وكالة النبأ/ متابعة

عندما تضع الحكومة العراقية، خطة شاملة لإصلاحات تنموية تشمل القطاع المالي والاقتصادي للنهوض بالبلد عليها العمل بخطوات ثابتة وملموسة لتحظى بدعم شعبي وتأييد دولي، مما سيساعد على وضع بوصلة الإصلاحات على المسار الصحيح.

في الشهر الماضي، أعلنت مجموعة من النواب والمسؤولين الحكوميين وممثلي الشركات الخاصة والمنظمات غير الحكومية عن تشكيل "تحالف بغداد لدعم القطاع الخاص".

وتهدف هذه المبادرة التي تُشبه العديد من الاستراتيجيات والخطط التنموية الحكومية السابقة التي لم تتحقق، إلى تعزيز تنمية القطاع الخاص، على أمل تسريع النمو الاقتصادي المستدام في العراق. وعلى الرغم من توافق هذه الأهداف مع طموحات برامج حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التي تركز على تعزيز المشاريع الخاصة وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، ستبقى غير واقعية ما لم تتوافق مع مجموعة من الإصلاحات المالية والتنظيمية الشاملة.

تاريخيًا، ليست هذه المرة الأولى التي تكتسب فيها تنمية القطاع الخاص زخمًا سياسيًا، حيث لعبت دوراً رئيسياً في الكثير من استراتيجيات وخطط الحكومة الاتحادية العراقية منذ عام 2006، ومن أمثلة ذلك، استراتيجيات التنمية الوطنية (2005-2007 و2007-2010)، وخطط التنمية الوطنية (2010، 2013-2017 و2018-2022). وقد قدمت الكثير من المنظمات الدولية والبلدان المانحة والهيئات الأكاديمية والمنظمات غير الحكومية المحلية دعمها للحكومة الاتحادية العراقية لمتابعة هذا المسار التنموي. كما أن تنمية القطاع الخاص تشكل ركيزة لغالبية الخطط والسياسات الاستراتيجية التي تهدف إلى تنويع اقتصاد العراق وتقليل اعتماده على صادرات النفط الخام، التي لا تزال تشكل 93 في المئة من إيرادات الدولة في عام 2023. وكذلك، يساعد طرح مشروع "طريق التنمية" بهدف جذب رأس المال الأجنبي والمستثمرين والخبرات الأجنبية، على تحديد الأولويات بوضوح.

ونظرًا للاقتصاد الريعي في العراق، ينبغي معالجة الاختلالات الهيكلية المتأصلة. فالقطاع الخاص في العراق ضعيف ومتخلف ويعتمد بشكل كبير على المشاريع التي تمولها الدولة. لكن القيود المؤسسية، والتحديات المالية، والفساد المستشري، وأوجه القصور في الحكم، تشكل حواجز هائلة أمام هذه المساعي التنموية.

ما الذي يعيق حلم التنمية؟

على الصعيد المالي، تواصل حكومة رئيس الوزراء السوداني الاتجاه المالي الذي ساد بعد عام 2003 ويتميز بنهج ريعي حيث يتم تخصيص حصة الأسد من موارد الدولة، الناتجة من صادرات النفط الخام، لدفع الرواتب. وهذا يترك حصة ضئيلة للاستثمارات في البنية التحتية والتنمية. وتتركز معظم هذه الرواتب في قطاعات غير منتجة اقتصاديًا مثل الجيش والأمن ومؤسسات الأوقاف الدينية والكثير من الشركات المملوكة للدولة التي توقفت عن العمل، ولكنها لا تزال تحصل على جزءًا من أموال الرواتب كوسيلة للتخفيف من ارتفاع معدلات البطالة

 وفي الكثير من الحالات، يتم توظيف الأموال العامة بشكل أساسي لضمان "ولاء الناخبين للنخبة الحاكمة على حساب البنية التحتية والمؤسسات الخدماتية. ويعكس نمط الإنفاق الحكومي لعام 2023 هذا الاتجاه المالي. وتظل النفقات الاستثمارية في القطاعات الرئيسية التي توفر فرص العمل، والتي توفر إمكانات لتنمية القطاع الخاص.

يمكن تقييم التزامات الحكومة العراقية تجاه استراتيجياتها التنموية بطريقة أخرى تتمثل بدراسة الاستثمارات العامة في القطاعات التي لديها القدرة على توفير فرص العمل، وتنمية الموارد البشرية، وتحسين بيئة تمكين الأعمال.

فتقييم إنفاق الحكومة العراقية على الصناعات غير النفطية يكشف عن قصور صارخ في الالتزام باستراتيجياتها وأهدافها التنموية.

الدعم الدولي

كشف سفير الاتحاد الأوروبي لدى العراق، توماس سيلر، أنه اتفق مع رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، على زيادة التعاون وتكثيفه.

وقال سيلر عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا)، اليوم الخميس، بمناسبة يوم الاندماج الأوروبي، أن الاتحاد الأوروبي يعمل مع العراق في إطار ديمقراطي يضمن فرص متساوية للجميع.

وأضاف، أن ذلك يأتي في إطار تنمية القطاع الخاص، وخلق فرص العمل، والحماية الاجتماعية والتعليم، ومكافحة الفساد.

وأكد سيلر، دعم العراق في القطاع الأمني المدني مع الشرطة والقضاء فضلا عن العمل بمجالي حقوق الإنسان، والمجتمع المدني، مشيرا إلى أن كل هذا لمصلحة العراقيين دون تجاهل لعاداتهم وتقاليدهم.

ولفت سفير الاتحاد الأوروبي لدى العراق، أنه "قبل ثلاثة أيام اتفق مع السوداني على زيادة التعاون وتكثيفه".

وسبق وأبدى العراق، حاجته إلى دعم الاتحاد الأوروبي، من أجل إجراء الإصلاحات السياسية، وإعادة التأهيل الاقتصادي، فيما أعرب الاتحاد الأوروبي عن استعداده للتعاون مع الحكومة العراقية لتعزيز القطاع المصرفي في البلاد.

لذا يجب أن تؤدي الإصلاحات الضرورية لدعم التحول الاقتصادي الذي يدعمه السوداني إلى تحول جذري نحو إعطاء الأولوية لاستثمارات البنية التحتية على حساب النفقات المتكررة، ما يضع حدًا الاتجاه المالي الذي اتبعته جميع الحكومات العراقية بعد عام 2003، بما في ذلك حكومة إقليم كردستان.

وفي حين أن هذه العملية ليست سهلة ولا تلقى ترحيبًا سياسيًا بغض النظر عن مدى الحاجة إليها لتحقيق نتائج تنموية أفضل، وقد شكلت إحدى العقبات الرئيسية أمام المحاولات السابقة، إلا أنه لا بد من معالجتها قبل أن يتمكن العراق من تحقيق "حلم التنمية".

وكالات

ع. ش

اضف تعليق