يمتاز المطبخ العراقي بمختلف الأصناف والأطباق التي تعود أصولها إلى آلاف السنين، إذ إن بلاد الرافدين قدَّمت للعالم أقدم وصفات الطبخ، حيث عُثر في أرشيف جامعة "ييل" (Yale) في الولايات المتحدة الأميركية على ثلاثة ألواح كتابة مسمارية قديمة، يعود تاريخها إلى عام 1750 قبل الميلاد وتوضح مجموعة كبيرة من وصفات الطعام، بعضها لا يزال حيا حتى اليوم في المطبخ العراقي مثل التشريب وخبز العروك، واعتُبرت هذه الألواح أقدم كتاب طهي في العالم.

وازدهر المطبخ العراقي أيضا خلال العصر الإسلامي، وخاصة في العصر العباسي حيث كانت بغداد عاصمة الحكم العباسية. انعكس ذلك على الأطباق العراقية، التي تأثرت أيضا بثقافات وتقاليد الطهي المستمدة من ثقافات مجاورة مثل المطبخ التركي والإيراني والسوري.

وربما يكون أول ما يلفت الأنظار على موائد الإفطار في البيوت العراقية هو تنوع وتعدد الأطباق، حيث يحرص الأهل والجيران على تبادل أطباق الطعام التي يعدونها، وترسل كل أسرة أطباقا متنوعة من إفطارها إلى أسرة الجيران أو الأقارب، وهكذا تتجمع مختلف الأصناف على كل مائدة في كل بيت، وهي عادة قديمة متوارثة يحرص الجميع عليها حتى اليوم لأثرها الطيب على تقوية العلاقات بين الأُسَر وبعضها.

لا تقتصر هذه العادة على البيوت فقط، حيث يحرص الكثير من المصلين على حمل طعام الإفطار المُعَد في بيوتهم إلى المسجد، بحيث يتجمع المصلون عقب أذان المغرب للإفطار معا في مائدة جماعية نسجتها أطباق متعددة صُنعت بأيدي الكرم والمحبة المتبادلة.

ويعتمد المطبخ العراقي بدرجة كبيرة على الحبوب واللحم والأصناف التي تتطلب الطهي البطيء، كما تتصدر مائدة الإفطار أطباق الحساء وخاصة حساء العدس.

ومن أشهر الأطباق العراقية "سمك المسكوف"، أو "سمچ مسگوف" كما يسمى بالعامية العراقية، وهو من أطباق الأسماك المطهوة ببطء، وهو من أقدم الأطباق العراقية، حيث عثرت إحدى بعثات الآثار الإيطالية على إناء يُقدَّر عمره بأكثر من 4500 سنة به بقايا عظام أسماك تدل آثارها على أنها طُهيت بطريقة تُشابه الطريقة الحالية لإعداد المسكوف.

ومن الأطباق العراقية المميزة أيضا الدولمة أو المحشي، وتتنوع طرق تقديم الدولمة بتنوع المحافظات، فتُضيف إليها المحافظات الشمالية المزيد من معجون الطماطم لتحمل لونا أحمر، وتميل محافظات الوسط والجنوب إلى أن تُقدِّمها متبلة ببهارات حارة ويميل لونها إلى الصفرة، فتجد أطباق الدولمة التركمانية والكركوكية والبغدادية والموصلية وغيرها.

أما محافظة الأنبار فتشتهر بطبق مميز هو "الدليمية"، وتأتي التسمية نسبة إلى قبائل دليم، وتتكون "الدليمية" من كمية كبيرة من أرز العنبر المخلوط بالمكسرات فوق طبقة من الخبز المغمور في مرق اللحم، وتُزيَّن من الأعلى بقطع من لحم الغنم.

ومن بين الأكلات العراقية الشهيرة التي تُطهى خاصة في المناسبات والولائم، وهي من الأطباق المميزة عند تجمع العائلات لولائم الإفطار في شهر رمضان، طبق القوزي أو الأوزي.

ومن أطباق اللحوم العراقية الفريدة كذلك طبق كباب أربيل، ويمتاز عن غيره بوجود نسبة كبيرة من الدهون، مما يجعله يمتاز بهشاشته، ويُطهى على نار سريعة وعالية كي يحتفظ بقوامه ولا يتساقط عن السيخ.

وتُفضِّل بعض الأُسَر تناول طبق الباجة الموصلية، والباجة باللهجة العراقية هي رأس الخروف أو العجل، والأقدام التي تُعرف في بلاد عربية أخرى بالكوارع أو المقادم أو الكراعين وغيرها من الأسماء، وتُقدَّم مع المرق والخبز.

وللحلوى مكانة خاصة بين العراقيين، حيث يتفنَّنون في إعدادها سواء في المنازل أو في محلات الحلويات الشهيرة، ومن أشهر أطباق الحلوى الرمضانية في العراق حلاوة التمر التي تصنعها أغلب العائلات استعدادا للشهر الفضيل، وتتكون من مزيج من التمر والسمن، وقد يضاف إليها جوز الهند واللوز وحبوب الينسون.

وهناك كذلك طبق "من السما"، وتُصنع من مادة المن، وهي عبارة عن مادة دبقة تُجمع من الأشجار في منطقة جبال بنجوين في السليمانية بشمال العراق، وبعد جمعها تُذاب في المياه المغلية ويُضاف إليها المكسرات وحب الهال.

هذا بالإضافة إلى أطباق الشعرية والبرمة وزنود الست والبقلاوة والزلابية التي يتفنَّن العراقيون في إعدادها خلال أيام شهر رمضان.

المصدر: الجزيرة نت 

اضف تعليق