تحولت المدينة القديمة وسط مدينة الموصل بما تحويه من مساجد وكنائس وبيت تراثية التي كانت عرضة لهمجية عناصر تنظيم داعش الارهابي الى ورشة عمل وساعة لاعادة الحياة لها.

فورش بناء وترميم ضمن إطار مشروع "إعادة إحياء روح الموصل" الذي أطلقته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) بتمويل من الإمارات والاتحاد الأوروبي تنتشر وسط المدينة.

وفي الساحة المحيطة بمسجد النوري، لم يبق من المئذنة الحدباء التي بنيت قبل 850 عاماً سوى القاعدة، تغطيها قطعة من البلاستيك.

ويقول عمر طاقة، أحد مهندسي اليونسكو المشرفين على الأعمال في الموقع، "المئذنة الحدباء تمثل أيقونة الموصل، هي رمز المدينة".

ويضيف "أهل الموصل كلهم أمل أن يروا المئذنة الحدباء تعود إلى ما كانت عليه وأن تعود إلى المكان نفسه".

أما الجزء الأوسط من المسجد نفسه الذي تعلوه قبّة، فقد نجا من الدمار، وهو عبارة عن هيكل فارغ، تسند قناطره ألواح خشبية، فيما تعلو أعمدة المرمر الرمادية التي تطوقّه زخرفات زرقاء.

بعد إزالة 5600 طن من الركام، تنطلق أعمال ترميم المئذنة في مارس على هامش زيارة للمديرة العامة لليونسكو. بعد ذلك، تبدأ الأعمال على المسجد هذا الصيف. ويتوقع أن ينتهي العمل في الموقع بحلول نهاية العام 2023.

ويقول طاقة "في مصلّى الجامع فقط، عثرنا على 11 عبوة ناسفة غير منفجرة معدة للتفجير، قسم منها كان مزروعاً داخل جدران المصلى".

وفي انتظار إعادة بناء مطابقة لما كان عليه الموقع قبل التدمير، يجري حفظ القطع الأكثر هشاشة في مخزن، من بينها، أجزاء المنبر القديم الذي منه أعلن الزعيم السابق لتنظيم داعش قيام "الخلافة" في العام 2014، فضلاً عن قطع محراب.

وتتوزع قطع من الطوب على رفوف المخزن سيُستخدم 45 ألفاً منها، أي الثلث، في إعادة بناء المئذنة، كما يشرح طاقة.

ولا يزال الموقع غنياً بالمفاجآت. فقد تمّ العثور في كانون الثاني/يناير على قاعة صلاة تحت الأرض تعود للقرن الثاني عشر.

وجمعت اليونسكو من أجل مشروع "إعادة إحياء روح الموصل" 110 ملايين دولار. وبالإضافة إلى مسجد النوري، والعمل قائم لترميم كنيستي الطاهرة والساعة، ومئات المنازل، ومدرسة الحيّ.

وخلقت أعمال الترميم التي كلّفت بها شركات محلية، أكثر من 3100 فرصة عمل، أكثر من نصفها لشباب تلقوا تدريباً في الحرف التراثية وإعادة ترميم المباني، وفق اليونسكو.

أصبح أزهر الذي كان يبيع الفواكه والخضار على عربة في المدينة القديمة قبل الحرب، عاملا في موقع ترميم مسجد النوري.

ويروي الرجل البالغ من العمر 48 عاماً والأب لخمسة أطفال "البيوت كلها وقعت، الناس كانوا بالمخيمات وهذه الشوارع كلها كانت مدمّرة".

ويضيف "كل الناس عانوا. هناك من سقط له شهداء ومن فقد بيوتاً، ومن فقد متاجر وسيارات. عاد الى المدينة ولم يجد شيئا".

وعادت الحياة إلى طبيعتها في زوايا الحي. رغم أن مبان كثيرة لا تزال مهدمة، إلا أن المقاهي والورشات والأفران فتحت أبوابها.

في الأزقة الضيقة، عشرات المنازل قيد الترميم. بعضها عمره بين 100 و150 عاماً. خلف الأسطح والباحات المموهة بخيوط الشمس، تظهر الواجهات المرمرية الأنيقة المزخرفة بعضها بنقوش تعود للحقبة العثمانية.

ويقول المهندس مصطفى ناظم المشرف على إعادة ترميم المنازل "لدينا في المرحلة الأولى تقريبا 44 بيتاً، أغلبها اكتمل وستسلّم في نهاية شهر مارس/ آذار". يبقى 75 بيتاً لترميمه بحلول نهاية العام.

ويشمل المشروع أيضاً، وفق المهندس، "البنية التحتية، وترتيب الخطوط الكهربائية الخارجية للشارع، وكذلك أعمدة إنارة للشارع، ومد أنابيب مياه الشرب ورصف الشارع بحجر البازلت".

المصدر: أ. ف. ب

اضف تعليق