يحتدم الجدل حول الانتخابات العراقية على المستويين الدولي والمحلي ويأتي نفوذ دول جوار العراق على رأس هذا الجدل، حيث اكد الكاتب الصحفي علي الطالقاني، ان الانتخابات العراقية المقبلة ستضع دول الخليج وايران وامريكا امام اختبار للنفوذ، مشيرا الى ان هذا يثير علامات استفهام حول ردة الفعل والقبول بالنتائج.

وقال الطالقاني ان "عدم القبول بنتائج الانتخابات سيدفع هذه الاطراف تجاه لعب اقوى على المستوى الاقليمي فاما حرب واسعة او الابتعاد عن التشكلات الطائفية والقومية".

واضاف "اللاعب القوي والعنيد ايران التي لن ترضى بترك اللعبة لمصلحة دول الخليج مما يفتح الباب على مصراعيه امام احتماليات عديدة من اجل ضرب المصالح الامريكية والخليجية".

تكهنات واشارات

وحول سؤال وجهه مراسل وكالة النبأ للاخبار حول تفسير مقولة " المجرب لا يجرب" التي اطلقها المرجع الديني السيد السيستاني بالآونة الاخيرة، اوضح الكاتب ان "تفسير قاعدة المجرب لايجرب ستكون مختلفة عن تفسير الناخب من خلال حديث المرجعية الدينية قبل الانتخابات، حيث تتحمل تأويلات وتكهنات من قبل الناخب والسياسي على حد سواء، لذلك نحن نرى ان العديد من السياسيين القابعين في السلطة منذ سقوط النظام بعد 2003 وتسنمهم لمناصب حكومية ولدورات متعاقبة اثبت وبالتجربة الفشل الذريع في النهوض بالواقع المرير الذي يعيشه الشعب العراقي على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والخدمية، فمن المنطق والواجب عدم وضع ثقة الناخب بالسياسي الفاسد واعادة انتخابه من جديد".

واستطرد الكاتب قائلا: "تتكهن منظمات ووسائل اعلام بعدد المقاعد في الانتخابات، وتظهر هذه الارقام كلما اقترب موعد الانتخابات. ففي شروط التغطية الصحفية للانتخابات يؤخذ ذلك بنظر الاعتبار توقيتات الظهور لاسباب منها: ان لاتكون هذه البيانات تروج لكتل سياسية معينة او مرشح، وان لاتكون غايتها كسب الجمهور المتردد لصالح الكتل التي تصب في مصلحتها هذه الارقام".

المثقف ودوره التنويري

وفي الشأن الثقافي ودور المثقف في عملية التعجيل بالتغيير وتصحيح المسار، يرى الطالقاني ان "دور المثقف كبير جدا مهما كان زيه ومذهبه الفكري، بالتحليل والنقد والتشخيص للبرامج يستطيع ان يؤدي دورا جوهريا في مساعدة الناخب على اختيار الافضل دون تسمية قائمة او مرشح بعينه".

وحول الحملات الانتخابية التي اثارت استهجان مختلف شرائح المجتمع في طريقة العرض والاسلوب المتبع فيها واعادة ترشيح شخوص بعينها تحدث قائلا: ان "أغلب دعايات المرشحين للانتخابات ظهرت بطريقة سيئة وغير مؤثرة، لأسباب فنية وأخرى تتعلق بشخصية المرشح".

صراع الكراسي

في الخارطة السياسية العراقية تظهر للعيان مكونات تقولبت على نفسها واصابها عدم الثقة بالاخر وادت الى كوارث يحصدها العراقيون بمختلف مكوناتهم وطوائفهم على مدى سنين يقول الكاتب، انه "نتيجة انتهاج سياسات خاطئة من قبل الحكومات المتعاقبة بعد 2003، دفع ثمنها العراقيين غاليا"، ويشير الطالقاني الى ان "الوضع الحالي مختلف تماما حيث ان معظم السنة في العراق ينظرون الى سياسة الحكومة العراقية بتفاؤل من خلال عوامل موضوعية وذاتية، لكن القلق يسود حول وجود داعش في مناطقهم، فيما الوضع عند الشيعة اكثر تعقيد اذ يشعر الشيعة بالاستياء ازاء الحكومة كما تتهم المؤسسة السياسية الشيعية بالحزبية والانقسام والفساد، واما الاكراد لم يعتقدوا ان الحكومة تسير على المسار الصحيح. وان تهديدات داعش ينبغي ان تؤخذ بشكل جاد وخصوصا قبل ايام الانتخابات التي يكون فيها بيان رأي ومواقف دولية ومحلية".

ومضى الطالقاني بحديثه حول الانتشار الجغرافي للنفوذ السياسي، اذ يقول "تبقى الساحة المشتركة هي بغداد، فما تزال المحافظات بما فيها اقليم كردستان تتنافس على روح المدينة، فمن المقدر للعاصمة ان تكون مختبرا للانتخابات العراقية، ويبقى موضوع نقل الصلاحيات والاقاليم على الهامش".

وتسأل الكاتب، هل ستبقى بغداد مختبرا للايديولوجيات؟ هل ستتعايش المحافظات الشيعية والسنية والكردية في بغداد بشكل حقيقي؟.

التجهيل الممنهج

وعن التباين الحاصل في الحملات الانتخابية وطريقة التعاطي معها من قبل المرشحين، بيّن ان "تأشيرة الخروج من النظام الديمقراطي تتم بشكل ممنهج من قبل مرشحين وناخبين، حيث تشهد فترة الدعاية الانتخابية شكلين من أشكال التطرف والجهل، في الأول طرقة من اولئك الذين ينشرون الفوضى والجهل من أجل الوصول الى البرلمان، اما الطرقة الثانية من أولئك الذين يعطون الشرعية. بعضهم مارس التجربة الديمقراطية وبعضهم جُدد، لكن الطرقة الخفية هي تلك الوطنية المناهضة لتجهيل المجتمع، وهي لم تأتي بعد".

واستكمل الطالقاني حديثه مشيرا الى ان "من يمارس التسقيط هو العاجز الذي لايمتلك سلاحا فاعلا او حجة دامغة للخصم، فنجد الجهلاء والفاشلين يستخدمون اساليب قذرة، تؤثر على سمعة الاخرين وعادة ماتصدق هذه الاساليب الاوساط الشعبية البسيطة لكن التأثير اقل داخل الشعوب المتحضرة، باختصار اصبح ظاهرة يلجأ اليها العاجز والجماعات المنغلقة والديكتاتورية".

وعد الكاتب ان ما يحصل في الحملة الانتخابية للمرشحين قبيل الانتخابات يثير الاستغراب اذ قال ان "كل العجب لمرشح يستغفل الناس ويعمل بطريقة ساذجة في دعايته الانتخابية دون معرفة جدوى مايقوم به من اعلام، اذ لازال بعض المرشحين يعتقدون ان الناخب العراقي لازال ساذجا ولازال الكثير من المرشحين يستغلون فقر الناس واستدراجهم عبر اساليب غير عادلة".

ولفت الطالقاني الى ان "قوائم انتخابية كررت نفس الخطأ عندما وضعت مرشحين معظمهم كانوا في السلطة على مدار اربعة عشر عاما على رأس القائمة، لم يحققوا شيئا من طموحات الناخب الذي ينشد الاصلاح والتغيير".

وعن دور الاعلام في عملية الانتخابات وقرائته للوضع الداخلي، قال الكاتب انه "تعددت القراءات من جهة واخرى، سواء اعلامية او غيرها للمشهد السياسي وابعاده في العراق وكل حسب توجهه وميوله، لكن يتضح لنا في قراءة معمقة للبيت الداخلي العراقي من خلال قنوات اعلامية محلية معروفة التسقيط المبرمج حتى داخل الطائفة الواحدة واللعب السياسي بشكل واضح، بينما نقرأ البيت الداخلي العراقي بوسائل الاعلام الاجنبية فانها ترسم ملامح شكل البلاد وفق التحالفات الدولية التي يتيه فيها المتلقي بعيدا عن الجزئيات التي تبنى عليها العملية السياسية لانها مدعومة محليا وبفرض واقع الحال".

ونبه الكاتب في خلاصة حديثه الى ان لم يظهر الخطاب السياسي للاحزاب الاسلامية حسرتها وحنينها الى نظام ديني كما كان سابقاً، ولم نجد أملا للاحزاب العلمانية بان تتخلص منها. مستخلصا ان "هذا يعني ان الفريقين وقعوا في متاهة، وان هذه النخب اسيرة السلطة". انتهى/خ.

اضف تعليق