أرسل العقيد ياسر الجوراني ولعه بصيد طيور الدراج إلى أماكن مختلفة، ومنها حوض حمرين، الذي اعتاد الذهاب إليه في الآونة الأخيرة.

لكن في 14 ديسمبر/ كانون الأول 2021 كان الوضع مختلفا، إغراء الصيد، لم يدعه يأبه بالشروط التي فرضها في المنطقة ارهابيو تنظيم داعش.

يقول مصدر محلي، لا يريد الكشف عن اسمه: "يشترط الارهابيون الصيد أيام الخميس والجمعة فقط. فهؤلاء بدوءا بفرض سطوتهم في مناطق مختلفة من محافظة ديالى، ولا سيما في المناطق الوعرة ذات التضاريس الصعبة، التي تحول دون الوصول إليهم".

الجوراني، غير المعتاد على أخذ الاجازات وفقا لعائلته، خرج للصيد يوم السبت، وبينما كان العالم يحتفل بالسنة الميلادية الجديدة، كان ذوو ياسر يشاهدون صورا بثها التنظيم الوهابي لما وصفوه بعملية "نحر مدير جوازات الأعظمية العقيد ياسر الجوراني".

عائلة الجوراني مكثت 16 يوما منذ اختطافه بانتظار اتصال يطالبهم ولو بفدية، لكن يبدوا أن الارهابيين كانوا عازمين على إعدامه، ولا سيما أنه ضابط في الداخلية العراقية.

قاتل الجوراني وفقا، لمصادر أمنية، ينتمي إلى عشيرة الكروي التي تسكن في ناحية جلولاء شمالي قضاء المقدادية.

وقالت مصادر مقربة من عائلة الجوراني، إن "المشتركين في عملية القتل هم عشرة، سبعة منهم ينتمون لعشيرة الكروية، واثنان منهم لعشيرة اللهيب، وواحد من بني زيد".

الجوراني وعائلته ممن شاركوا في قتال القاعدة، فبعد أن هجرت العائلة من قبل تنظيم القاعدة لقي حتفه على يدي وريث الارهابيين الجديد تنظيم داعش.

يقول أحد أصدقائه، الذي لا يرغب بالكشف عن هويته، "إن الارهابيين استهدفوا ياسر وأفرادا من عائلته من العسكريين أكثر من مرة".

لطالما ركز الارهابيون في أديباتهم في العراق على ضرورة إخضاع العشائر السنية أو اختراقها ويبدو أن هذا ما زال مستمرا مع تنظيم داعش في ديالى، وهو آخر ما تبقى لهم من إرث الزرقاوي.

ويذكر في العام 2010 أصدر التنظيم كتيبا إرشاديا لاستراتيجية التنظيم في التمكين وتأسيس الدولة الإسلامية، وفق تفسيراتهم، وأحد العناوين الرئيسية فيه ما عنون بـ "رصاصة للمحتل وتسع رصاصات للمرتد"، قاصدين بذلك المجتمعات السنية ممن شاركوا في الحرب ضد الجهاديين.

وقال مصدر أمني محلي إن "الفراغ الأمني الممتد ما بين حدود سيطرة الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق تعد جاذبة لنشاطات الارهابيين، مما يتيح لهم التحرك بسهولة في مجموعات صغيرة في تلال حمرين، ويساعدهم في فرض أجنداتهم على السكان المحليين، ومنها فرض ساعات الصيد".

ويضيف المصدر الأمني أن "ارهابيي داعش يفرضون إتاوات على المزارع المحيطة بهم، إذا لم يتم الدفع يقومون، أما بحرق المحاصيل أو قتل أصحاب تلك المزارع".

وبحكم انتشار البساتين والمياه في تلك المنطقة، فأن ذلك أيضا يزيد من أهمية المنطقة استراتيجيا لدى الوهابيين، لتوفير الغذاء، والماء، والمخبأ.

وفقا للمصدر الأمني الذي رفض الكشف عن أسمه، أن الفراغ الأمني، ساعد الوهابيين على "تأسيس معسكر تدريبي يطلقون عليه أسم معسكر عائشة".

وكان الناطق باسم تنظيم داعش، أبو محمد العدناني وقبل تحرير الموصل بعام، وقبل مقتله بغارة أميركية بثلاثة أشهر في أغسطس/ آب 2016، إن هزيمة التنظيم في الموصل لا تعني نهايته، مشيرا إلى أنهم سينحازون إلى الجبال والكهوف، حتى ولو كانت اعدادهم صغيرة.

يقع معسكر عائشة حسب المصدر الأمني في المنطقة المحصورة ما بين شمال بحيرة حمرين غرب ناحية السعدية وجلولاء، شمال شرقي المقدادية، ويبعد عن بعقوبة مركز محافظة ديالى نحو 80 كم ".

ويعلل المصدر سبب اختيار هذا المكان، إلى "عدم وجود مراكز للقرى قريبة منه، ويقع ضمن المناطق الفراغ الأمني، بالإضافة إلى حرية الحركة شمالا، كون المعسكر يربط شمال المقدادية وبعقوبة والخالص، وصولا إلى ناحية العـظيم 60 كم شمالي غرب ديالى".

إعادة المفارز الأمنية إلى الواجهة مرة أخرى مكنها من استهداف عدد من النقاط الأمنية الموجودة في ناحية العظيم، أو على الطريق الرابط ما بين محافظتي ديالى وكركوك. وتنوعت تلك الهجمات ما بين استهداف مباشر لنقاط أمنية سواء تابعة للجيش العراقي والشرطة وكذلك الحشد الشعبي والحشد العشائري. لعل آخرها كان استهداف سرية تابعة للجيش العراقي في ناحية العظيم شمال غربي ديالى، والتي راح ضحيتها 11 عسكريا بينهم ضابط.

ويقول علاء النشوع المحلل الاستراتيجي أن عدد الهجمات وصلت إلى "2000 عملية منذ العام 2019 ولغاية عام 2020، أغلب تلك العمليات تركزت في محافظتي ديالى وصلاح الدين القريبة منها".

المصدر: بي بي سي عربية

اضف تعليق