في النصف الثاني من شهر شعبان المعظّم عام 1312 للهجرة، تدهورت صحّة الإمام المجدّد السيد الميرزا محمد حسن الحسيني الشيرازي (قائد ثورة التنباك) إلى أن توفي (قدّس سرّه) بعد المغرب بساعة من ليلة الأربعاء الرابع والعشرين من شهر شعبان بمدينة سامراء المقدّسة. وقد نقل عنه خلال ساعات الاحتضار وهذه الفترة العصيبة، عجائب كثيرة، منها:

انه عندما ثقل حاله، وكان يغمى عليه ساعات، ويفيق مدّة، وهكذا كانت، من شدّة الوعكة، تتناوب عليه حالات الإغماء، والإفاقة، وكان الناس يفدون إلى (سامراء المقدسة) لعيادته من أطراف العراق، والبلاد الإسلامية، وغيرها وكانت الحجرة التي نائماً فيها تمتلئ بمختلف الطبقات من مراجع الدين، وعلماء الإسلام، والتجّار، والسياسيين، والأدباء والمفكّرين وسائر أصناف الناس، ويقومون بتلاوة سورة (الحمد) لشفائه، ثم ينصرفوا من أجل فسح المجال للآخرين الذين كانوا في الانتظار لعيادته دقائق معدودة بسبب الزحام المكثّف من الزوّار، وكان قدّس سرّه عند الإفاقة يفتح عينيه ويجول بهما في الحاضرين كشكر وتقدير منه لهم.

حدث في مرّة من مرّات الإفاقة، انه كان في وسط الحضور أحد كبار تجّار بغداد وكان الإمام المجدّد، بشكل مستمر يستقرض منه المبالغ الطائلة عند الحاجة، وذلك للصرف والإنفاق على المشاريع الإسلامية والفقراء والمساكين، فوقع بصره علي ذلك التاجر الذي كان قد جاء من بغداد لعيادة الإمام المجدّد ، فلما وقع بصره عليه لم يتعداه وثبت عليه، وأحسّ الحاضرون بأن الإمام المجدّد تتحرك شفتاه وكانه يكلّم ذلك التاجر بصوت خافت جداً نتيجة الضعف الشديد الذي كان قد استولى عليه، فأصغى الجميع واحتبست الأنفاس، فسمعوه يقول ـ وهو يخاطب ذلك التاجر بكل جدّ ـ لعلّك تفكّر في نفسك ان السيد سيموت وتذهب أموالك ويضيع حقك، لكني أثبت تلك الديون كلها في وصيتي، وكتبت بأن يجمعوا طلباتك كلّها ويؤدّوها لك من بعدي، لكني أفكر فيما إذا وُجّه إليّ سؤال من قبل الله عزّ وجلّ ـ بعد وفاتي ـ بأن هذا التاجر لم يكن يمتنع من منحك الديون الهائلة لتصرفها في مصالح الإسلام والمسلمين والمحتاجين والمعوزين، وذلك لكرامتك عنده التي منحها الله لك، فلماذا لم تستخدم هذه الكرامة الإلهية أكثر، وتقترض منه أكثر للمصالح العامة والخاصة للمسلمين؟ عند ذلك بماذا أجيب الله تعالى؟ ثم غمض عينيه وعاد إليه الإغماء أيضاً.

كما ذكروا: انه في بعض حالات الإغماء للإمام المجدّد رحمة الله عليه وقد كان الحاضرون عنده وكلما نادوه وكلّموه لم يستطع أن يجيبهم، حتى ظن البعض انه قد مات، فبادر أحد تلامذته وقال: الآن سأستكشف لكم انه على قيد الحياة أم ميّت، فأخذ يهمس في اُذُن الإمام المجدّد بقضية راهنة تخصّ هموم الأمة الإسلامية، وإذا بالحاضرين وجدو حركة في شفتيه وسمعوه يشرح ويسهب في الجواب عن تلك القضية بصوت خافت جدّاً، ثم فارق الحياة. وذلك يدلّ علي اهتمامه البالغ بأمور المسلمين إلى حدّ انه في تلك اللحظة الحالكة، لحظة السوق إلى الآخرة، لم يشغله هول المطّلع عن المصالح الإسلامية ومصالح الأمّة.انتهى/س

اضف تعليق