ما يزال الهجوم على قاعدة أمريكية في الأردن ومقتل 3 جنود أمريكيين وإصابة 25 آخرين، يشغل العالم بتداعياته وأثاره وخيارات الرد الأمريكي، ومع تصاعد حدة التوتر جراء الهجوم تتوعد الولايات المتحدة الأمريكية بالرد في الزمان والمكان المناسبين، فيما تحاول إيران إبعاد التهمة عن نفسها.
وكانت القيادة المركزية الأمريكية، قد قالت في بيان لها يوم (الأحد 28 كانون الثاني/ يناير)، إن ثلاثة من أفراد الخدمة قتلوا، وأصيب 25 آخرون في هجوم بطائرة مسيرة "استهدف قاعدة في شمال شرق الأردن".
وقال مسؤول في البنتاغون في تصريحات، (الأحد 28 كانون الثاني/ يناير)، إن واشنطن تحمّل الميليشيات الإيرانية مسؤولية الهجوم على القوات الأميركية في الأردن، مضيفا "نعتبر ما تعرضت له قواتنا في الأردن تصعيدًا خطيرًا".
ويمثل الهجوم تصعيدًا كبيرًا في التوترات التي تجتاح الشرق الأوسط، وسط مخاوف من تحول الحرب في غزة إلى صراع يشمل جماعات متحالفة مع إيران في لبنان واليمن والعراق وسوريا، وجاءت الضربة بعد أكثر من 150 هجومًا بمسيرات وصواريخ نفذتها مجموعات موالية لإيران على القوات الأميركية في العراق وسوريا.
وتتمتع قاعدة البرج 22 بموقع استراتيجي مهم في أقصى نقطة شمال شرق الأردن حيث تلتقي حدود المملكة مع سوريا والعراق، ولا يوجد سوى القليل من المعلومات المعلنة عن القاعدة، لكنها تشمل الدعم اللوجستي ويوجد فيها 350 جنديًا من الجيش والقوات الجوية الأمريكية.
الهجوم على قاعدة أمريكية في شمال شرق الأردن، لم يكن الهجوم الأول على قواعد الولايات المتحدة المنتشرة في الشرق الأوسط، لكن المختلف في الهجوم سقوط عدد من القتلى والجرحى من الجنود الأمريكيين، وهذا يعتبر تطورًا جديدًا في سلسلة الهجمات على القواعد الأمريكية بالمنطقة.
إيران في دائرة الاتهام
اتهم الرئيس الأميركي جو بايدن، (الأحد 28 كانون الثاني)، الجماعات المسلحة المدعومة من إيران بالوقوف وراء الهجوم، الذي استهدف قاعدة شمال شرقي الأردن.
وجاء في بيان البيت الأبيض بشأن الهجوم: "اليوم، قلب أميركا مثقل، الليلة الماضية، قتل 3 من أفراد الخدمة الأميركية وأصيب العديد خلال هجوم جوي بطائرة lk دون طيار على قواتنا المتمركزة شمال شرق الأردن قرب الحدود السورية، بينما لا نزال نجمع حقائق هذا الهجوم، فإننا نعلم أنه تم تنفيذه من قبل الجماعات المسلحة المتطرفة المدعومة من إيران والعاملة في سوريا والعراق".
وأضاف البيان، "أنا وجيل (زوجة الرئيس الأميركي) ننضم إلى عائلات وأصدقاء من سقطوا – والأميركيين في جميع أنحاء البلاد – في الحزن على فقدان هؤلاء المحاربين في هذا الهجوم الدنيء والظالم تماما، المعركة ضد الإرهاب لن نتوقف عنها، وسنواصل التزامهم بمكافحة الإرهاب، لا يساوركم أدنى شك في أننا سنحاسب جميع المسؤولين في الوقت وبالطريقة التي نختارها".
اتهام جو بايدن لجماعات موالية لإيران بالهجوم، يضع طهران التي تحاول أن تنأى بنفسها في دائرة الاتهام من قبل الولايات المتحدة، وبذلك تكون في خط الاستهداف الأمريكي المباشر، في أطار الرد في الزمان والمكان المناسبين حسب ما يقول بايدن.
طهران نفت بعد يوم من الهجوم صلتها بما جرى، وفق ما جاء في بيان لوزارة الخارجية نقلته وكالة الأنباء الرسمية (إرنا) عن المتحدث باسم الوزارة ناصر كنعاني قال فيه إن "هذه الاتهامات غرضها سياسي وتهدف إلى قلب الحقائق بالمنطقة" وذلك تعقيبا على بيان لوزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون دعا فيه طهران إلى "وقف التصعيد".
كما أصدرت الخارجية الإيرانية بيانا وصفت فيه اتهام طهران بالوقوف وراء الهجوم بأنه "باطل" مؤكدة أن "الاتهامات لا أساس لها، وهي مؤامرة لمن مصلحتهم جر أميركا إلى معركة بالمنطقة".
وأضافت أن "قوات المقاومة في المنطقة لا تتلقى الأوامر منا وتتخذ قراراتها للدفاع عن الشعب الفلسطيني بشكل مستقل"، فيما اعتبرت أن "انتهاكات أميركا للسيادة العراقية والسورية وهجماتها على اليمن أدت إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار".
بيان وزارة الخارجية الإيرانية لم يقتصر على نفي الصلة بالهجوم ودفع الشبهة عن إيران، بل تناول أمر آخر في غاية الأهمية وهو البراءة من تحركات الجماعات المسلحة بالقول إنها لا تتلقى الأوامر من إيران بل تتخذ قراراتها للدفاع عن الشعب الفلسطيني بشكل مستقل، ويتضح من ذلك ترك طهران الجماعات المسلحة تتحمل مسؤوليتها بنفسها وتواجه مصيرها في ظل التداعيات الخطيرة للهجوم.
العراق بين موقفين
تعليقاً على الهجوم بطائرة مسيرة الذي طال قاعدة أميركية على الحدود الأردنية السورية، أعرب العراق عن استنكاره وإدانته لتلك الضربة، وشددت الحكومة العراقية في بيان، يوم الاثنين 29 يناير 2024، على أنها تراقب "هذا التصعيد المستمرّ وخصوصاً الهجوم الأخير الذي وقع على الحدود السورية - الأردنية، كما تتابع بقلق بالغ التطورات الأمنية الخطيرة في المنطقة".

كما دعت إلى "وقف دوامة العنف"، محذرة من اتساع النزاع، في إشارة إلى توسع الحرب الدائرة منذ السابع من أكتوبر الماضي بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس في قطاع غزة. وأكدت "استعدادها للعمل على رسم قواعد تعامل أساسية تجنب المنطقة المزيد من التداعيات، وتحول دون اتساع دائرة الصراع.
إلى ذلك، نبهت من أن تلك التطورات تهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي، وتقوض جهود مكافحة الإرهاب والمخدرات، وتعرض كذلك التجارة والاقتصاد وإمدادات الطاقة للخطر.
لكن للجماعات المسلحة الموالية لإيران في العراق رأي آخر مخالف تماماً لما جاء على لسان حكومة بلادها، فالكثير من الهجمات على القواعد الأمريكية في العراق تتبناها تلك الجماعات بشكل رسمي، وقد ازدادت وتيرة الهجمات في الفترة الأخيرة، وحتى بيان الحكومة الأخير لم يأتي على هواها.
الصين تحذر من "دوامة انتقام" 
حذرت الصين، يوم أمس الأول، من "دوامة انتقام" في الشرق الأوسط بعدما توعدت واشنطن بالرد على هجوم بطائرة مسيرة أدى إلى مقتل 3 عسكريين في قاعدة في الأردن.
وقال الناطق باسم الخارجية الصينية وانغ ونبين "نأمل بأن تبقى جميع الأطراف المعنية هادئة وتحافظ على ضبط النفس... لتجنب السقوط في دوامة انتقام وتجنب مزيد من التصعيد والتوتر الإقليمي".
خيارات الرد على الهجوم
تدرس الولايات المتحدة خيارات عدة للرد على الهجوم بالمسيرات الذي استهدف قواتها في الأردن، ويبدو أن لغة التهديد القوية التي تستخدمها واشنطن هذه المرة أثارت مخاوف جدية لدى إيران وأذرعها في المنطقة.
ونقل موقع "بوليتيكو" الإخباري عن مسؤولين أميركيين القول، إن من بين الخيارات المطروحة أمام البنتاغون للرد على الهجوم الأخير ضد القوات الأميركية، استهداف أفراد إيرانيين في سوريا أو العراق، أو ضرب الأصول البحرية الإيرانية في الخليج.
ورجح المسؤولون أنه من المنتظر أن يأتي الرد على شكل موجات ضد مجموعة من الأهداف.
وكشف تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" أن الولايات المتحدة تدرس توجيه ضربات داخل إيران وضد الجماعات الموالية لطهران في سوريا والعراق، ردا على تعرض قواتها لهجوم بطائرة مسيرة.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، يوم الثلاثاء 30 يناير 2024، إنه اتخذ قراره بشأن طبيعة الرد على الهجوم، لكنه لم يتطرق لتفاصيل، ونقلت وكالة رويترز عن بايدن قوله لصحفيين لدى مغادرته البيت الأبيض إلى جولة انتخابية في فلوريدا إن الولايات المتحدة لا تريد اتساع رقعة الحرب في الشرق الأوسط.
كل الخيارات تبقى مطروحة وممكنة بخصوص الرد الأمريكي، باتجاه التصعيد او التهدئة، وتصريح بايدن الأخير بعدم الرغبة باتساع رقعة الحرب في الشرق الأوسط، يكشف عدم وجود نية أمريكية بفتح أكثر من جبهة في المنطقة المليئة بالصراعات والتجاذبات، وقد يكون مؤشرا إيجابيا في الوقت ذاته ورسالة مطمئنة لدول المنطقة، من الانزلاق لحرب واسعة، لكن هذا لا يمنع من الرد الأمريكي بتوجيه ضربات ردا على الهجوم.
هل بدأت ساعة الرد؟
نفذت القوات الأميركية، الليلة الماضية، ضربات انتقامية استهدفت أكثر من 85 موقعا تابعا للحرس الثوري الإيراني والجماعات المتحالفة معه في العراق وسوريا ردا على هجوم الأردن.
وقال بيان للقيادة الوسطى الأميركية "في الساعة 4:00 مساءً (بتوقيت شرق الولايات المتحدة) في 02 فبراير، شنت قوات القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM) غارات جوية في العراق وسوريا ضد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وجماعات الميليشيات التابعة له."
وأضاف البيان: "ضربت القوات العسكرية الأميركية أكثر من 85 هدفًا، مع العديد من الطائرات التي تشمل قاذفات بعيدة المدى انطلقت من الولايات المتحدة. استخدمت الغارات الجوية أكثر من 125 ذخيرة دقيقة التوجيه. وشملت المنشآت التي تم قصفها عمليات القيادة والسيطرة."
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن: "هذا المساء وبناء على توجيهاتي نفذت القوات الأميركية ضربات على منشآت في العراق وسوريا يستخدمها الحرس الثوري الإيراني والفصائل المتحالفة معه في مهاجمة القوات الأميركية."
وأضاف بايدن أن أن الرد الأميركي بدأ اليوم وسيستمر في الأوقات والأماكن التي نحددها، مشرا أن الولايات المتحدة لا تسعى لصراع في الشرق الأوسط أو أي مكان آخر في العالم.
وأشارت وسائل إعلام سورية إلى أن "العدوان الأميركي" استهدف عددا من المواقع بمناطق صحراوية في سوريا وعلى حدودها مع العراق أوقع قتلى ومصابين.
من جهته أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن 18 مقاتلا من الجماعات الموالية لإيران سقطوا في الضربات الأميركية على سوريا.
وأعلن الحشد الشعبي في العراق، اليوم السبت، الحصيلة الرسمية القصف الأمريكي على قاطع عمليات الانبار، وذكر بيان لهيئة الحشد أنه "تزف قيادة عمليات الانبار للحشد ولواء 13 الطفوف 16 شهيدا و25 جريحا إثر العدوان الامريكي الجبان على قاطع عمليات الانبار للحشد".

اضف تعليق