تعد قضية ترسيم الحدود المائية بين مصر والسعودية من أبرز القضايا العالقة بين مصر والمملكة، منذ ما يقارب من النصف قرن، إلا أن مؤشرات عدة، وتأكيدات إعلامية تكشف قرب انتهاء تلك القضية، خلال اتفاقيات سيوقعها الملك سلمان بن عبد العزيز مع رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، خلال زيارته الحالية لمصر.

وتشير مصادر إلى أن مصر ستتنازل عن حقوقها في تلك الحدود، وخصوصًا المتعلقة بجزر تيران وصافير المرتبطة بالأمن القومي المصري، بالإضافة لقيمتها الاستراتيجية والطبيعية، مما يفسر استمرار الدعم الاقتصادي المستمر لمصر من قبل المملكة، بالرغم من التباين الشديد بين البلدين في عدد من الملفات، منها ما يتعلق بالأمن القومي الخليجي.

ويعد من أبرز الدلالات على مقايضة المملكة مصر بالدعم مقابل التنازل عن تلك الجزر، ارتباط التوقيع المزمع خلال الزيارة الحالية باتفاقيات اقتصادية عدة ستساهم في إخراج، أو على الأقل مساندة مصر في مأزقها الاقتصادي الكبير الذي تمر به الآن.

ويلفت مراقبون إلى أن مقايضة مصر حدودها المائية، والتي تمثل أمنها القومي، ليس بجديد على نظامها الحالي، في إشارة لخطوة مشابهة قامت بها مصر مع قبرص، حين تنازلت عن حقها في أحواض غاز البحر المتوسط.

ترسيم الحدود المائية

تعد القضية الأهم التي ستتناولها زيارة الملك سلمان الحالية لمصر، هي ترسيم الحدود المائية بين مصر والمملكة، حيث أعلنت أوساط سعودية رسمية، وإعلامية في كلٍّ من القاهرة والرياض، أنه سوف يتم التوقيع بشكل نهائي على 14 اتفاقية تم بلورتها مؤخرًا بين مصر والمملكة.

وأبرز تلك الاتفاقيات هو ما تم الإعلان عنه خلال الجلسة الخامسة لمجلس التنسيق (المصري – السعودي) في الـ22 من مارس الماضي، والتي تتضمن اتفاقيات تتعلق بتوريد مشتقات بترولية لمصر وبناء جامعة باسم الملك سعود بسيناء، واتفاقيات تتعلق بتنمية شبه جزيرة سيناء.

أهمية تيران وصنافير

على الرغم من كون الجزيرتين غير مأهولتين، إلا أن أهميتهما تكمن في موقعهما وما يحتوياه من ثروات، حيث تقع جزر تيران وصنافير عند مدخل خليج العقبة بين الجهة المصرية والسعودية، وتصنع الجزر ثلاثة ممرات من وإلى خليج العقبة.

وتعطي الممرات الثلاثة للجزيرة أهمية استراتيجية، تكمن في أنه يمكنهما غلق الملاحة في اتجاه خليج العقبة.

كما تظهر أهمية أخرى تضاف للأهمية الاستراتيجية، حيث تم الإعلان عن المنطقة منذ عام 1983 كمحمية طبيعية، بالإضافة للثروات الطبيعية من نفط وغاز طبيعي في نفس المنطقة.

التنازع على جزر تيران وصنافير

وعلى الرغم من قدم التنازع بين المملكة ومصر على الجزر المشار إليها، إلا أنه عام 1950 ونتيجة لضعف البحرية السعودية آنذاك، اتفقت الدولتان على احتلال مصر لجزر تيران وصنافير، رغم تنازعهما لحمايتها، وقامت الدولتان بإعلام بريطانيا (30 يناير) ثم الولايات المتحدة (28 فبراير)، بأنهما وبصفتهما الدولتان اللتان تسيطران على جانبي مدخل الخليج، فقد اتفقتا علي تواجد القوات المصرية في جزيرتي تيران وصنافير (دون أن يخل ذلك بأي مطالبات لأي منهما في الجزيرتين).

وعقب انسحاب إسرائيل عام 1957 من سيناء وقطاع غزة، ووضعها شروط بوجود قوات دولية في منطقة شرم الشيخ ومضائق تيران، قامت المملكة بالإرسال للبعثات الدبلوماسية في جدة ثم للأمم المتحدة، ما يفيد أنها تعتبر جزيرتي تيران وصنافير أراضي سعودية.

وفي عام 2010 أصدرت المملكة إعلانًا ملكيًا، لتحديد خطوط الأساس للمناطق البحرية للمملكة في البحر الأحمر وخليج العقبة والخليج العربي.

ودفع الإعلان الملكي السعودي لإصدار القاهرة إعلان أودعته لدى الأمم المتحدة، أن المرسوم الملكي السعودي "لا يمس أو يغير في الموقف المصري في المباحثات الجارية مع الجانب السعودي لتعيين الحدود البحرية بين البلدَيْن”"، في إشارة إلى أن خط الحدود الذي أعلنت عنه المملكة تضمن مناطق تعتبرها القاهرة ضمن مناطقها الاقتصادية الخالصة، والتي تمتد مسافة 200 ميل بحري، وفق اتفاقية ترسيم المياه الاقتصادية الخالصة بين الدول، التي أقرتها الأمم المتحدة. رفَيْن.

وفي يوليو 2015 وقع وزير الدفاع السعودي ورئيس الحكومة المصرية على اتفاق القاهرة، والذي تضمن البند السادس منه على تعيين الحدود البحرية بين البلدين، ومن المفترض أن يوقع الملك سلمان خلال زيارته الحالية في مصر، على اتفاق خاص بإنهاء ترسيم الحدود.

هل تنازلت مصر عن الجزر لصالح الدعم السعودي؟

على الرغم من أن الحكومة المصرية والسلطات السعودية لم تعلنا حتى الآن، عن الصيغة النهائية للاتفاقية الخاصة بترسيم الحدود بين المملكة ومصر، إلا أن مصادر مطلعة نقلت بعض أجزاء هذا الاتفاق.

حيث قال مصدر يسمح له موقعه بالاطلاع على جزء رئيسي من تفاصيل زيارة الملك سلمان، أن من بنود زيارة الملك لمصر إعادة ترسيم الحدود المائية بين البلدين.

وأضاف المصدر: أن "هناك جزيرتين عليهما خلاف بين مصر والسعودية، سيتم التوقيع على أنهما تابعتين للسعودية، مقابل 2 مليار دولار سنويًا + 25/ من قيمة الغار والبترول المستخرج منهما".

اضف تعليق