أكدت وزارة الزراعة، أن الشحة المائية قلّصت المساحات المزروعة بالرز قرابة 40%، ما اضطر الدولة تخصيص قرابة 85 مليون دولار لتأمين الحاجة المحلية منه، في حين بيّن اتحاد الجمعيات الفلاحية أن غالبية الفلاحين يعزفون عن زراعته لعدم جدواه اقتصادياً نتيجة ارتفاع تكاليفه وضعف دعم الدولة لهم، كشف تجار عن تهريب العنبر للخارج لاسيما دول الخليج.

وقال الوكيل الفني لوزارة الزراعة، مهدي ضمد القيسي، في حديث صحفي، إن "زراعة الرز في العراق مقيّدة بسبب تحديد الإيرادات المائية"، مشيراً إلى أن "الوزارة حصرت زراعة المحصول في أربع محافظات بمنطقة الفرات الأوسط، هي النجف، المثنى، الديوانية وذي قار، كونها تقع على نهر الفرات الذي يمكن أن يؤمن لها نسبة جيدة من حاجتها المائية".

وأضاف القيسي، أن "المساحات المزروعة بالرز في العراق قلّت إذ لا تتجاوز نسبتها حالياً الـ 15 بالمئة من مجموع المحاصيل الزراعية ولا تسد أكثر من ربع الاحتياج السنوي للمواطنين"، مبيناً أن "العراق يمتلك أجود أنواع الرز وهو العنبر، الذي يعد هوية وطنية وعلامة مميزة برغم تقلص زراعته والإقبال عليه من قبل المزارعين لأنه لا يسد تكاليفه لاسيما مع قلة الوفرة المائية".

وأوضح الوكيل الفني لوزارة الزراعة، أن "الوزارة تمكنت خلال السنوات الخمس الماضية، أن تزرع صنفين جديدين من الرز، هما الفرات والياسمين، لارتفاع إنتاجيتهما وعدم حاجتهما لمياه كثيرة"،متابعا "لكن نكهتهما ليست بمستوى العنبر" .

وذكر القيسي، أن "الحكومة وفرت تخصيصات مالية لتغطية التعاقدات الاستيرادية للرز بما يوفر إمدادات تغطي حاجة البلد والبطاقة التموينية"، لافتاً إلى أن "وزارة التجارة تتعاقد سنوياً مع شركات من دول مختلفة لتوريد ما بين 800 - 950 ألف طن من الرز من أصل حاجة البلد السنوية التي تقدر بمليون و300 ألف طن، بتكاليف تتراوح بين 70 إلى 85 مليون دولار".

من جانبه قال رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في العراق، حسن التميمي، في حديث صحفي، إن "زراعة الرز في العراق تراجعت بفعل تقليص الحصص المائية وارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف الخدمات الزراعية المقدمة للفلاح وتواضع أسعار التسويق لمخازن الدولة التي لا تزيد عن 750 ألف دينار للطن الواحد، لأفضل الأنواع وهو العنبر، في حين يصل سعر الأصناف الأخرى إلى 700 ألف دينار للطن".

وأكد التميمي، على "عزوف غالبية المزارعين في المحافظات المعروفة بإنتاج الرز عن زراعته واتجاههم إلى أخرى ذات مردودات ربحية وجدوى اقتصادية"، مدللاً على ذلك بأن "المساحات المزروعة بالرز في تلك المحافظات، لاسيما النجف وواسط وذي قار، من 200 ألف طن عام 2013، إلى 127 ألفاً في عام 2014، وصولاً إلى 90 ألف طن فقط عام 2016 الحالي، الامر الذي ينذر بكارثة كبيرة ربما تصل إلى اندثار زراعة الرز".

بدوره قال حيدر حمزة الياسري، مزارع من محافظة ذي قار، في حديث صحفي، إن "غالبية الفلاحين بالمحافظة قللوا المساحات المزروعة بالرز إلى أقل من الربع، لخشيتهم من عدم توفر المياه اللازمة لها" مبيناً أن "الدولة لا تساعد الفلاحين سواء بالمياه اللازمة، أو الوقود لتشغيل المضخات، ما أدى إلى هجرة الكثيرين منهم إلى المدن أو تغيير زراعته".

ويكشف الياسري، عن "توافد تجار من العاصمة بغداد أو إقليم كردستان على المناطق المعروفة بزراعة العنبر، كالمشخاب في الديوانية، أو سوق الشيوخ في ذي قار، لشراء المحصول بالكامل مقابل مبالغ تفوق ضعف ما تمنحه الدولة للفلاحين".

الى ذلك قال التاجر البغدادي، أبو أحمد، في حديث صحفي، إن "التجار يشترون طن العنبر من المزارعين بمليون وخمسمئة ألف دينار، أي ضعف ما تدفعه لهم الدولة تقريباً"، مضيفاً أن "التجار يبيعون العنبر لآخرين يصدرونه للخارج، كدول الخليج العربي لاسيما الكويت والسعودية وقطر، لأنه مفضل جداً لديهم".

ورجّح التاجر البغدادي، أن "يتم تصدير العنبر بطرق غير مشروعة، لأن القانون لا يسمح بإخراج أي منتج محلي غير فائض للخارج"، معرباً عن اعتقاده أن ذلك "يتم عن طريق محافظة المثنى لقريبها من حدود السعودية، ومنها إلى بقية دول الخليج العربي، فضلاً عن إمكانية تصدير العنبر عن طريق إقليم كردستان حيث تكون فيها المنافذ الحدودية أكثر سهولة".

يذكر أن العراق كان من المنتجين المميزين بزراعة الرز بمختلف أنواعه، فضلاً عن تميزه بإنتاج أنواع نادرة منه لاسيما "العنبر"، وأن الرز يشكل وجبة رئيسة بالمائدة العراقية، لكن الشحة المائية المزمنة التي يواجهها العراق، وعدم إقامة مشاريع تعوض ذلك، أثرت كثيراً في إنتاجه الزراعي بعامة والرز بخاصة كونه يتطلب توفر كميات كبيرة من المياه.

وتقدر وزارة الزراعة أن مساحة الأراضي المزروعة بالرز انخفضت بنسبة 40 بالمئة نتيجة قلة الوفرة المائية وغياب الدعم الحكومي .انتهى/س3

 

اضف تعليق