ما زال مؤتمر أربيل شمال العراق الذي عقد مؤخرا، ودعا إلى التطبيع مع كيان الاحتلال، يلقى الأصداء داخل الساحة السياسية الإسرائيلية.

ورغم الرفض العراقي الرسمي والشعبي لمخرجات المؤتمر المنبوذ، لكن الإسرائيليين نظروا إليه باعتباره يعبد الطريق نحو ضم العراق إلى سلسلة الدول المطبعة معهم، بعد الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.

وتحدثت هيئة البث الإذاعي والتلفزيوني الإسرائيلي "كان" في تقرير كتبه روعي كايس، أن "أحد دوافع جهود بعض العراقيين نحو التطبيع مع إسرائيل يكمن في حالة الانقسام والضعف التي يعيشها العراق، فضلا عن تنامي صورة الكراهية لإيران، وفي النهاية فإن هذا الحراك، رغم بدايته، ربما يمهد الطريق نحو زيارة بغداد قريبا".

وأضاف كايس في التقرير أن "مؤتمر أربيل، عاصمة الإقليم الكردي شمال العراق، الذي حضره مئات الشخصيات العامة ورجال القبائل، ممن طالبوا حكومة بغداد بالانضمام للاتفاقات الإبراهيمية وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، أمر لم يكن يصدق أن يحصل في العراق، البلد الذي أطلق صواريخ سكود على تل أبيب، لكنه في المحصلة ربما يقربنا من سلام تاريخي بينهما، ولعله يدفع باتجاه حجز التذاكر للسفر هناك لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في بغداد".

وتابع، يقدم الإسرائيليون ما يرون أنها خلفية لظهور دعوات التطبيع مع إسرائيل قياسا بأوضاع العراق في 2021، من كونه بلدا ضعيفا، ويعاني من الفساد، وتدمره الانقسامات والعنف العرقي، ومنذ أن أطاح الأمريكيون بالرئيس المقبور صدام حسين، فقد انتشرت الفوضى في البلاد، وظهر ضعف الحكومة المركزية في بغداد. 

ويقول كايس انه تذكر عدد من القراءات الإسرائيلية أن وجود حالة من الرفض الشعبي بين العراقيين لتنامي الوجود الإيراني، يدفعهم للجوء لما يعتبرونه عدواً لإيران، وهي في هذه الحالة إسرائيل، رغم أن هذا محاولة لتبرير الدعوات النشاز بالتطبيع مع إسرائيل، وهي لا تمثل جموع العراقيين، لأن بينها أصوات مقربة من الوجود الإيراني، ومن ذات المذهب الديني.

ويضيف، في الوقت ذاته، فقد بات العراق يشهد في السنوات الأخيرة، كما في البلدان العربية الأخرى، نشوء ظاهرة جديدة تتمثل بأن مواطنيه باتوا أقل اهتمامًا بالصراعات الإقليمية حولهم، وهو ما يحصل مع القضية الفلسطينية ذاتها، التي اهتم بها صدام حسين طيلة عهد حكمه، فضلا عما يزعمه الإسرائيليون عن وجود جالية يهودية منتشرة في العراق منذ سنوات طويلة، وباتت جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي للبلاد. 

واشار الى انه تستحضر الأوساط الإسرائيلية هذه المبررات للحديث عما يسمونه معاملة مختلفة قليلا من جهة العراق بالنسبة لإسرائيل، فضلا عن العلاقات الحميمة بين إسرائيل والأكراد في شمال العراق، ما مهد الطريق لحصول ذلك المؤتمر غير المسبوق الذي عقد في أربيل، حتى أن الكاتب روعي كايس ذاته تساءل عن توقيت أكله "الكبة" في بغداد، أو المبيت والإفطار مع إطلالة على نهر دجلة. 

وختم بالقول، صحيح أن الدعوة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل جاءت من أربيل في المنطقة الكردية، وليس من بغداد، ولكن طالما أن نفوذ طهران يتزايد، فسيكون من الصعب إخراج هذه الدعوات التطبيعية من الأدراج، ما سيتعين على أصحابها الاكتفاء بكتابة تعليقات إيجابية على صفحة فيسبوك الخاصة بالسفارة الإسرائيلية "الافتراضية" في بغداد.

المصدر: عربي ٢١

اضف تعليق