متابعة/ وكالة النبأ

في ظل دخول هجوم الجيش الروسي على أوكرانيا أسبوعه الثاني، بدأ النقاش يحتدم بين المراقبين والمحللين حول كيف يمكن أن يتطور الصراع، والى اين تتجه الامور على المستويين الداخلي والاقليمي.

وفيما يلي 4 فرضيات من بين أكثر المسارات ترددا بين المحللين.

صحيفة "لوتان" (Le Temps) السويسرية ناقشت هذه الفرضيات، وما يمكن أن ينتج عنها من عواقب اقتصادية في تقرير مطول للكتاب رام أتواريا ولويس لما وسيمون بيتيت وريشارد وارلي.

السيناريو الأول: انتصار روسي لكن بأي ثمن؟

في رأي الخبراء العسكريين، يبقى انتصار روسيا هو السيناريو الأكثر ترجيحًا، فميزان القوى لا يزال إلى حد كبير لصالح جيش الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على الرغم من المقاومة الشرسة للأوكرانيين، والقصور البيّن للقوات المهاجمة، ناهيك عن العيوب في خطة الكرملين الأولية.

فبعد فشل رهانهم في كييف الأسبوع الماضي والتقدم البطيء للغاية لقافلة عسكرية ضخمة شمال العاصمة الأوكرانية كييف، تواصل القوات الروسية التقدم على جبهات أخرى أقل حضورا في الإعلام، ولا سيما في جنوبي أوكرانيا.

وحتى لو تم سحق الجيش الأوكراني، فإن ذلك ينذر بأسابيع طويلة من القتال المكثف وعشرات الآلاف من القتلى المدنيين، وسيضع هذا السيناريو القادة الغربيين تحت ضغط كبير، وسيُطلب منهم المزيد من التدخل، مع محاولة تجنب حرب مفتوحة مع روسيا، لكن عواقب احتلال أوكرانيا ووضع رئيس عليها موال لروسيا لا تعترف به سوى الدول السائرة في فلك موسكو سيؤدي لمزيد من العزلة لبوتين على المسرح الدولي.

لكن هل ستنتهي الحرب في أوكرانيا عند ذلك الحد؟ لا شك في أن التجربة العراقية، وتجارب احتلال دول أخرى، تعطينا درسا مفاده أن الاشتباكات ستستمر وستكون دائما لصالح المقاومين الذين يحظون بتأييد السكان، وقد ظهرت المؤشرات الأولى لذلك في المناطق التي دخلها الروس حتى الآن، وهو أمر مقلق لبوتين.

فالسكان تظاهروا بأعداد كبيرة ضد الجنود الروس، ولا شك في أن حملة القمع الجارية سوف تضخم بالفعل صفوف حرب العصابات المحتملة، كما سيتم مد المقاتلين بشحنات الأسلحة الأوروبية، فضلا عن صعوبة مراقبة الحدود الأوكرانية شديدة الاتساع.

ومن الناحية الاقتصادية، إذا انتصرت روسيا، فسيتم الإبقاء على العقوبات، إن لم يتم تعزيزها. وستقطع البنوك الروسية تماما عن نظام المدفوعات الدولي "سويفت" (SWIFT)، وسيتوقف الاتحاد الأوروبي العميل التاريخي للغاز والنفط الروسي عن استيراده، مما سيحرم البلاد تمامًا من مكاسبها في مجال الطاقة، كما أن روسيا وأوكرانيا "المنضمة لها قسرا" لن تتمكنا من تصدير موادهما الأولية ولا منتجاتهما الزراعية.

السيناريو الثاني: حل تفاوضي غير مستقر

التقى المفاوضون الروس والأوكرانيون يوم الخميس الموافق الثالث من مارس/آذار الحالي للمرة الثانية في بيلاروسيا منذ بدء الهجوم، ولذلك فإن القناة الدبلوماسية مفتوحة بين البلدين، لكن في الوقت الحالي، ليس هناك الكثير مما يمكن توقعه من هذه المناقشات، ولا يزال فلاديمير بوتين وجيشه يهدفان إلى القضاء على الجيش الأوكراني بشكل نهائي.

هناك حديث عن تأكيد بوتين على اعتراف دولي بتبعية جزيرة القرم لروسيا، كما أن موسكو مهتمة بالجهة الجنوبية لأوكرانيا التي تمثل بالنسبة لها أهمية إستراتيجية كبيرة.

وإذا فشلت موسكو في عزل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فهل يمكن أن يكتفي بوتين بهذه المكاسب الإقليمية المحدودة؟ لا شك في أن الاتجاهات التالية التي سيتخذها الهجوم الروسي ستكشف نوايا الكرملين، فهناك حديث عن إنزال لاحتلال مدينة أوديسا في الغرب، وبذلك ستكون أوكرانيا قد حرمت تماما من إمكانية الوصول إلى البحر الأسود، بعد أن فقدت السيطرة على شبه جزيرة القرم.

سيكون هذا السيناريو بمثابة تقسيم لأوكرانيا، وفي هذا البلد الضخم، يمكن أن يعمل نهر دنيبر أيضًا كحدود جديدة بين الشرق الذي تسيطر عليه روسيا والغرب حيث تتراجع الحكومة الأوكرانية. هل يمكن أن يستمر هذا التقسيم أم إنه سيمثل مرحلة أخرى من تقسيم روسيا لجارتها ستنقلب لاحقا عليها؟

من الناحية الاقتصادية، ونظرًا إلى أن هذا الحل إذا تم قبوله من قبل أصحاب المصلحة، فإننا سنشهد عودة إلى وضع ما قبل 24 فبراير/شباط الماضي. وستُرفع العقوبات وتستأنف روسيا وأوكرانيا إنتاج وتصدير الطاقة والمواد الخام الأخرى، وستعاد البنوك الروسية للاتصال بنظام المدفوعات الدولي "سويفت"، كما أن هذا سيسمح كذلك بعودة المستثمرين الأجانب واستقرار أسعار السلع الأساسية وارتفاع سعر الروبل وإعادة فتح سوق الأسهم الروسية من جديد، وبدء التضخم في الاستقرار.

السيناريو الثالث: ماذا لو قررت روسيا توسيع الصراع غربًا؟

هذا هو أحد السيناريوهات الأكثر إثارة للرعب بالنسبة لقوات حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO). ويمكن أن يتم عبر هجوم بالمدرعات مدعوم بطائرات الهجمات الأرضية "سو-255-إم" المتمركزة حاليًا في مطار بريست البيلاروسي، لقطع اتصالات المقاومة وخطوط إمدادها في غربي أوكرانيا والالتفاف على كييف واحتلالها.

وهذا سيناريو مخيف، لأنه سيؤدي إلى انسحاب القوات الأوكرانية باتجاه الحدود البولندية، واعتراض الجيش الروسي قوافل الأسلحة التي يزودها الأوروبيون، وترى وزارة الدفاع البولندية في وارسو أنه "طالما تركز موسكو هجومها على شرق أوكرانيا، فإن خطر انتقال العدوى إلى الدول الأوروبية المجاورة يظل محدودًا، ولكن إذا اقتربت القوات الروسية من مدينة لفيف، على بعد 70 كيلومترا من بولندا، فإن أدنى انزلاق يمكن أن يكون له عواقب لا تحصى".

وهنا يمكن تحديد 3 مخاطر أخرى قد تؤدي لانتشار الصراع:

الأول: قصف مدفعي روسي باتجاه الغرب لثني القوات الأوكرانية المتمركزة في هذه المنطقة عن التقدم شرقا لمساعدة كييف. وإذا انفجر صاروخ بالخطأ في بولندا أو سلوفاكيا أو المجر أو رومانيا -وهي جميعها أعضاء حلف الناتو- فستطرح مسألة الرد، وربما يكون ذلك بداية دوامة يصعب تلافيها.

الاحتمال الثاني: الذي ورد ذكره كثيرًا في وارسو أو بودابست هو: قرار بوتين المجنون باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية لإجبار أوكرانيا على الاستسلام، فالعقيدة النووية الروسية ليست دفاعية

اضف تعليق