأفغان الذين يصلون إلى الجامعة الأميركية في السليمانية، قالت للصحيفة إن هذه المخاوف ثبت فيما بعد بأنها غير صحيحة.

فوجئ الطلاب باستقبال من رئيس الجامعة وأساتذتها بباقات من الزهور في منتصف الليل، في حرم جامعي بلا جدران عالية أو دوريات أمنية.

وانتقل حتى الآن 109 طلاب أفغان إلى الجامعة الأميركية. ويتوقع أن يصل العدد في النهاية إلى 300 طالب.

وتعهد الرئيس، برهم صالح، مؤسس الجامعة في السليمانية وهو لاجئ سابق، باستقبال ما يصل إلى 300 طالب والسماح بدخولهم بدون تأشيرات أو حتى جوازات سفر في بعض الحالات.

وقال رئيس الجامعة الأميركية في كابول، إيان بيكفورد، إنه تم إرسال 106 طلاب آخرين إلى الجامعة الأميركية في آسيا الوسطى في قرغيزستان، ونحو 200 إلى دول أخرى، بما في ذلك باكستان والولايات المتحدة.

فيما يتبقى 375 طالبا آخرين من الجامعة الأميركية في أفغانستان، إلى جانب العديد من الموظفين ومئات الخريجين، بحسب بيكفورد، حيث أن الكثير منهم مختبئون من حركة طالبان.

وفي حين أنه بإمكان الطلاب الباقين في أفغانستان استكمال دراستهم عبر الإنترنت، فإنهم يعانون من سوء شبكة الإنترنت البطيئة، كما أنهم لا يشعرون بأنهم سيكونون في دائرة اتصال آمنة.

ومع ذلك، لا يزال العديد من الطلاب الذين تم نقلهم إلى العراق، مصابين بصدمة من فقدان وطنهم، وعدم اليقين بشأن مستقبلهم في أرض غريبة عليهم، كما يطاردهم القلق على عائلاتهم التي تركوها وراءهم.

لم يستطع مجتبى، الذي انتقل إلى السليمانية في أكتوبر الماضي، النوم من كثرة الطائرات التي كانت تغادر مطار كابول طوال أسابيع أغسطس الماضي، ليس بسبب الصوت فقط، "ولكن من كثرة العظماء الذين كانوا يغادرون البلاد خوفا من طالبان. كان الأمر مدمرا".

أما الآن، وقد أصبح مجتبى الذي يدرس الحقوق، وكان يقوم بتدريس اللغة الإنكليزية وأدار أول ناد للكتاب في كابول، واحدا ممن غادروا البلاد، فإنه "مصمم على العودة إلى أفغانستان عندما يستطيع المساعدة في إعادة بنائها"، بحسب وصفه.

وعرض مجتبى، مقاطع فيديو لأخيه وأخته يقرآن بواسطة مصباح يدوي أثناء انقطاع التيار الكهربائي في كابول. وبينما لا يزال شقيقه يذهب إلى المدرسة، فقد أُجبرت شقيقته، طالبة الصف التاسع، على التوقف بعد أن أغلقت طالبان المدارس الثانوية للبنات.

أما مرتضى (22 عاما)، الذي يدرس القانون أيضا وتم نقله إلى السليمانية، فيقول إنه يفتقد كابول، "بالرغم من أننا كنا نعاني من انقطاع متكرر للتيار الكهربائي، ولم نشعر بالأمان، فإنها كانت مسقط رأسي وبلدي. كانت روحي وقلبي".

اضف تعليق