علي خالد/ كربلاء

تداعيات خطيرة اجتماعية ونفسية تترتب على التشرد، ونجد على أرصفة الطرقات يتسكع المئات والالاف من الشباب والاطفال المشردين في مدن العراق عامة وكربلاء من بين تلك المدن، وصار من المناظر المعتادة رؤيتهم يفترشون أرصفة الشوارع في الليل والنهار.

وما يثير المخاوف بقاء الحال على ما هو عليه في وقت اخذت فيه هذه الظاهرة بالتزايد المستمر، ما يزيد من خطرهم على المجتمع في حال تركوا في الشوارع للعصابات تتحكم بهم دون احتضانهم وتوفير البيئة الملائمة لهم.

وحول وجود ازدياد في هذه الظاهرة يقول مدير مكتب المفوضية العليا لحقوق الانسان في كربلاء ماجد المسعودي في حديث لوكالة النبأ، إن المفوضية اشرت وجود انتشار وازدياد لظاهرة التشرد التي تعتبر من الظواهر غير الحضارية والتي تعكس منظرا سلبيا عن المدينة، مضيفا ان ظاهرة التشرد منتشرة في كل بلدان العالم لكنها تتزايد في البلدان النامية.

ويرى المسعودي، أن اغلب المشردين يتوافدون الى محافظة كربلاء كونها مدينة دينية يفدها الملايين من الزائرين من مختلف المحافظات العراقية ومختلف دول العالم بهدف الاستجداء وكسب تعاطف الناس لجمع الأموال.

وفي السؤال حول إحصائية باعداد المشردين اوضح المسعودي، أن "المفوضية لم تسجل اي احصائية دقيقة بأعداد المشردين لان اعدادهم في حالة تزايد دائم"، مشيرا الى أن دور مفوضية حقوق الانسان ومن ضمن مهامها تأشير الحالات وتقديم دراسة للحكومة المحلية او الحكومة المركزية من اجل الاخذ بها، وقد تم تشكيل لجنة في محافظة كربلاء لمتابعة هذه الظاهرة من أجل الحد منها واقامة مجموعة من الورش والدورات التثقيفية والتوعوية.

المسعودي لفت الى أن من الاسباب الرئيسية والاهم وراء انتشار هذه الظاهرة التفكك الاسري والذي له الدور في ازدياد عدد الاطفال المشردين في العراق بشكل عام وفي كربلاء، مؤكدا أن العراق من الدول الذي صادقت على الاتفاقية الدولية المعنية بحقوق الاطفال لعام 1994، واصبح طرفا اساسيا في هذه الاتفاقية وملزما بتطبيق بنودها وتوفير حياة حرة وكريمة لهذه الشريحة المهمة في المجتمع.

وكال النبأ تواصلت مع قيادة شرطة كربلاء بهدف الوقوف على هذه الظاهرة ومعرفة الية مواجهتها والحد منها، لكننا صدمنا بعدم الرد رغم التواصل معهم لاكثر من مرة. ووفقا للمنظمة الدولية للهجرة، فإن هناك ما يزيد عن 175 ألف مشرد، بسبب الأوضاع الحالية.

التشريعات العراقية اكتفت بقانون رعاية الأحداث رقم (76) لسنة 1983"، دون النظر بأهمية تشريع قانون يمنع او يحظر حالة التشرد.

في ذات السياق ذكرت الباحثة الاجتماعية ثورة الاموي، أن "ظاهرة التشرد من الظواهر العامة في كل المحافظات لكن في مدينة كربلاء تكون نسبتها اكبر كونها من المدن السياحية الجاذبة للسكان".

وكشفت الاموي للنبأ، أسباب هذه الظاهرة وفي مقدمتها الاوضاع الاقتصادية التي هي الدافع الاكبر للقيام بهذا العمل، وكذلك اسباب عرقية، والبطالة المتوحشة والتشرد الاسري التي تدفع بالكثير من الشباب والاطفال الى التشرد".

وطرحت الاموي، العديد من المعالجات منها حملات للشرطة المجتمعية لمكافحة ظاهرة التشرد، وتقليل حجم التعاطف من قبل المجتمع من خلال حثهم على العمل، ودعم الشباب المشرد والدفع بهم صوب سوق العمل، وتوعيتهم من قبل الجهات المعنية ووسائل الاعلام والمنابر والخطب الدينية، فضلا عن دور الحكومة الذي يعتبر الدور الاساسي للحد من التشرد من خلال انشاء دور إيواء للمشردين ومد يد العون لهم وهذا يقع على عاتق وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بالدرجة الاساس من خلال شمولهم براتب راعية وبدون ضوابط.

وتابعت، "يجب أن تكون هناك جلسات للأطفال المشردين وتشتمل على التوجيه الديني والاجتماعي وحتى الصحي".

وفي ذات السياق تحدث المنسق العام لمنظمات المجتمع المدني السيد احمد الموسوي للنبأ قائلا: إن "هذه الملف يعد من الملفات الشائكة والمعقدة بالعراق مع ملاحظة التزايد المستمر في اعداد المشردين خاصة في الآونة الأخيرة".

ويضيف، أن غالبية المشردين من المرضى النفسيين وذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن والاطفال والنساء، مؤكدا أن منظمات المجتمع المدني وخاصة المعنية في حقوق الأنسان تعمل جاهدة على هذا الملف في سبيل تأمين بعض الاحتياجات لهذه الشريحة المهمة لكن الملف كبير ويحتاج الى جهد حكومي وبحاجة الى وقفة جادة من قبل المشرع العراق من خلال تشريع قوانين معنية بحقوق الانسان من دور ايواء تحتوي هذه الشريحة المهمشة.

حول مخاطر تشردهم في الشوارع يؤكد الموسوي، أن "بعضهم يتعرض الى ابتزاز وتحرش جسدي واعتداء لفظي بالإضافة الى المقايضات ناهيك عن احتضانهم من قبل عصابات وهذه كلها تولد مخاطر على المجتمع".

وبين، أن منظمات مجتمع مدني نعمل على شقيين الاول هو المساعدة من خلال تأمين الاحتياجات لأغلب المشردين والشق الثاني الضغط على الحكومة والمشرع العراقي من اجل تشريع القوانين المعنية بحقوق الانسان.

اضف تعليق