أمير الأسدي/ كربلاء

فتحت حادثة قاعة الحمدانية في محافظة نينوى شمال العراق، والتي راح ضحيتها المئات من المواطنين بين قتيل وجريح خلال تجمعهم لإحياء حفل زفاف، ونشوب حريق في قاعة للأعراس في البلدة، فتحت الحديث مرة أخرى حول الأبنية المخالفة لشروط السلامة في أغلب محافظات البلاد.

حادثة حريق الحمدانية لم تكن الأولى التي تتسبب بسقوط عدد كبير من الضحايا نتيجة غياب إجراءات السلامة، بل أعادت هذه المأساة إلى الأذهان ذكرى حريقين اجتاحا مستشفيين في العراق عام 2021، مما أودى بحياة ما لا يقل عن 174 شخصا، وأُلقي باللوم فيهما آنذاك على الإهمال والفساد والتراخي في تطبيق اللوائح.

غياب تطبيق إجراءات السلامة في الأبنية الحكومية والأهلية انتشر بشكل واضح في البلاد في السنوات الأخيرة، فقد كشفت مديرية الدفاع المدني في العراق، في 19 أكتوبر 2023، عن تسجيل أكثر من 14 ألف حريق في البلاد منذ بداية العام الحالي 2023 حتى سبتمبر/ أيلول الماضي، فيما أكدت تراجعاً بسيطاً بحوادث الحرائق، مقارنةً بالأعوام الماضية.

غياب إجراءات منع البناء المخالف للشروط

وعلى الرغم من تشخيص أسباب أغلب تلك الحرائق، التي تعود إلى البناء بألواح "الساندوتش بانل" (Sandwich panel) سريع الاشتعال، وعدم استقرار التيار الكهربائي، ونقص التزام شروط السلامة وقواعدها في البنايات، إلا أنّ الحال ما زال على ما هو عليه، والجهات المسؤولة لم تتخذ أي إجراءات لمنع البناء المخالف للشروط، وهو ما يسبّب باستمرار حرائق جديدة.

المدارس ليست بمعزل عن ما يجري، فالعديد من المحافظات العراقية توجد فيها العشرات من المدارس الكرفانية التي تفتقد لشروط السلامة، ومعرضة في أي لحظة لحدوث حرائق وازهاق حياة المواطنين، ففي محافظة كربلاء وحدها هناك 40 مدرسة كرفانية، تحتضن الطلبة شيدت منذ منتصف عام 2014.

40 مدرسة شيدت عام 2014 في كربلاء

قال مدير الأبنية المدرسية في مديرية تربية كربلاء مؤيد الأسدي لوكالة النبأ، إن عدد المدارس الكرفانية في المحافظة يصل إلى أكثر من 40 مدرسة شيدت منذ منتصف عام 2014، بتوجيه من الوزارة لاحتواء أكثر من 20 ألف تلميذ وطالب استقبلتهم التربية حينها، ولضمان عدم تسربهم وضياع العام الدراسي عليهم.

ولفت الأسدي إلى أن المديرية خلال السنوات الماضية عملت على إجراء العديد من الإجراءات لتقليص هذه المدارس، وكلما تفتتح أبنية جديدة يتم نقل طلبة المدارس الكرفانية إليها، وخلال هذا العام أغلقت 7 مدراس كرفانية مع تحويل طلابها إلى أبنية جديدة.

وأشار الأسدي إلى أن المديرية عملت على أعداد خطة لعام 2024 وإرسالها إلى الحكومة المحلية في كربلاء وتشمل بناء 50 مدرسة جديدة ستغني عن 14 مدرسة كرفانية.

وأوضح الأسدي، أن محافظة كربلاء، شهدت هجرة عشوائية غير منتظمة من باقي محافظات العراق، والمحافظة عالمية تستقطب الألف من العوائل بسبب الاستقرار الأمني والاقتصادي، وتوفر فرص العمل، بالإضافة إلى عملية تفتيت آلاف الأراضي الزراعية وتحويلها إلى مناطق سكنية بالتالي هذه الأمور أدت إلى تضخم عدد السكان حيث يصل عدد سكان كربلاء إلى 4 ملايين في الواقع بينما في السجلات الرسمية يبلغ عدد السكان 1 مليون".

ولفت الأسدي إلى أن هذا التضخم السكاني أدى إلى تفاقم الأزمة السكانية وزيادة النقص في عدد الأبنية الدراسية بالتالي لا يمكن معالجة الأزمة المدرسية بعام أو عامين.

 

مدارس متهالكة ومهددة بالخطر

ويقول المواطن سيف شاكر لوكالة النبأ، أن مدارس أبنائه الاثنين متهالكة وغير مؤهلة ومهددة بالخطر، لانها تتكون من مادة سريعة الاشتعال، كذلك فانها لا تقي من حر الصيف اللاهب ولا صقيع الشتاء وكل هذا على حساب الطلاب الذين حرموا حتى من حق التعليم.

ويضيف، أن "الدراسة في المدارس الكرفانية مزرية وصعبة، فهي تفتقر إلى ابسط المقومات والبنى التحتية والمياه الصحية والقاعات الدراسية المتكاملة، بالإضافة إلى مخاطر التماس الكهربائي الذي يحدث أثناء هطول الأمطار كونها مصنوعة من الحديد الموصل للكهرباء ولكننا مضطرون إلى ذلك لعدم توفر البديل".

المدارس الكرفانية تستخدم في حالات الطوارئ

سلبيات عديدة للمدراس الكرفانية من بينها فقدانها لمعايير المدارس النموذجية المبنية وفق مواصفات هندسية خاصة بينما المدارس الكرفانية تستخدم للطوارئ وفي الحالات الخاصة، اما في حالة الاستقرار السياسي والأمني فيجب ان تلغى، وفقا لما قاله الصحفي والاكاديمي الدكتور مسلم عباس.

وأضاف عباس، أن الحل الأساسي لهذه الأبنية الكرفانية بالقضاء على جذورها ومسبباتها وهي محاربة الفساد المالي والإداري المنتشر في دوائر الدولة فضلا عن تهاون المسؤولين فيما يتعلق بحماية ورعاية القطاع التعليمي في العراق.

 

ولفت عباس "اننا نحتاج الى جهود مضاعفة وإرادة سياسية جبارة في محاربة الفساد وهذا هو الهدف الأساسي بالإضافة الى جهود مجتمعية تضغط على صانع القرار السياسي ليكون مجبرا على تنفيذ مجموعة من الإجراءات التي تصب في صالح العملية التربوية ومنها بناء مدارس نموذجية قادرة على استيعاب الاعداد المتزايدة من الطلاب وحمايتهم لا سيما وان العراق من البلدان التي تشهد زيادة سكانية كبيرة".

اضف تعليق