على الرغم من انتشار البناء العمودي في العاصمة بغداد بشكل مكثف، وإطلاق عدد من المشروعات الخاصة به، إلا أن أزمة السكن ما زالت تعصف بالمدينة التي تضم أكثر من 9 ملايين شخص.

وخلال السنوات الأربع الماضية، انطلق عدد من المشاريع الخاصة بالبناء العمودي، حيث بدأ العراقيون يعتادون على هذا النوع من السكن رويدًا رويدًا، في مسعى لتطويق أزمة السكن، خاصة وأن بعض تلك المشروعات كان حكوميًا.

لكن أسعار تلك الوحدات السكنية، لم يكن مناسبًا لأغلب فئات المجتمع، واقتصرت في أكثرها على شرائح الأغنياء، وأصحاب الدخول المرتفعة، لجملة أسباب.

ويتحدث أبو محمد الخفاجي (53 عامًا) عن تجربته في البحث عن شقة سكنية، حيث يرى أن الأسعار المعروضة، كانت خيالية، إذ تراوحت بين 100 ألف دولار – 150 ألفًا، للنوع المتوسط، والمعروض لاستهداف الفئات الدنيا.

وقال الخفاجي "كيف يمكن لمن دخله أقل من 500 دولار شهريًا، أن يوفر مبلغًا باهظًا، لشراء تلك الوحدة، إذ توجد مغالاة غير منطقة، في هذا الباب، تفوق بشكل كبير، نظيرتها في إسطنبول أو دبي، وهذا غير معقول".

وأضاف "تنصّل الحكومات عن دورها في هذا الباب، وتقاعسها عن إنشاء مشروعات موازية، وبأسعار مدعومة، جعل من حيتان العقارات يبيعون كيفما شاؤوا، في ظل الطلب المتزايد على الإسكان".

ومنذ عدة سنوات، بدأت الحكومة العراقية، بإنشاء مجمع بسمايا قرب العاصمة بغداد، غير أن إجراءات البيع، وُصفت بالمعقدة، حيث تطلب الحكومة من الراغبين بالشراء، كفالة من أحد موظفي الدولة، على الملاك الدائم، وهو ما شكل عبئًا ثقيلًا على الراغبين بالشراء، بسبب صعوبة الحصول على الكفالة من الموظفين الذين يخشون غالبًا من الدخول في هذا المعترك، للمخاطر التي يحملها، في حال تهرب المشترين من دفع الأقساط.

مناطق عشوائية

وبسبب تلك الأزمة، نشأت مئات المناطق العشوائية، التي يسكنها فقراء، وفئات مهمشة في المجتمع، مثل الأيتام، والعاملين في المهن متدنية الدخل، أو التسول، فضلًا عن المشمولين بالإعانات الاجتماعية، وهي مساعدات تقدمها الحكومة لبعض الفئات.

وأعلنت وزارة التخطيط، يوم أمس، وجود 4 آلاف عشوائية منتشرة في كل المحافظات، وبواقع 3 ملايين و300 ألف شخص يسكنون فيها.

وبحسب الوزارة، فإن محافظة بغداد تحتل المركز الاول بالعشوائيات، بواقع 522 ألف وحدة سكنية، فضلًا عن 700 وحدة في محافظة البصرة، وتُعدّ محافظة كربلاء الأقل من ناحية انتشار العشوائيات بواقع 98 عشوائية.

أراضٍ زراعية تتحول إلى سكنية

كما نشأ عن أزمة السكن، تجريف عشرات البساتين، وبيع أراضيها على شكل قطع سكنية، بأسعار مخفضة، على رغم أنها غير مثبتة لدى الجهات الرسمية، على أنها سكنية، وإنما هي "زراعية"، ما ينتج عن هذا التضارب مشكلات كبيرة، تصل إلى حد فقدان الكثير من الساكنين منازلهم التي بنوها على تلك الأراضي، عبر هدمها من الجهات المسؤولة، بداعي مخالفتها للقوانين.

في هذا السياق، يرى الخبير في الشأن الاقتصادي، سرمد الشمري، أن "نشوء أزمة السكن، جاءت بسبب غياب التخطيط، والرؤية البعيدة لدى المسؤولين، عمّا سيكون عليه حال الشعب، بعد سنوات قليلة مقبلة، وهذا ما أوقعنا في هذا المأزق، الذي ربما نحتاج إلى سنوات، للخروج منه، في حال اتباع الإجراءات السليمة".

وقال الشمري، إن "الأسعار الخيالية للوحدات السكنية، لا يأتي بسبب التنافسية العالية للعاصمة بغداد، وإنما بسبب تزايد الطلب، ما دفع ملّاك العقارات إلى التلاعب بالأسعار، وعدم مراعاة الوضع الاقتصادي للبلاد".

وأشار إلى "ضرورة تدخل الحكومة العراقية، عبر مسارين: الأول إنشاء مشاريع مشابهة، وبأسعار تنافسية، تدفع الآخرين إلى خفض أسعارهم، والثاني هو تقليل الضرائب ودعم أسعار المواد الإنشائية، بل وفرض أسعار معقولة، تحقق مصلحة جميع الأطراف، فيما يتعلق ببيع تلك الوحدات".

المصدر: إرم نيوز

اضف تعليق