تعقد مساء اليوم الإثنين، قمة خماسية في مصر، ويحضرها قادة كل من العراق والأردن والإمارات والبحرين، إضافة للمضيف المصري.

وبحسب ما ذكر خبراء، فإن القمة، التي جاء انعقادها "مفاجئا ودون تخطيط مسبق"، ستتناول عددا من القضايا العربية، تشمل الأبعاد الاقتصادية والسياسية على حد سواء.

بعد اقتصادي

ويرى الباحث في الاقتصاد السياسي في المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، الدكتور محمد شادي، أن هدف القمة سيتمثل بمعالجة الضغوط في ميزان المدفوعات المصري، مبينًا أن أفضل حل لذلك هو "الاستثمارات الأجنبية المباشرة"، على حد قوله.

وأضاف في تصريح صحفي، أن الخطوة لحل مشكلة ميزان المدفوعات المصرية، ستكون عن طريق "الاستثمارات طويلة الأجل"، ومن خلال نقد أجنبي مباشر بطريقة سريعة ولكي تخلق فرص عمل للمصريين.

وأشار إلى أن الوضع الاقتصادي السيئ الذي تشهده مصر حاليا جاء بسبب تسرب النقد الأجنبي للخارج، تحت ضغوط رفع أسعار الفائدة الأمريكية، وهو ما جعل مصر تسعى لإعادة التنسيق مع الدول العربية في ملفاتها الاقتصادية الملحة.

ونوه إلى أن "الدول الخلجية لديها احتياجات مختلفة، فمثلًا الإمارات لديها فوائض عالية، ويجب أن تُستثمر بشكل مستمر على المدى الطويل، والإمارات تريد أن تستثمر في قطاعات إستراتيجية مثل البنى التحتية وقطاعي الغذاء والطاقة".

وقال شادي، إن مصر لديها نقص كبير جداً وسوق واسعة في هذه المجالات الثلاثة، فهي تستورد الطاقة والغذاء من الخارج، كما أن لديها حاجة ماسة لتطوير بنيتها التحتية، لذلك فإن الإمارات من أهم الدول لسد هذه الحاجات للدولة المصرية.

وأضاف: "ذات الأمر ينطبق على العراق الذي لديه إشكاليات كبيرة في توفير الطاقة.. المجموعة المشاركة في القمة لديها تكامل.. هناك فوائض في رؤوس الأموال لدى بعض الدول ونقص في دول أخرى".

ولفت إلى أن المجموعة الرباعية وهي "مصر والبحرين والأردن والإمارات" وقعوا شراكات اقتصادية الشهر الماضي قيمتها 10 مليارات دولار لخدمة المصالح الاقتصادية المشتركة.

وأوضح أنه كلما كان الطلب على الدولار أكبر سينخفض الجنيه المصري وهو أمر طبيعي، معتبرا أن انخفاض سعر صرف الجنيه المصري قد يتوقع حدوثه مرة أخرى بسبب الضغوط الأمريكية.

وقال: "لا أعلم إلى أين سنصل بسبب هذه الضغوط، ولكن كلما ارتفع سعر الفائدة الأمريكي كلما تأثرت الأسواق الناشئة".

دبلوماسية القمم

من جانبه، يرى الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، محمود قاسم، أن القمة الخماسية تأتي في توقيت بالغ الأهمية، خاصة في ظل التحديات التي يشهدها العالم والتي ظهرت آثارها على المنطقة العربية والشرق الأوسط.

ولفت في تصريح لموقع تابع لهيئة إعلام أبو ظبي، إلى أنه وفي سط تلك التحولات الجيوسياسية الكبرى يمكننا قراءة القمة في إطار عدد من المحددات، منها ترسيخ وتعزيز مبدأ "دبلوماسية القمم"، حيث فرضت التطورات الدولية والإقليمة مؤخرًا على الدول العربية نوعًا من الاصطفاف والتقارب في وجهات النظر والمواقف تجاه تلك التحولات.

وأضاف: "من هنا بدأ قادة الدول العربية يكثفون من الاجتماعات واللقاءات التي تؤكد على حدود التلاحم والتناغم العربي ومن بين تلك الققم، القمة الرباعية (مصر، الإمارات، الأردن، العراق) في مارس الماضي، علاوة على القمم والاجتماعات التي سبقت قمة جدة للأمن والتنمية في يوليو الماضي، والتي أظهرت انسجاما وموقفا عربيا موحدا تجاه قضايا العالم والإقليم، بصورة أوضحت حدود التوافق بينهم الأمر الذي قد يصب في مصلحة العمل العربي المشترك".

تنسيق الجهود

وأبان الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، أن القمة تأتي قبل أشهر من انعقاد القمة العربية في الجزائر مطلع نوفمبر القادم، والتي تتزامن مع استضافة مصر لمؤتمر المناح COP27، ما يضع المنطقة العربية وسط حدثين كبيرين ومهمين، ما قد يحتاجان لتنسيق الجهود لتحقيق أكبر قدر من المكاسب والاستفادة منهما.

وأشار إلى أن "الحلول الجماعية للتحديات الراهنة، التي ينتظر جني ثمارها بعد جائحة كورونا وتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية، كشفت أهمية بحث الحلول الجماعية للتحديات التي تواجه المنطقة، خاصة في ظل الارتدادات التي أفرزتها سواء على مستوى الأمن الغذائي أو الطاقوي".

ملفات ساخنة

وبين قاسم أنه يضاف لذلك حاجة الدول العربية لتهدئة الصراعات الداخلية والتوجه نحو ضبط معادلة الاتزان الإقليمي وتهدئة الساحات العربية المشتعلة، خاصة وأن هناك فرصا للدفع في هذا الاتجاه.

ولفت إلى أنه في الساحة اليمنية على سبيل المثال، لا تزال فرص وقف إطلاق النار قائمة رغم التحديات المرتبطة بالتعنت الحوثي والحشد العسكري واستجماع القوة التي تقوم به الميليشيا في الوقت الراهن، إلا أن ذلك لا يمنع إمكانية الدفع في اتجاه تهيئة المناخ لتمديد الهدنة وتثبيت وقف إطلاق النار في ظل الضغوط الدولية الرامية لتحقيق هذا الهدف.

واستطرد بالقول: "لا ينفصل عن ذلك الصراع في ليبيا والذي يحتاج لمزيد من الاحتواء بهدف استكمال عملية الانتقال السياسي والتغلب على التحديات المرتبطة بنمط الحكومة الموازية ومساعي كل طرف لحيازة الشرعية عبر عسكرة الأزمة، الأمر الذي قد يعيد ليبيا لمربع العنف مرة أخرى".

وتابع: "على ذات المنوال، تشهد الساحة العراقية تحولات بحاجة لتجاوزها حتى لا يزداد المشهد تأزما في ظل تباعد وجهات النظر بين الفاعلين المحليين في المشهد".

وأضاف: "تظل القضية الفلسطينية وحق الشعب في تقرير المصير بمثابة الهدف الأول للدول العربية وعلى رأسها القاهرة في ظل مساعيها الأخيرة لاحتواء التصعيد سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية".

وقال قاسم، تسعى الدول العربية من خلال هذه القمة إلى توفير الحاضنة العربية لتلك الأزمات، وحلحلتها بشكل يضمن توحيد الصف العربي في مواجهة التحديات الراهنة.

المصدر: وكالات

اضف تعليق