يجد الاقتصاد العالمي نفسه في مواجهة تحديات وازمات اقتصادية كبيرة بدأت تنخر العديد من دول العالم  وتعتبر الحرب الروسية على أوكرانيا من اهم الازمات التي تعاني منها دول اوربا والغرب في الوقت الحالي.

اما الاقتصاد الصيني فقد عانى الكثير من الضغوط السلبية لفيروس كورونا، وتداعيات أزمة القطاع العقاري، واتساع رقعة مديونية الشركات الصغيرة والمتوسطة.

ويجد المحللون، ان الحرب الروسية على أوكرانيا قد انشطرت فاصبحت كلا من روسيا من جهة وأوروبا وأميركا في الجهة المقابلة، حيث تراهن روسيا على انتهاء تلك الحرب في أسرع وقت ممكن، وإمكانية الدخول في مفاوضات وحوار سياسي لتسوية القضية من خلال وجهة نظرها، للخروج من دوامة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها ولتعويض خسائرها الاقتصادية التي ترتبت على دخولها هذه الحرب.

و نجد أن كلا من أميركا وأوروبا يراهنان على إطالة زمن تلك الحرب، بما يؤدي إلى مزيد من الخسائر، واستنزاف روسيا اقتصاديا، لتتحقق خسارتها عبر الأسلحة التقليدية والعقوبات الاقتصادية، دون الدخول في دوامة استخدام السلاح النووي.

لذلك فإن السيناريو الأسوأ على الاقتصاد العالمي يظل مرتبطا بالرهان الأميركي على إطالة أمد الحرب واستنزاف الاقتصاد الروسي، وهنا سنكون أمام استمرار أزمة الطاقة وتداعياتها على معدلات التضخم، لتصل إلى أعلى معدلاتها التي تضرب العديد من اقتصادات العالم.

اما المحور الثاني في إطار السيناريو الأسوأ، هو أن تجد روسيا نفسها أمام مصير هزيمة مذلة، مما سيدفعها لاستخدام السلاح النووي، سواء كان باستخدام تكتيكي أو من خلال حرب نووية شاملة، وهنا نكون أمام نتائج كارثية على الصعيد الاقتصادي، لا يمكن قراءتها على وجه الدقة من خلال هذه السطور.

ولا شك أن أوروبا وأميركا لا ترغبان في أن يتطور الصراع مع روسيا إلى استخدام السلاح النووي بأي صورة من صوره، لكنهما يفضلان إطالة أمد الأزمة في إطار الأسلحة التقليدية، هذا الوضع يستلزم معالجات لأزمة الطاقة، وانتزاع ورقة النفط من يد روسيا في إداراتها لهذا الصراع.

وإذا ما نجح الغرب في تأمين إمدادات النفط لأسواق العالم، بما يسمح بأسعار نفط مقبولة تدفع معدلات التضخم إلى الهبوط، فإنه سيصبح من السهل بعد ذلك التعامل مع بقية أجندة الأزمات التي يعيشها الاقتصاد العالمي.

وتسعى أميركا في مساعيها للتوصل لاتفاق مع إيران حول برنامجها النووي، ليدخل النفط الإيراني على خط بدائل النفط الروسي، بجانب خيار رفع العقوبات عن فنزويلا في قت يجري الحديث عن خطوات عملية اتخذتها أميركا في هذا المضمار.

أما بعض دول النزاع في المنطقة العربية فيمكن لأميركا أن تعمل على إعادة الهدوء إليها لتأمين مزيد من المعروض النفطي، كما هو الحال بالنسبة للعراق وليبيا.

ويتطلع كثير من الناس إلى نظام متعدد الأقطاب، لتخفيف الأضرار التي عانى منها العالم على الصعيد السياسي والاقتصادي ومختلف الصعد الأخرى، لكن الواقع الذي نعيشه هو أننا بصدد عالم متعدد الأزمات، وأن الخطوات التي يمكن أن تؤهل لنظام عالمي متعدد الأقطاب شديدة البطيء، بل قد لا تُرى، في ظل إمساك أميركا والغرب بالعديد من خيوط الواقع السياسي والاقتصادي، رغم تلك الثقوب التي أوجدتها الأحداث الأخيرة، خاصة الممارسات الروسية في سوق النفط.

ووجدت دول أوروبا نفسها في مأزق لإزمة غير مسبوقة، فيما يتعلق بالطاقة، وما نتج عنها من تداعيات اقتصادية واجتماعية، جعلت بعض مكونات العولمة الاقتصادية أشبه ببيوت العنكبوت.

اضف تعليق