تتواصل الدعوات السياسية منذ أسابيع لإجراء انتخابات مبكرة قبل انتهاء الدورة البرلمانية الحالية في أكتوبر/تشرين الأول 2025، إذ جمع نواب تواقيع داخل البرلمان لتعديل قانون الانتخابات الأخير.

ويتزامن ذلك مع إعلان التيار الصدري عن تياره الجديد "الوطني الشيعي"، بعد قرابة عامين على انسحابه من البرلمان الحالي حيث كان متصدرا بـ74 مقعدا من مجموع 329 مقعدا.

وكشف رئيس كتلة الآمال النيابية، ياسر الحسيني، في تصريح صحفي قبل نحو أسبوع، عن وجود حراك برلماني لجمع تواقيع من قبل أعضاء المجلس بغية إجراء تعديل على قانون الانتخابات، وإجراء انتخابات مبكرة.

الرأي القانوني

في غضون ذلك، يؤكد الخبير القانوني علي التميمي أن إجراء الانتخابات المبكرة لا يتم إلا عبر حل البرلمان والذي يكون -وفق القانون- عبر مسارين اثنين، أولهما بطلب من ثلث أعضاء البرلمان وموافقة الأغلبية المطلقة من أعضائه أو بطلب من رئيس مجلس الوزراء وموافقة رئيس الجمهورية، الذي يدعو إلى انتخابات عامة في البلاد خلال شهرين من تاريخ الحل، وفق المادة 64 من الدستور.

أما عن مفوضية الانتخابات وانتهاء ولاية مجلس المفوضين في يوليو/تموز القادم، فيشير التميمي إلى أنه يجب على البرلمان -قبل حل نفسه- انتخاب مجلس مفوضين جديد بالاقتراع المباشر وفق قانون المفوضية رقم 31 لعام 2019.

من جهته، يؤكد نائب رئيس مجلس المفوضية الأسبق سعد الراوي، أنه لا يمكن إجراء انتخابات مبكرة العام الحالي لعدة أسباب، أولها أن الدورة القانونية لمجلس المفوضين ضمن المفوضية تنتهي في يوليو/تموز القادم، وبالتالي ستحتاج المفوضية لمجلس جديد بما يتطلبه ذلك من تدريب وورش عمل.

وكشف الراوي، عن وجود خلافات برلمانية حول ماهية الأشخاص الذين سيخلفون مجلس المفوضين الحالي، وحول إمكانية عودة البرلمان لتطبيق القانون القديم والمجيء بمجلس مفوضين من غير السلك القضائي، أو باختيار مجلس النواب لجنة خبراء من السلك القضائي، وهو ما اعتُمد في الدورة الأخيرة لمجلس المفوضين.

وفيما يتعلق بالناحية اللوجستية وإمكانية التمديد لمجلس المفوضين كما حدث سابقا، بيّن الراوي أن تمديد البرلمان لعمل المجلس غير ممكن، لأن المادة السابعة من القانون رقم (31) تنص على أن دورة المجلس تمتد لـ4 سنوات دون إمكانية تمديدها.

ويرى أن هناك قصورا في قانون الانتخابات المعتمد حاليا، وأنه مليء بالثغرات ولا يتجاوز 30 صفحة، وبالتالي، لا تتوفر تفسيرات قانونية لحيثيات كثيرة متعلقة بعمل مجلس النواب وحله أو الذهاب لانتخابات تشريعية مبكرة.

آراء متباينة

تتباين مواقف الكتل السياسية داخل مجلس النواب من إمكانية الذهاب لانتخابات مبكرة من عدمه.

ويقول النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني شيروان الدوبرداني إن ذلك يتوقف على الوضع السياسي للبلاد، لا سيما في حال استمرار الانسداد السياسي وعدم تطبيق ما تم الاتفاق عليه في البرنامج الحكومي وتلبية مطالب السنة والأكراد.

بدوره، يقول الباحث السياسي مجاشع التميمي -المقرب من التيار الصدري- إن القوى السياسية لم تتفق حتى الآن على حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، لا سيما أن حل البرلمان لن يتم إلا بطلب موقع من 110 نواب، وتصويت البرلمان على حل نفسه بمجموع 166 نائبا.

وبخصوص موقف التيار الصدري، أوضح التميمي أن مقتدى الصدر ورغم إعلانه عن تياره الجديد، فإنه لم يُشر لموضوع الانتخابات المبكرة، ولعودته السياسية ومشاركته رغم الرسائل التي أطلقها.

وبيّن أن الدورة التشريعية الحالية قد استهلكت أكثر من نصف عمرها ولم يتبق منها إلا عام ونصف فقط، معتقدا أن جميع الكتل غير مستعدة للانتخابات بما فيهم التيار الصدري الذي يريد دخول الانتخابات في وقتها مع تحقيق أغلبية برلمانية.

في المقابل، يرى الباحث السياسي سيف السعدي -المقرب من تحالف تقدم بزعامة محمد الحلبوسي– أن المنهاج الحكومي يؤكد إجراء انتخابات مبكرة ويعد ذلك ملزما للكتل السياسية، غير أنه لم يحدد توقيت هذه الانتخابات.

وبشأن ارتباط عودة التيار الصدري بالانتخابات، يقول إن هذه العودة أربكت الكتل السياسية في تحالف الإطار التنسيقي، مع وجود انقسام داخل الإطار ذاته.

وأوضح أن التيار الوطني الشيعي أزعج كثيرا الأطراف المناوئة، لا سيما مع عدم تطبيق ما تم الاتفاق عليه حول مطالب الكتل السنية والكردية، خاصة الحزب الديمقراطي والمشاكل التي طرأت بعد قرارات المحكمة الاتحادية تجاه انتخابات الإقليم.

أما عن موقف حزب تقدم، فيعتقد السعدي أن عدم وجود رئيس للبرلمان قد يعرقل الانتخابات المبكرة، لا سيما بمرور قرابة 6 أشهر على خلو المنصب، مع تهديد تحالف تقدم بالانسحاب من ائتلاف إدارة الدولة، إلى جانب احتمالية انسحاب وزرائه من حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لمزيد الضغط السياسي على تحالف إدارة الدولة لاختيار رئيس جديد للبرلمان من التحالف.

معوقات

من جانبه، يتحدث النائب معين الكاظمي عن تحالف الفتح بزعامة هادي العامري، عن وجود رغبة لدى البعض لإجراء انتخابات مبكرة مثل ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي تناغما مع التيار الصدري، غير أن المفوضية الحالية ستكون منشغلة خلال الفترة القادمة بانتخابات إقليم كردستان.

وأوضح أن هناك معوقات عدة قد تحول دون إجراء انتخابات مبكرة مع قرب انتهاء ولاية مجلس المفوضين، في ظل ما وصفه بـ"الوضع الضبابي" مع حاجة المفوضية لما لا يقل عن 7 أشهر للتهيئة اللوجستية للانتخابات.

ولم يخف الكاظمي وجود نسبة يُعتد بها من أعضاء البرلمان لا ترغب بحل مجلس النواب، فضلا عن معضلة أخرى تتعلق بقانون الانتخابات ورغبة البعض بالعودة للدوائر المتعددة وإدخال نظام النسبية "سانت ليغو" على هذه الدوائر.

أما النائب عقيل الفتلاوي -عن ائتلاف دولة القانون- فيرى أنه لا يوجد قرار سياسي حقيقي حتى الآن للذهاب إلى انتخابات مبكرة، إلى جانب عدم وجود جدوى منها مع الأخذ بالاعتبار أن الدورة البرلمانية الحالية قد قضت أكثر من نصف عمرها.

وبخصوص ارتباط الانتخابات المبكرة بعودة التيار الصدري، يوضح الفتلاوي للجزيرة نت أن هناك أحاديث كثيرة خلف الكواليس حول ذلك، بيد أنه لا يوجد أي طلب رسمي من التيار للذهاب نحو انتخابات مبكرة، مبينا أنه لا يوجد قرار موحد داخل الإطار التنسيقي حول ذلك.

من جانبه، قال مجاشع التميمي إن الأزمات داخل الإطار التنسيقي باتت واضحة من خلال انقسامه على نفسه ووجود عدة محاور، مبينا أن هناك تخوفا داخل بعض أطراف الإطار من تصاعد شعبية السوداني، وفق تصريحه.

وكشف النائب الكردي شيروان الدوبرداني عن وجود خلاف كبير داخل الإطار التنسيقي الشيعي فيما يتعلق بالذهاب لانتخابات مبكرة وتعديل قانونها، وهو الوضع ذاته في الكتل السنية والكردية.

ويرى مراقبون أن الوضع السياسي في العراق يتسم بالضبابية، وأن تطورات المشهد السياسي عادة ما تكون فجائية وبصورة متصاعدة، وبالتالي، فإن الأسابيع والأشهر القادمة هي التي ستحدد مدى إمكانية إجراء انتخابات مبكرة أو المضي بالدورة الحالية حتى النهاية.

المصدر: الجزيرة نت

اضف تعليق