من الصعب أن يتصور من ينظر إلى المياه وهي تملأ شوارع أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق التي تعرضت مؤخرا لفيضانات قيل إنها قتلت عشر أشخاص في الأقل، أو الثلوج التي غطت السيارات قبل يومين في جارتها دهوك، أن يفكر بالجفاف الذي يضرب العراق.

لكن، في الحقيقة، سجلت مياه بحيرة سد دوكان، في محافظة السليمانية الكردستانية أيضا، أقل مستويات لها خلال الأعوام الأخيرة، بحسب خبير بيئي تحدث لموقع "الحرة"، مما جعل مجموعات من الكرد العراقيين يخرجون في صلوات استسقاء متواصلة.

ونتيجة للجفاف، قالت الحكومة العراقية إن مساحة الأراضي الزراعية المزروعة بالمحاصيل لموسم 2021-2022 "ستغطي فقط 50 بالمئة من المساحة المزروعة العام الماضي"، بحسب بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية الرسمية.

وفي البلد الذي عرف دائما بنهريه، يسمم الملح المترسب نتيجة سنوات الجفاف الأخيرة الأراضي الزراعية، كما يقول تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأميركية، فيما "تتناقص باستمرار واردات نهر دجلة والفرات" بسبب قلة الأمطار والسدود التي تقيمها تركيا وإيران على النهرين، وإذا أضفت كميات الغازات المنبعثة عن حرق الغاز خلال عملية استخراج النفط الخام. والسيارات والمولدات الأهلية لتعويض نقص الطاقة المزمن في هذه البلاد، وتناقص الأراضي الزراعية بسبب نقص المياه، وزحف المنازل على المزارع والبساتين، فإن المشكلة تبدو هائلة.

ويقول الخبير البيئي العراقي، نوري المعموري، إن نقص المياه في العراق أمر حقيقي، واحتمال شحها إلى درجة لا تبقي مياها لأي نشاط غير الشرب وارد جدا خلال السنوات العشر المقبلة".

ويضيف المعموري إن "التدهور البيئي حلقة يزداد اتساعها، تبدأ من قلة مستويات المياه العذبة وهي مشكلة عالمية، لكن في العراق يضاف إليها درجات الحرارة المتزايدة بسبب قلة الغطاء النباتي، والتلوث، مما يؤدي إلى التصحر، ويؤدي التصحر مرة أخرى إلى قلة إنتاج النباتات للأكسجين، وتقليل الأمطار".

ويؤكد المعموري قوله: "انخفضت المساحات المزروعة في العراق بمقدار 60-70 في المئة منذ عام 2003، وهي تنخفض باستمرار وبسرعة".

في الأهوار، وهي مسطحات مائية كانت يوما ما شاسعة، وشكلت موئلا طبيعيا لآلاف الأنواع من الحيوانات والطيور المحلية والمهاجرة، وسكنا لقبائل تعرف باسم "عرب الأهوار" منذ آلاف السنين، تبدو الآثار البيئية للجفاف واضحة

وتقول واشنطن بوست إن تأثير ارتفاع درجات الحرارة بدأ ببطء، سنة بعد سنة أصبح الصيف أكثر سخون.

وقد ارتفع متوسط درجة حرارة العراق بمقدار 4.1 درجة فهرنهايت منذ نهاية القرن التاسع عشر، وفقًا للصحيفة، أي ضعف المعدل العالمي.

ويقول سكان الأهوار للصحيفة إن قضاء الأيام على الماء أصبح أكثر صعوبة وسقطت جواميسهم مريضة، فيما يتم العثور على الأسماك ميتة على الشاطئ باستمرار.

تعتبر الأهوار المصب الأخير لمياه نهر دجلة قبل أن تتوجه إلى شط العرب ومنه إلى الخليج، لكن مشكلة نقص المياه مستمرة على طول النهرين.

وأدت مشاكل المناخ في العراق إلى تفاقم النقص في كل شيء من الغذاء إلى توليد الكهرباء.

وتنقل الصحيفة عن منظمات إغاثية وتقول إنه من المتوقع أن ينخفض إنتاج القمح في شمال البلاد بنسبة 70 في المئة، كما إنه في المقاطعات التي لا تصل إليها الأنهار، تنفق العائلات أجزاء كبيرة من دخلها الشهري على مياه الشرب.

وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فقد نزح أكثر من 20 ألف عراقي بسبب عدم توفر المياه النظيفة في عام 2019، معظمهم في جنوب البلاد.

اضف تعليق