يعاني العراق منذ من مشكلة تهدد اقتصاده الريعي بشكل دائم، وهي نقص الإنتاج الوطني وعدم القدرة على تغطية الطلب المحلي والاعتماد بنحو 90% على المستورد الأجنبي.

وتعد الحبوب كالحنطة (القمح) والشعير من المحاصيل الإستراتيجية في العراق المساهمة بتعزيز الأمن الغذائي، لكن سرعان ما أصبحت ملفا معقدا ينذر بأزمة مرتقبة لزيادة الطلب الداخلي نتيجة ضعف إنتاجه المحلي وقلة المستورد منه لارتفاع أسعاره بسبب حرب روسيا وأوكرانيا، وهما من أهم البلدان إنتاجا للحبوب في العالم، وذلك حسب تقرير نشره موقع الجزيرة.

وكان حجم إنتاج العراق من محصول القمح خلال الموسم الشتوي للعام 2021 قد بلغ 4 ملايين و234 ألف طن، مسجلا تراجعا بنسبة 32% عن إنتاج عام 2020 الذي بلغ 6 ملايين و238 ألف طن، وفق الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط.

في بداية أبريل/نيسان الجاري كشف المتحدث باسم وزارة التجارة محمد حنون عن خطة تنفذ من خلال القانون الطارئ للأمن الغذائي لشراء 5 ملايين طن من القمح، 3 ملايين طن منها حاجة البلاد الفعلية ومليونا طن للمخزون الإستراتيجي.

وأشار حنون خلال تصريحات رسمية إلى أن الخطة تهدف إلى مواجهة الظروف الغذائية الطارئة، مؤكدا أن الوزارة قادرة على تأمين خططها الغذائية إذا استمرت المخصصات المالية لها.

وعن تراجع الزراعة في العراق، أوضح وزير الزراعة محمد كريم الخفاجي أن المخصصات المالية للقطاع الزراعي ضمن موازنة العام 2021 كانت ضعيفة جدا، ولم تستطع الوزارة توفير الأسمدة التي تعد أحد أهم مفردات زراعة محاصيل الحبوب في العراق.

وأضاف الوزير أن عملية زراعة محاصيل الحبوب تعتمد بنسبة 50% على الأسمدة التي لم تستطع الوزارة توفيرها عن طريق القطاع الخاص الذي تم تسليمه 100 إجازة استيرادية.

وأشار الخفاجي إلى أن السنة الحالية هي أسوأ سنة مرت على تاريخ وزارة الزراعة بسبب ارتفاع أسعار المحاصيل الإستراتيجية من الحنطة والشعير والذرة الصفراء نتيجة ارتفاع أسعار الأسمدة عالميا بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، فضلا عن ندرة مياه الأمطار على العراق وقلة المخصصات المالية.

وكشف الخفاجي عن تخصيص نحو تريليون و300 مليار دينار (6.8 مليارات دولار) ضمن القانون الطارئ للأمن الغذائي والتنمية الذي يُنتظر أن يمرره مجلس النواب لشراء الأسمدة والأعلاف وتسديد مستحقات الفلاحين وتطوير مشاريع الذهب الأخضر الأخرى ودعم الثروة الحيوانية.

بموازاة ذلك، يؤكد المختص في شؤون الزراعة والمياه علاء البدران أن الجهات الحكومية لم تستطع معالجة عجز توفير محاصيل الحبوب الإستراتيجية.

وقال البدران إن الحكومة العراقية عليها تأمين معدات الري بالرش حتى يتم الاقتصاد بالمياه من أجل توسيع المساحات المزروعة للمحاصيل الإستراتيجية.

وأضاف أن أغلب مناطق العراق الشمالية والشرقية تزرع المحاصيل الإستراتيجية كالقمح والشعير وغيرها، والآن ساهمت ظاهرة الاحتباس الحراري وقلة تساقط الأمطار إضافة إلى شح المياه السطحية القادمة من دول الجوار بتقلص كبير في مساحات زراعة الحبوب بالعراق.

ولفت المختص إلى أن الحكومة العراقية قررت خلال الموسم الزراعي الماضي تقليص المساحات المزروعة لعدم توفر المياه الكافية، وعلى ضوء ذلك لم يلتزم المزارع بالقرارات الحكومية وقام بزراعة محاصيل الحبوب على حساب الإفراط في استخدامات المياه.

بدوره، أشار الأكاديمي الاقتصادي الدكتور حسين الشامي إلى عاملين داخلي وخارجي يحولان دون نمو المحاصيل الزراعية الإستراتيجية الأساسية كالحنطة والشعير وأرز الشلب.

ويتمثل العامل الداخلي -حسب الشامي- في إخفاق السياسات الحكومية الاقتصادية والزراعية وبالتالي التقصير في دعم الفلاح والمنتج المحلي، كتوفير الأراضي الملائمة وحصص المياه والأسمدة، فضلا عن التمويل المالي لإقامة مشروعات زراعية بمنحها قروضا ميسرة.

أما العامل الخارجي برأي الشامي فهو إخفاق السياسات الجمركية وقيودها على المنتج الأجنبي، لعدم قدرة المنتج المحلي على التنافس مع المحاصيل الأجنبية، فضلا عن سياسات الإغراق التي تنتهجها دول الجوار المساهمة بإفشال المشاريع التنموية المحلية، وعدم استطاعة العراق تحقيق الاكتفاء الذاتي لسد الطلب المحلي كونه سوقا خصبة لتلك المنتجات والسلع الرخيصة.

المصدر: الجزيرة نت

اضف تعليق