أشعل قرر مجلس الوزراء، برفع أسعار البنزين المحسن، غضب العراقيين، لما له من تداعيات اقتصادية على المواطنين، فيما حملت رسائلهم تذكير بما تسبب به مثل هذا القرار في الستينيات من القرن الماضي . 

وصوّت مجلس الوزراء خلال جلسته الاعتيادية، أمس الثلاثاء برئاسة شياع السوداني، على زيادة سعر البنزين المحسن (عالي الأوكتان) من 650 ألف دينار للتر الواحد إلى 850 دينارا للتر، والبنزين الممتاز من 1000 دينار إلى 1250 ديناراً للتر الواحد، اعتباراً من 1 آيار/ مايو المقبل.

زيادة على الضرائب والغرامات وتهالك الشوارع 

ويقول صاحب سيارة أجرة (تاكسي) علي محمد من بغداد، إن "أصحاب التكاسي يعانون من الضرائب المرتفعة ومن الغرامات المرورية شبه اليومية، يرافق ذلك تهالك الشوارع التي تسبب الضرر للسيارة"، مبينا أن "قرار رفع سعر البنزين 200 دينار مرة واحدة جاء ليكون القشة التي تقصم ظهر البعير، فهو فارق كبير سيفاقم المعاناة في سبيل كسب لقمة العيش".

ويأتي هذا القرار، بعد قرار اتخذته حكومة مصطفى الكاظمي في العام 2020، بتخفيض أسعار البنزين عالي الأوكتان "المحسن" الى 650 ديناراً بدلاً من 850 ديناراً للتر الواحد.

ويضيف محمد، أن "أصحاب سيارات الأجرة سيتضررون كثيراً من هذا القرار، حيث ستكون مصاريف البنزين باهظة عليهم، كما ستشكل عبئاً إضافياً على الموظفين، فلم تتم زيادة رواتبهم لتغطية هذا الارتفاع الجديد بالأسعار، لذلك على وزارة النفط التدخل وإيجاد حل وإعادة النظر بسعر البنزين". 

فيما يقول  حسين سجاد من محافظة كربلاء (موظف)، إن "غلاء البنزين سوف يؤثر سلباً على المواطن بصورة عامة والموظف بصورة خاصة، لأن رفع السعر يعد صرفاً إضافياً على راتب الموظف الذي لا يزال كما هو في ظل غلاء الحياة المعيشية باستمرار".

البنزين العادي يدمر محركات السيارات

ويقلل بعض المراقبين من تأثير رفع سعر "البنزين المحسن" على ارتفاع أسعار النقل بشكل عام، حيث يرون أن أسعار البنزين "العادي" باقية كما هي دون تغيير، وفق ما أفاد به مصدر حكومي.  

وعن هذه التبريرات، يقول عمار قاسم (سائق سيارة)، إن الغالبية العظمى من المواطنين يلجؤون الى استخدام البنزين المحسن (عالي الأوكتان)، ويبتعدون عن البنزين العادي بسبب رداءته، مضيفا أن هذا البنزين الرديء يتسبب في أعطال السيارات وتصليحها باهظ الثمن، سيما وأن غالبية المركبات بمحركات لا تتفق مع طبيعة هذا البنزين "الرديء" وفق وصفه.    

قرار "مفاجئ" بعد تخفيض الاستيراد للنصف

وأكدت شركة توزيع المنتجات النفطية، في 20 آذار الحالي، انخفاض كمية استيراد البنزين إلى النصف بعد تشغيل مصفى كربلاء، وبينت أن خطة الوزارة لإنهاء استيراد البنزين ماضية وفق سقفها الزمني.

وقال مدير عام الشركة حسين طالب، إن "وزارة النفط وضعت خطة ضمن سقف زمني لإنهاء عملية استيراد المشتقات النفطية وخصوصاً مادة البنزين"، مبيناً أنه "بعد تشغيل مصفى كربلاء انخفضت كمية استيراد البنزين إلى 7 ملايين لتر بعد أن كان العراق يستورد 14 مليون لتر". 

وتابع طالب، أنه "بعد تشغيل مصفى الشمال فإن استيراد البنزين سينخفض إلى 4 ملايين لتر"، موضحاً أن "زيادة الطاقة الإنتاجية للمصافي الوطنية سيعوض ما تبقى من استيراد البنزين".

ولفت طالب، إلى أن "العراق أنهى ملف استيراد المنتجات الأخرى من الغاز والنفط الأبيض بعد أن وصل الإنتاج المحلي إلى الاكتفاء الذاتي".

رفض واسع للقرار

ويقول المواطن محمد يوسف،  إن ارتفاع أسعار البنزين يعني ارتفاع أسعار النقل وسوف يصطحب معه ارتفاعاً بجميع المواد، وارتفاع المواد يقع على كاهل المواطن وخصوصاً ذوي الدخل المحدود والموظفين غير المرتشين، متسائلا "هل فكرتم بالسوق وما يحدث فيه، في وقت تنتظر الناس خفضاً لتكاليف العيش يرفعون سعر البنزين ونحن في بلد نفطي؟

وطالب يوسف رئيس الوزراء، "بإعادة النظر بالقرار لأنه يضر بالناس".   

فيما يقول المواطن عادل الوادي، إن قرار مجلس الوزراء برفع أسعار البنزين على حساب الشعب العراقي هو قرار جائر واستغلال واضح للشعب، مشيرا إلى أنه يرفض سياسة التجويع الهادئة هذه خصوصا وان هنالك المزيد من الضرائب قادمة، داعيا ممثلي الشعب لأن يأخذوا دورهم بالوقوف بالضد من هذا القرار.

قرار "غير صحيح"

وتعليقاً على ذلك وعن رفع سعر البنزين، يقول الخبير الاقتصادي، عبدالرحمن الشيخلي، إن "العراق بلد نفطي ويعوّل فيه على المخزون النفطي والاحتياطات والتصدير، وهناك محطات لتصفية النفط وإنتاج المنتجات النفطية دخلت إلى الخدمة، كما استأنفت مصافي كانت متوقفة عن العمل، وهذا كان من المفترض أن يخفض سعر البنزين لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطن لا العكس". 

تذكير بإضراب عام "شل العراق"

ويضيف الشيخلي، أن "على الحكومة عدم المقارنة مع سعر البنزين في دول الجوار وفي الدول الأوروبية، فالعراق له خصوصية ومختلف عنها".

وتابع قائلا، "لتتذكر حكومة السوداني، أن تظاهرات كبيرة اندلعت في ستينيات القرن الماضي، وحصل إضراب عام شل العراق بسبب زيادة سعر البنزين 10 فلوس فقط".

ويؤكد، أن "صدور هذا القرار من جهة فوقية لا تعلم بأحوال الشعب وما يعانيه ليس بصحيح، وكان من المفترض مناقشة هذا القرار من خلال البرلمان الذي فيه ممثلين عن الشعب ويشعرون به".

ورأى أن "للقرار تداعيات اقتصادية، منها ارتفاع أسعار المواد الغذائية والخدمات بحجة ارتفاع أسعار النقل، وكذلك أجرة التكاسي، وبالتالي سوف تقل القدرة الشرائية للمواطنين، لذلك يجب إعادة النظر بالقرار خلال مدة الشهر التي أعطيت لتنفيذه في 1 آيار المقبل".

ويقول الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي، إن السوق العراقية حساسة جدا ونسب التضخم مرتفعة بسبب الدولار وقلة الناتج المحلي، مبينا أن أي زيادة تعتبر غير مبررة حاليا وتأزم السوق بدون وجود مسوغات تبررها.

وبين، أن هذا القرار يأتي في ظل توجه الدولة الجديد نحو زيادة الجباية من المواطن بمختلف الوسائل دون الاهتمام بإيجاد تنمية حقيقية التوسع في الجباية. 

وأضاف أن زيادة الأسعار سيضغط على الشارع ويثلم العلاقة الإيجابية بين المواطن والحكومة التي تعد أول حكومة تمثله وتهتم بمعالجة مشاكله، متمنيا التراجع عن مثل هذه القرارات التي توقيتها غير مدروس وآلياتها ارتجالية واللجوء لوسائل خارج الصندوق لدعم ثقافة الدفع الإلكتروني وتعزيز التنمية الحقيقية وتعزيز المناخ الاستثماري والابتعاد عن أي قرارات تعتبر منفرة للاستثمار.

إلى ذلك يقول الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، إن أسعار البنزين ترتبط بدرجة كبيرة بأسعار النفط الخام، اذ بلغ سعر لتر البنزين المحسن عام 2021 نحو 1000 دينار لكل لتر وهو ما أدى إلى تحمل العراق لخسارة سنوية مقدارها اكثر من مليار دولار لدعم سعر البنزين المحسن داخليا".

اضف تعليق