تحاول بغداد الخروج من عزلتها والانفتاح على جرينها من الاقليمين والعرب، بهدف إعادة ترتيب الأوراق وابعاد البلد عن الصراعات الخارجية وجعله ساحة لتصفية الخصوم.

وسرعت وتيرة استعداداتها لـ"قمة دول الجوار الإقليمي" التي تعتزم استضافتها أواخر الشهر الحالي، وأرسل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مبعوثين إلى دول الجوار الإقليمي لتسليم دعوات حضور المؤتمر.

وسلم وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أمس الرئيس التركي رجب طيب إردوغان دعوة من الكاظمي لحضور القمة. وكان وزير التخطيط العراقي خالد بتال النجم سلّم هو الآخر الأسبوع الماضي أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح دعوة مماثلة ، فيما استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس وزير الدفاع العراقي جمعة عناد سعدون.

والتقى الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، أمس في الرياض، نظيره العراقي، وتناول اللقاء، استعراض أوجه العلاقات السعودية العراقية، وسبل دعمها وتعزيزها بما يخدم مصالح البلدين، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر حيال العديد من القضايا الإقليمية والدولية.

وقال مصدر رسمي عراقي إنه "بالإضافة إلى أن القمة المتوقع انعقادها نهاية شهر أغسطس (آب) الحالي تشمل دول الجوار الجغرافي الست للعراق فإنه من المؤمل توسيع نطاقها لكي تكون قمة إقليمية تشارك فيها أيضا مصر والإمارات وقطر، كما وجهت دعوات إلى دول أوروبية والولايات المتحدة."

وعما إذا كانت الدعوة سوف توجه للرئيس السوري بشار الأسد، قال المصدر الرسمي: "لا يعرف حتى الآن ما إذا كانت ستوجه الدعوة إلى سوريا لحضور المؤتمر أم لا، مع أن جدول أعمال القمة يتضمن مناقشة القضية السورية."

وكانت بغداد استضافت خلال يونيو (حزيران) الماضي القمة الثلاثية بين العراق ومصر والأردن في إطار ما أطلق عليه الكاظمي "المشرق الجديد". وكان الكاظمي نشر في "الشرق الأوسط" في السادس والعشرين من شهر يونيو الماضي مقالا قال فيه إن "استعادة الثقة فيما بين دول الشرق الأوسط كأساس، وبينها من جهة ثانية ودول العالم ليست بالمهمة اليسيرة. وهي لم تبد الآن بهذا الاستعصاء لولا التعقيدات التي أحاطت بها، وما رافق مسيرة تطورها من تفاوت وتباين وشكوك وانقسامات". وفيما بين الكاظمي أن "الاعتراف بهذا الواقع وتعقيداته، وخريطة المصالح ومضارباتها السياسية التي تعتمد وسائل وأدوات ليس من شأنها إطفاء بؤر التوتر والأزمات، ولا تأخذ بالاعتبار مصالح الغير أو حريته في اختيار طريق البناء والتطور المستقل، يشكل إطارا إيجابيا لمد جسور الثقة وبناء قاعدة للتفاهم واحترام إرادة كل الأطراف" فإنه عد أن هناك "بوادر إيجابية تَلوح في منطقتنا وتحرك إرادات قياداتها السياسية نحو الشروع في التخفيف من الأزمات التي عصفت بها وبذل كل جهد متضافر لتصفيرها. وهو ما يتطلب منا تغليب المشتركات التي تجمع شعوبنا".

وعن هذه القمة التي تستعد بغداد لاستضافتها وسط تقاطعات بين دول المنطقة على مستويات مختلفة، يقول الأكاديمي العراقي وأستاذ العلوم السياسية الدكتور عامر حسن فياض لـ"الشرق الأوسط" إن "المبادرة لعقد مثل هذه القمة إيجابية بحد ذاتها بصرف النظر عن النتائج التي سوف تتمخض عنها". وأضاف أن "أكثر من نصف مشاكل العراق هي ليست داخلية بقدر ما هي خارجية حيث إن المعلن هو أنها داخلية لكن المستتر الذي يعرفه الجميع هو أنها مشاكل خارجية، حيث إن مما يؤسف له هو أن كل الأطراف العراقية تقريبا تستقوي بأطراف خارجية من دول محيطة وأخرى بعيدة، وبالتالي فإن بعض هذه الأطراف التي تستقوي بالخارج لا تريد لهذه القمة النجاح، وأن من يريد لها النجاح هي الأقلية العراقية المؤمنة بالعراق كدولة يجب أن تستعيد وضعها الإقليمي والدولي."

وأشار فياض إلى أن "العراق قد لا يكفي أن يكون وسيطا أو قاضيا قادرا على الحكم لكنه يريد من هذه القمة أن يسقط الحجج حيال الآخرين ومن بينها الفكرة المتداولة على مدى سنوات طويلة بعد عام 2003 وهي أن العراق منعزل بينما الحقيقة أن العراق كان معزولا" مؤكدا أن "الولايات المتحدة الأميركية تنبهت إلى هذه العزلة وطلبت من العديد من دول الجوار والدول العربية الانفتاح على العراق لأن هذه العزلة هي التي تركت الفراغ لإيران."

وحول مدى إمكانية نجاح هذه القمة، يقول فياض إن "هذا يعتمد على الضوء الأخضر من الكبار وبخاصة الولايات المتحدة الأميركية" مختتما تصريحه بالقول إن "العراق لا يريد أن يبقى ساحة لتصفية الحسابات بين جيرانه أو دول المنطقة، وبالتالي فإن هذه الدعوة فحواها بدل من أن تتصارعوا في الساحة العراقية تعالوا تفاوضوا في العراق خصوصا أنه لا يريد أن ساحة استقطابات أو محاور."

اضف تعليق