يثير تشكيل كتلة سنية جديدة تحمل اسم “الصدارة”، التساؤل حول موعد الإعلان عنها بالتحديد وعن الجهة التي تقف وراءها.

وأعلن خمسة قياديين في تحالفيْ السيادة والعزم انسحابهم من التحالفين وتشكيل كتلة الصدارة النيابية، وعزوا ذلك إلى السعي لضمان التوازن الوطني وعودة النازحين إلى مناطقهم. والمنسحبون هم النائبان عن السيادة محمود المشهداني وطلال الزوبعي، والنائبان عن العزم خالد العبيدي ومحمد نوري عبدربه، والسياسي الشيخ فارس الفارس.

الكتلة الجديد تثير التساؤل ما إذا كان امتدادا للعبة الانشقاقات داخل الجسم السني في البرلمان العراقي، أم أن الهدف منه تصعيد العبيدي كمرشح مدعوم من إيران لتجاوز الخلاف السني – السني المحتدم حول خلافة محمد الحلبوسي على رأس البرلمان.

ويظهر إعلان الكتلة في هذا التوقيت عن مسعى لإبطال الاتفاق الذي تم قبل أسبوع بين كتل السيادة والعزم والحسم على ترشيح رافع العيساوي من دون مبررات واضحة للتراجع، وهو ما يرشح أن يكون العامل الخارجي هو الذي يقف وراء ذلك، خاصة أن هذه الكتل كانت قد حثت الإطار التنسيقي الحاكم في البلاد على التصويت للعيساوي من أجل حسم الملف.

لكن الإطار لم يبد تحمّسا لترشيح العيساوي، وهو ما كشفه حديث رئيس دولة القانون نوري المالكي الذي فتح فيه الباب أمام ترشيح شعلان الكريم مجددا بالرغم من الإطاحة به في السابق على يد الإطار بدعوى الانتماء إلى حزب البعث المنحل، وهو ما يعني أن الإطار يبحث عن مرشح جديد يرجح المراقبون أن يكون العبيدي.

وحرص وزير الدفاع السابق في تصريحاته الأخيرة على توجيه إشارات إيجابية إلى الإطار التنسيقي، والحديث عن وجود اتصالات وتنسيق بشأن القضايا السياسية، بما في ذلك أزمة رئاسة البرلمان. كما حرص على إظهار مواقف متماشية مع مصالح إيران مثل انتقاده الحفاوة في استقبال وزير الدفاع ثابت العباسي لوزير الخارجية التركي هاكان فيدان في الصيف الماضي. وقال إنها طريقة “غير لائقة وغير مقبولة، وكان من المفترض أن يكون اللقاء ندا بند بين وزيرين وليس بهذه الطريقة”.

ويتضمن هذا التصريح إشارة واضحة إلى أن العبيدي ينأى بنفسه عن تركيا وأي تعاون معها على عكس قيادات سنية أخرى، وأنه يتفهم مآخذ إيران على الوجود التركي. ولن يجد العبيدي فرصة للعودة إلى الواجهة من دون الرهان على الإطار التنسيقي والتحالف معه، والنأي بنفسه عن رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي وأي طرف خارجي مناوئ لمصالح إيران. وسبق للعبيدي أن عمل وزيرا للدفاع، ومن السهل على الإطار التعامل معه وفق المقاييس والشروط التي يضعها له للسير عليها.

ونجحت الأحزاب الشيعية منذ 2003 في إثارة الخلافات داخل الكتل السنية واستقطاب البعض وترك البعض الآخر، لأن تلك الأحزاب تريد استدامة السيطرة والحفاظ على مشاريعها في مناطق مثل الموصل. ولم يكن ترشيح قيادات سنية من قبل الأحزاب الشيعية أمرا جديدا، فالعبيدي نفسه صعد إلى منصب وزير الدفاع بدعم منها وأطيح به برغبة منها.

واندلع اشتباك بين العبيدي الذي شغل حقيبة الدفاع في حكومة حيدر العبادي ورئيس البرلمان سليم الجبوري انتهى بإزاحة العبيدي من المنصب بعد أن تواطأ ضدّه الجبوري مع قوى وأحزاب شيعية، وخلال الانتخابات التي تلت تلك الأحداث بسنتين دفع الجبوري نفسه ثمن الصراع ضد أبناء جلدته، حيث لم يستطع حتى الحفاظ على مقعده في البرلمان.

وقال المنسحبون الخمسة في بيان “انطلاقاً من حرصنا الوطني المبني على الاستجابة لمطالب شعبنا العراقي كافة، وتلبية لاحتياجات أهلنا وجماهيرنا لتحقيق تمثيل فعلي وشراكة صحيحة في صنع القرار السياسي، نعلن عن تشكيل كتلة ‘الصدارة’ السياسية البرلمانية الجديدة”. وأضافوا أن “قرار تشكيل هذه الكتلة جاء كضرورة وطنية ترتكز على مبادئ الشفافية والوضوح والصدق والثقة المتبادلة والحوار والتعاون والقرار المشترك فيما بين أعضاء الكتلة ومع الآخرين”.

وتابعوا قائلين “سنبدأ بفتح حوارات مع كل الأطراف السياسية المؤثرة والكتل البرلمانية دون استثناء لتنفيذ بنود الاتفاق السياسي في تشكيل الحكومة الحالية، وفي مقدمتها ضمان التوازن الوطني وتحقيق المطالب المشروعة لأهلنا في المناطق المحررة والإسراع بإعادة النازحين وتعويضهم لاستعادة حياتهم في مناطقهم، وحسم تشريع قانون العفو العام”.

وتعتبر المطالب المذكورة في البيان أمرا مألوفا وسبق ذكره في مختلف البيانات السنية. والهدف من ذكرها هو التغطية على أسباب الخلاف وعن الجهات التي تقف وراءه. وقادت الانشقاقات والخلافات سنة العراق إلى الاقتناع بفكرة أن العملية السياسية غير المتوازنة لن تحقق لهم أي مكْسب.

وعلى مدى أربع محاولات أخفق البرلمان في انتخاب بديل عن الحلبوسي، بسبب عدم التوافق على مرشح واحد.

ع.ع

اضف تعليق