خلص باحثون، ومن خلال دراسة علمية، عن أن وجود الأجهزة الذكية قرب السرير يزيد من مشكلات النوم لدى الأطفال بنسبة 27%، داعين إلى أهمية الامتناع عن مواصلة وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم بمدة كافية.

وتشير الدراسة إلى، أنه" من الضروري أن يوضع الهاتف المحمول خارج غرفة النوم بشكل كامل، حتى يتمكن المراهق من نيل قسط وافر من النوم، الذي يعد من أهم المقومات التي تحافظ على الصحة العضوية والنفسية للمراهق، خصوصاً في بداية فترة المراهقة ومع نهاية فترة الطفولة المتأخرة، حيث يلعب النوم دوراً كبيراً في الراحة الجسدية، كما يتيح أيضا فرصة لنمو الخلايا العصبية والنمو الإدراكي".

الدراسة التي نشرت في نهاية شهر مايو (أيار) من العام الحالي في الإصدار الإلكتروني من مجلة صحة النوم Sleep Health، لعلماء من جامعات الولايات المتحدة مثل جامعة كاليفورنيا the University of California, San Francisco وأيضاً علماء من جامعة تورنتو بكندا أوضحت، أن" مجرد التخلص من الهواتف الذكية قبل النوم يعد العامل الأساسي في الدخول إلى النوم أكثر من أي عامل آخر، مثل الالتزام بميعاد معين على سبيل المثال، بل يمكن عدها الطريقة الوحيدة للنوم الهادئ؛ لأن المراهق في الأغلب يتابع إشعارات notifications متتالية للكثير من التطبيقات التي لا تكف عن إرسال أخبار على مدار الساعة عن الأشخاص والأماكن المختلفة والأحداث".

ووجد الباحثون، أن" إبقاء الأجهزة الذكية بشكل عام خارج غرفة النوم، وإيقاف تشغيل إشعاراتها، وتجنب مطالعة الأخبار في السرير يرتبط بشكل أساسي بتحسن نوعية النوم بين المراهقين، من حيث النوم المتواصل، وأيضاً النوم بعمق، كما انخفضت احتمالات حدوث الأحلام المزعجة بشكل كبير في أثناء النوم".

وأكد الباحثون، أن" بقاء الهاتف الذكي خارج الغرفة أفضل من وضعه في الداخل، حتى لو جرى غلق صوت الرنين؛ وذلك لأن المراهق في الأغلب يكون حساساً لمجرد إضاءة الشاشة التي تفيد بوجود إشعارات جديدة ما يضطره لمطالعة هذا الإشعار؛ ولذلك نصحت الدراسة المراهقين بضرورة عدم التحقق من الهاتف في حالة الاستيقاظ من النوم، حتى لو كانت مجرد لمحة عابرة وبشكل خاص مواقع التواصل الاجتماعي".

وقام الباحثون" بتحليل البيانات التي جرى جمعها بين عامي 2018 و2020 من أكثر من 10 آلاف طفل (تتراوح أعمارهم بين 10 و14 عاماً)، كانوا قد شاركوا في دراسة سابقة حول النمو المعرفي والإدراكي لمخ المراهقين، حيث جرى عمل استبيان لكل من الأطفال والآباء يتضمن الكثير من الأسئلة حول النوم وعاداته، مثل الوقت المفضل والمدة التي يقضيها المراهق على السرير قبل الخلود إلى النوم، وعدد ساعات النوم في المتوسط، وإذا كان المراهق ينام في غرفة بمفرده أم مع أحد الإخوة، وإذا كانت هناك سلوكيات معينة يمارسها قبل ميعاد النوم مثل القراءة أو مشاهدة الشاشات المختلفة بما فيها التلفاز والألواح الإلكترونية".

وقد أظهرت النتائج" وجود نسبة بلغت تقريباً 16% من الأطفال قد عانوا من المتاعب في النوم؛ مثل صعوبة الخلود إلى النوم في وقت قصير، والبقاء مستيقظين فترات طويلة في السرير، أو عانوا من النوم المتقطع في حالة الخلود إلى النوم، واستيقاظهم مرات عدة في أثناء النوم، وعدم التمكن من النوم بعمق، وذلك في الأسبوعين السابقين للدراسة، وأيضاً كانت هناك نسبة بلغت 17% تقريباً، أوضحوا أنهم استيقظوا نتيجة رنين المكالمات الهاتفية أو إشعارات الرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني في أثناء النوم مرة واحدة على الأقل، في الكثير من الأيام وذلك في الأسبوع السابق للدراسة، كما كانت هناك نسبة بلغت 20% ذكروا أنهم قاموا باستخدام الهاتف أو أي جهاز إلكتروني آخر في حالة استيقاظهم لأي سبب".

كما قام الباحثون" بتقديم بعض النصائح لمساعدة المراهقين بناءً على نتائج الدراسة، وأهمها عدم وضع أي شاشات في غرفة النوم حتى التلفاز، حيث ارتبط وجود جهاز تلفاز أو أي جهاز متصل بالإنترنت في غرفة النوم، بزيادة خطر الإصابة بمشكلات النوم بنسبة 27%، ويجب إيقاف تشغيل الإشعارات المختلفة وقت النوم أو جعلها صامتة خارج الغرفة في حالة حرص المراهق على مطالعتها في الصباح، حيث ارتبط ترك الإشعارات تعمل في أثناء النوم أو الاحتفاظ بها غير صامتة، بخطر عدم الاستمرار في النوم بعمق بنسبة 23% مقارنة بإيقاف تشغيلها وأيضاً الاستيقاظ مرات عدة".

وبين الباحثون: " يجب عدم مطالعة الدردشات الجماعية عبر الإنترنت بشكل خاص، حتى لو كانت مجرد متابعة من دون مشاركة؛ لأن المتابعة تجعل الذهن متيقظاً، ومن ثم لا يستطيع الخلود إلى النوم بسهولة، وأيضاً يجب عدم ممارسة أي ألعاب فيديو في السرير وقت النوم سواء مع منافس آخر أو لعبة فردية؛ حيث ارتبطت جميع هذه السلوكيات بصعوبة النوم والاستمرار فيه في حالة حدوثه".

وتبعاً للدراسة: " كان مجرد رفع الهاتف وتصفُح شاشته في حالة الاستيقاظ من النوم، مرتبطاً بزيادة خطر الإصابة بمشكلات النوم المختلفة بنسبة 34% وهي أكبر من بقية النسب الأخرى؛ لأنها تمهد لإجراء آخر سواء مكالمة أو رد على رسالة نصية".

وتؤكد الدراسة، أن" نمو المراهقين هو وقت صعب بالفعل للمراهقين وللآباء أيضاً؛ نظراً للضغوط الاجتماعية والتغيرات الجسدية والنفسية والعاطفية التي تحدث، ومن المهم عدم وضع ضغوط إضافية في أثناء فترة النوم التي تعد أهم فترات الراحة بالنسبة لهم، والتخلص من وسائل التواصل قبل النوم ضرورة صحية".

اضف تعليق