ارتفعت درجة الحرارة في دول الشرق الأوسط بوتيرة عالية فاقت المتوسط العالمي في العقود الثلاثة الأخيرة، وانخفضت معدلات الأمطار، وسط توقعات بحدوث حالات جفاف شديدة وسريعة.

في الأسابيع الأخيرة، تجاوزت درجات الحرارة في بعض أجزاء الشرق الأوسط 50 درجة مئوية، حيث تعد المنطقة واحدة من أكثر مناطق العالم عرضة لتأثيرات تغير المناخ.

ظهور الآثار

بدأت آثار تغير المناخ تظهر بالفعل، في العراق، تسببت العواصف الرملية المكثفة في خنق المدن هذا العام، مما أدى إلى إغلاق التجارة وإرسال الآلاف إلى المستشفيات.

كما يؤدي ارتفاع ملوحة التربة في دلتا النيل في مصر إلى تدمير الأراضي الزراعية المهمة.

وفي أفغانستان، ساعد الجفاف في تأجيج هجرة الشباب من قراهم بحثًا عن وظائف في المدن.

مؤتمر المناخ

يُعقد مؤتمر الأمم المتحدة السنوي لتغير المناخ هذا العام، المعروف باسم COP27، في مصر في نوفمبر، لتسليط الضوء على تأثيرات التغير المناخي على المنطقة.

تنبهت الحكومات في جميع أنحاء الشرق الأوسط إلى مخاطر تغير المناخ، لا سيما الضرر الذي يلحقه بالفعل باقتصاداتها.

تعمل مصر والمغرب ودول أخرى في المنطقة على تكثيف مبادرات الطاقة النظيفة.

الأولوية القصوى بالنسبة لدول المنطقة في COP-27 هي طلب المزيد من التمويل الدولي لمساعدتهم على التعامل مع الأخطار التي يواجهونها بالفعل من تغير المناخ، خصوصًا أن درجات الحرارة مرتفعة في المنطقة بالفعل، ولا تحتمل المزيد.

التأثيرات الاقتصادية

صندوق النقد الدولي أشار في تقرير صدر هذا العام إلى أن حكومات الشرق الأوسط لديها قدرة محدودة على التكيف مع تغير المناخ.

ومع ازدياد حرارة المنطقة وجفافها، حذرت الأمم المتحدة من أن إنتاج المحاصيل في الشرق الأوسط قد ينخفض بنسبة 30٪ بحلول عام 2025.

ومن المتوقع أن تخسر المنطقة ما بين 6٪ و 14٪ من ناتجها المحلي الإجمالي بحلول عام 2050 بسبب ندرة المياه، وفقًا لتقرير البنك الدولي.

شح المياه

في مصر، انخفض هطول الأمطار بنسبة 22٪ في الثلاثين عامًا الماضية، وفقًا للبنك الدولي.

من المتوقع أن تصبح حالات الجفاف أكثر تواتراً وشدة، حيث شهد شرق البحر الأبيض المتوسط مؤخرًا أسوأ موجة جفاف له منذ 900 عام، وفقًا لوكالة ناسا، وهي ضربة قوية لدول مثل سوريا ولبنان حيث تعتمد الزراعة على هطول الأمطار.

يفرض الطلب على المياه في الأردن ودول الخليج العربي ضغوطًا على طبقات المياه الجوفية.

وفي العراق، تسبب الجفاف المتزايد في زيادة العواصف الرملية.

في الوقت نفسه، يؤدي ارتفاع درجة حرارة المياه والهواء إلى زيادة تواتر الأحداث المناخية الشديدة والتي غالبًا ما تكون مدمرة، مثل الفيضانات القاتلة التي تضرب السودان وأفغانستان بشكل متكرر.

الضغط على المدن

قد يكون للضرر المناخي تداعيات اجتماعية خطيرة.

قال كريم الجندي، الزميل المشارك في تشاتام هاوس، إن العديد من أولئك الذين فقدوا سبل العيش التي كانوا يكسبونها ذات يوم في الزراعة أو السياحة سينتقلون إلى المدن بحثًا عن وظائف.

وأوضح الجندي أن ذلك سيؤدي إلى زيادة البطالة في المناطق الحضرية، وإرهاق الخدمات الاجتماعية، ويمكن أن يزيد التوترات الاجتماعية ويؤثر على الأمن.

كما أن تكييف البنية التحتية والاقتصادات لمواجهة الضرر سيكون مكلفًا للغاية، لأن ذلك يحتاج ما يعادل 3.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة كل عام على مدى السنوات العشر المقبلة، وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي.

يجب أن يتجه الإنفاق نحو كل شيء بدءًا من إنشاء أنظمة أكثر كفاءة لاستخدام المياه وأساليب زراعية جديدة إلى بناء الحماية الساحلية، وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، وتحسين حملات التوعية.

لذا فإن إحدى الأولويات القصوى للشرق الأوسط والدول النامية الأخرى هي الضغط على الولايات المتحدة وأوروبا والدول الأكثر ثراءً لتزويدهم بالمليارات من التمويل المناخي.

التمويل الدولي

حتى الآن، أخفقت الدول المتقدمة في الوفاء بتلك الوعود، وذهبت معظم الأموال التي قدموها لمساعدة البلدان الفقيرة على دفع تكاليف الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، من أجل التخفيف وليس التكيف.

ترغب الدول النامية من الدول الثرية بتقديم 500 مليار دولار في تمويل المناخ على مدى السنوات الخمس المقبلة - وضمان أن نصف هذا التمويل على الأقل مخصص للتكيف وليس التخفيف.

الظروف غير مواتية

ومع ذلك، تهدد الأحداث العالمية بتحقيق هذه المساعي، فقد دفع الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة العالمية والحرب في أوكرانيا بعض الدول الأوروبية إلى العودة إلى استخدام الفحم لتوليد الطاقة - على الرغم من إصرارهم على أنها مجرد خطوة مؤقتة.

يوجد في الشرق الأوسط أيضًا العديد من البلدان التي تعتمد اقتصاداتها على موارد الوقود الأحفوري، مثل السعودية ودول الخليج العربي، وكذلك مصر رغم إنتاجها المتزايد من الغاز الطبيعي.

إن استمرار التضخم واحتمال حدوث ركود قد يجعل الدول الكبرى مترددة في التعهد بالتزامات تمويل المناخ.

المصدر: وكالات

اضف تعليق