تدور تساؤلات حول مصير العراق بعد الانسحاب الأمريكي المقرر في نهاية العام الجاري، على وقع الأحداث المتسارعة في أفغانستان، والتي انتهت بتمكن حركة طالبان من فرض سيطرتها على البلاد بشكل كامل.

التساؤلات تدور حول الجهات التي من الممكن أن تملأ الفراغ الأمني الذي قد يحدثه الانسحاب الأميركي، وهل أن تكرار السيناريو الأفغاني وارد أم أن اختلاف الموقع الجغرافي بين العراق وأفغانستان يحول دون ذلك؟

ظروف مختلفة

وتعليقا على ذلك، استبعد الخبير الأمني والإستراتيجي العراقي، فاضل أبو رغيف تكرار السيناريو الأفغاني في العراق، لظروف عدة داخلية وخارجية تحيط بالعراق.

وقال أبو رغيف إن "العراق لا توجد فيه قوات مشاة أمريكية على الأرض، لكن العراق نفسه لديه قوات نظامية كبيرة وحشد شعبي وعمليات مشتركة وقوة جوية وطيران جيش، إضافة إلى الوحدة والإصرار شعبي لمواجهة أي حركة من تنظيم الدولة تحاكي لما جرى في أفغانستان، لذلك قطعا لن يتكرر السيناريو الأفغاني في العراق".

وحول ما يشاع من أن ما جرى في أفغانستان هو رسالة لدول المنطقة بأنها أمام مصير مماثل إذا رفعت أمريكا يدها عن أي بلد، قال أبو رغيف إن "أمريكا محظوظة في كل شيء حتى حينما تخفق في ملف الانسحاب من دولة ما يقول عنها المحللون أنه تخطيط وإستراتيجية أمريكية".

وأردف: "أنا لا أعتقد وجود أي رسالة أمريكية من وراء الانسحاب إلى العراق، ولا يمكن لهذه الرسائل أن تعمل ما زال هناك إرادة عراقية داخلية".

وأشار أبو رغيف أن "موقع العراق يختلف عن أفغانستان فهو يقع في قلب الشرق الأوسط ودوره الجغرافي والإستراتيجي يؤهله ليكون ممرا نشطا للتجارة العالمية والربط بين قارتي آسيا وأوروبا".

السيناريو الأقرب

من جهته، قال أستاذ السياسة الخارجية في جامعة "جيهان" بمدينة أربيل، الدكتور مهند الجنابي إن "الوضع في العراق يختلف في كثير من المسائل، لأن خطر تنظيم داعش لم يعد بالقدر الذي تمكنه من تكرار هذا السيناريو، إلا إذا تحولت أفغانستان مستقبلا إلى مصدر للإرهاب".

وأكد أن "الأمور غير خاضعة للاستقرارية، لأن المتغيرات كثيرة والنسق الإقليمي تغير كثيرا، فبالتالي المخاطر واردة على العراق، وفي حال حصل انكسار أمني بعد انسحاب القوات الأميركية ربما توسع تركيا نطاق تدخلها في العراق".

ارتدادات واردة

وعلى الصعيد ذاته، قال كاظم الفرطوسي المتحدث باسم "كتائب سيد الشهداء"، إن "ما حصل في أفغانستان وسيطرة طالبان يمكن أن يحرك تنظيم داعش أو القاعدة في العراق، لكن الأمر مختلف لأن من يمسك الأرض وطرد التنظيم من البلاد ما زال موجودا"، في إشارة إلى الحشد الشعبي.

وأوضح الفرطوسي أن "هناك اختلاف بين العراق وأفغانستان، لأن الغالبية العظمى من الشعب العراقي ترفض وجود تنظيم الدولة والحركات الإرهابية، وبالتالي ليس لديهم حاضنة في البلد، كما في أفغانستان".

ولفت إلى أن "وزارتي الدفاع والداخلية والحشد الشعبي يمتلكون إمكانيات قتالية ممتازة جدا وتفوق كثيرا قدرات تنظيم الدولة، وأن الحاضنة الاجتماعية تتمسك في المنظومة الأمنية العراقية، ولا سيما في المناطق المتاخمة لحدود دول إقليمية مجاورة".

وتابع: "لا أعتقد أن ثمة سببا واحدا يجعل العراقيين يرحبون بتنظيم الدولة، وكذلك لا يوجد سبب واحد يجعل الأجهزة الأمنية تتراجع والضعف أمام هذه القوات، نحن لا نؤمن بفرضية إمام خيار تنظيم الدولة أو أمريكا، بل الاثنين شر لابد من دفعه".

ووصف الفرطوسي طالبان بأنها "حركة إرهابية، رغم أنها تتحدث عن تغيير في نهجها لكن لم نر شيئا بعد منها، مستبعدا أن تكون إيران مرحبة بالتغيير الذي شهدته أفغانستان".

اضف تعليق