يواصل العراق تسجيل زيادة سكانية مستمرة، عاماً بعد آخر، على الرغم من مشكلات البلد الكثيرة وافتقاره إلى أبسط الخدمات العامة ومقومات الحياة وسط توقعات بأن يصل عدد سكان بلاد الرافدين عام 2050 إلى 80 مليون نسمة، إلا أن الدعوات إلى تحديد النسل، وإن كانت غير صحيحة، أثارت سخرية العراقيين.

وكانت وزارة التخطيط، نفت الأخبار التي تداولتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن نيتها الإعلان عن توجهها لتحديد النسل في العراق، وأكدت أن الخبر عار من الصحة تماماً، ولا توجد هكذا توجهات، لأن عملية تحديد النسل تمثل حقاً من حقوق الأسرة.

وأضافت الوزارة، "نعمل حالياً على تحديث الوثيقة الوطنية للسياسات السكانية، في ظل اقتراب العراق من الدخول في الهبة الديموغرافية التي يصبح فيها السكان النشطون اقتصادياً، يمثلون الشريحة الكبرى في المجتمع، وتتضمن هذه الوثيقة مجموعة من السياسات السكانية، ومن بينها ما يرتبط بعملية تنظيم الأسرة، وهذه العملية لا علاقة لها بما يسمى تحديد النسل، فالأولى تعتمد على السياسات الرامية إلى رفع مستوى الوعي الأسري بضرورة تقليل عدد الولادات والمباعدة بينها، ويشترك في هذه العملية عديد من الجهات ذات العلاقة، من بينها وزارات الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية، فضلاً عن وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، أما تحديد النسل، فيستلزم تشريع قوانين ملزمة، وهذا غير وارد".

وقالت المواطنة العراقية نور علي، "وإن كان الخبر غير صحيح، من مساوئ كثرة الإنجاب الإهمال الذي يتعرض له الأطفال، خصوصاً سكان العشوائيات، والأحياء الفقيرة، والمناطق النائية، وبالأخص إذا كان الوالدان من المعدمين، فسيكون جيلاً مُعدماً من التربية والتعليم، فسبل الحياة على رقعة البلد باتت صعبة جداً".

وقال أحمد مؤيد، وهو رب أسرة لزوجة وطفلين، "تسيير الحياة اليومية في العراق أصبح صعباً جداً مع كثرة المتطلبات، وارتفاع أسعار السكن، والمواد الغذائية، والأطباء، والمدارس، بشكل يصعب على الدولة السيطرة عليه، وعلى الرغم من أن تحديد النسل في العراق يتضارب مع القيم الدينية والاجتماعية، إلا أن الوعي بمخاطر زيادة الأفراد في الأسرة الواحدة أصبحت ضرورة ملحة"، مضيفاً، "كثير من الأسر مدركة خطورة إنجاب كثير من الأطفال، حتى أن بعضها أصبح يفضل طفلين وثلاثة كحد أقصى بدلاً من إنجاب أربعة وخمسة وأكثر، في ظل الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها معظم الأسر العراقية".

وكانت وزارة التخطيط قد كشفت عن أرقام جديدة لعدد السكان الإجمالي في البلاد، وذكرت في بيان أن "عدد سكان العراق تجاوز 41 مليون نسمة عام 2021"، وأن عدد الذكور يشكل 51 في المئة، وعدد الإناث يشكل 49 في المئة من مجموع السكان، والتقديرات لعدد سكان المناطق الحضرية نسبتها 69.9 في المئة، وسكان المناطق الريفية 30.1 في المئة، وأوضح البيان أيضاً أن "التقديرات أظهرت أن العاصمة بغداد شكلت أعلى المحافظات في عدد السكان خلال 2021، وقُدّر عدد سكانها بـ8.7 مليون نسمة، بنسبة 21.3 في المئة من مجموع سكان العراق، وكانت محافظة المثنى (جنوب)، أقل المحافظات سكاناً بنحو 880 ألف نسمة، وبنسبة تبلغ 2.1 في المئة".

وتشير الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم في تصريح صحافي إلى أن "الزيادة غير المحسوبة أو غير المدروسة في السكان، تؤدي إلى عملية تكالب على الموارد، بالتالي، الفجوة الحاصلة بين زيادة حجم السكان وقلة الموارد ستكون كبيرة، وكلما كبرت هذه الفجوة كلما زادت الصراعات داخل المجتمع، وليس التنافس على الوظائف فقط، وفي النتيجة ستستمر الفوضى التي يعيشها مجتمعنا"، مضيفة، "للمسألة جانبان، تنفيذي وتوعوي، والتوعوي هو الأكبر، فنسبته 75 في المئة، والجانب التنفيذي 25 في المئة"، ومشيرة إلى أنه "سابقاً، كانت لدينا مراكز تحت مسمى حماية الأسرة وتحديد النسل، وهذا يحتاج إلى مراجعة طبية كما هو الآن موضوع تلقيح الحوامل"، ولفتت إلى أن "التوعية كانت تتولاها سابقاً مديرية العلاقات العامة والإعلام في وزارة الصحة، أما الآن فهي غير موجودة، كما أن لمنظمات المجتمع المدني دوراً كبيراً في هذا أيضاً من خلال انتشارها في الأحياء الفقيرة التي تحتاج بشدة إلى هذه التوعية، إضافة الى توفير موانع الحمل بأسعار رمزية أو مجانية، كما يحصل الآن في توفير اللقاحات".

المصدر: اندبندنت عربية

اضف تعليق