الأسوة والقدوة هي الإتباع والتأسّي في الفكر والسلوك والطريق وفي كل مجالات الحياة، ويعتبر القدوة من العوامل الأساسية التي لها إسهام في تطوير شخصية الإنسان والارتقاء بها إلى أوج الكمال كما إنها من الممكن أن تكون عاملا في انحطاطه إلى أسفل الدرجات، ولايقتصر تأثيرها على المستوى الفردي بل لها دور كبير وهام على المجتمعات البشرية في مجالات الإيمان والأخلاق والسياسية والحياة الزوجية والتربوية والحياة الاجتماعية، ولا أكون مبالغة أن قلت من الصعب جدا أن نجد إنسانا لا يعيش الاقتداء والتأسي سوا كان المقتدى به حسنا أو قبيحاً من حيث الأخلاق والسلوك، وللأثر الكبير الذي يتركه القدوة على حياة الفرد والمجتمع أولى الإسلام اهتماما كبيرا للقدوة ، وقام بذكر النموذج الأكبر والأكمل للقدوة وحث المؤمنين على إتباعه واقتفاء أثره ، وهذا القدوة هو الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله، فكل إنسان مؤمنا بالله يريد أن يتكامل في إيمانه وأخلاقه وسلوكه فعليه التأسي بشخصية وسلوك النبي صلى الله عليه وآله، وقد أوضح القرآن الكريم ذلك في سورة الأحزاب ( لقد كان لكم في رسول الله أُسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ) فكل إنسان مؤمنا برسالة النبي صلى الله عليه وآله عليه أن يتأسى بالنبي في أقواله وأفعاله.

فاطمة الزهراء عليها السلام هي النموذج الأكمل للقدوة ...

من تكريم الله تعالى للمرأة هو أن جعل لها نساء مؤمنات صالحات تتخذ أسوة وقدوة تتأسى بهن في حياتها العبادية والسلوكية والزوجية والاجتماعية والأخلاقية، وهذا في الواقع شرف عظيم للمرأة المؤمنة، والقرآن الكريم جعل امرأة فرعون قدوة في الصبر والثبات على الإيمان، وذكر أم موسى رمزا للتضحية، وأكد على سيرة السيدة مريم هذه المرأة الطاهرة العظيمة التي تفتخر بها جميع البشرية، والأعظم منهن هي السيدة الأكمل والأفضل التي تفتخر مريم وآسية أن تكونا خدما عندها وهي السيدة الزهراء عليها السلام، فالزهراء هي النموذج الكامل للأسوة الحسنة والقدوة الصالحة التي تتمكن كل امرأة في أي ناحية من نواحي الحياة تتكامل أن اقتدت بها، فالزهراء هي البنت البارة لأبيها حتى قال عنها أم أبيها و هي الزوجة المخلصة لزوجها، وهي المرأة التي تربى على يديها سيدا شباب أهل الجنة وهي من قدمت خيرة النساء من بعدها الحوراء زينب عليها السلام، والزهراء عليها السلام هي التي شاركت في الدفاع عن الإسلام حتى استشهدت في سبيل ذلك وقدمت نفسها قربانا في سبيل الله تعالى، ويعجز القلم أن يذكرجوانب حياة هذه السيدة العظيمة وكل ما نتمكن من قوله هو أن السيدة فاطمة عليها السلام إنسانة كاملة حازت على جميع الصفات الكمالية وأصبحت محورا لكل خير كيف لا وهي التي جمعت بين منزلتي النبوة والإمامة ، فأصبحت عليها السلام الحبل الرابط بين النبوة والإمامة، وأصبح بقاء النبوة مرهونا بوجودها وكذلك استمرار الإمامة مرهونا بها فكل امرأة عاشقة للكمال والشرف والكرامة والفضيلة وتريد أن ترتقي للأحسن في حياتها فعليها إتباع الزهراء عليها السلام، والتأسي بسيرتها وعبادتها وحجابها وجهادها وعفتها وصبرها وتربيتها وأخلاقها وفي كل ناحية من نواحي الحياة، وهذا ليس مجرد ادعاء ومبالغة لان هذا الشي امر بسيط جدا مع ماجاء في الروايات الشريفة التي تحدثت عن الزهراء في كافة الجوانب اذكر منها ثلاث روايات تتحدث عن عنها في ثلاث جواب من شخصيتها المقدسة.

فاطمة عليها السلام سيدة نساء العالمين ...

قال النبي صلى الله عليه وآله : أن الله اختار من النساء أربع : مريم وآسية وخديجة وفاطمة . وقال في حديث أخر : يا فاطمة أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين وسيدة نساء هذه الأمة .

عبادتها (عليها السلام) ...

عن النبي صلى الله عليه وآله : وأما ابنتي فاطمة سلام الله عليها فانها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي بضعة مني، وهي نور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبي، وهي الحوراء الإنسية متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله زهر من نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله عزوجل لملائكته : ياملائكتي انظروا إلى أمتي فاطمة سيدة إمائي قائمة بين يدي ترتعد فرائصها من خيفتي، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي ، أشهدكم أني قد آمنت شيعتها من النار.

منزلتها عند النبي صلى الله عليه وآله ...

قال النبي صلى الله عليه وآله : "إنما فاطمة بضعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني"

وقال أيضا في رواية اخرى : "إنما فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني"

فهذه الكلمات الشريفة من النبي صلى الله عليه وآله تدل على قدسية شخصية السيدة فاطمة عليها السلام وعلى عظيم منزلتها عند الله تعالى، وعلى علو مكانتها في نفس النبي صلى الله عليه وآله، فهذه المرأة الكاملة نعمة منحها الله للمرأة المسلمة الملتزمة بل لكل البشرية، والاقتداء بسيرتها الطاهرة يلعب دورا في امتلاك المرأة البصيرة والمعرفة والسلوك الأخلاقي تحصل عليها المرأة بانتخابها سيرة الزهراء لتكون في مكانة رفيعة عند الله، فالحياة الطيبة والكريمة للمرأة لايمكن الحصول عليها في غير شخصية وسيرة فاطمة الزهراء عليها السلام وأختم مقالي هذا بكلام لحفيدها الراحل الإمام الخميني قدس سره فقد قال عنها : امرأة تضاهي كل الرجال ... امرأة هي مثال الإنسان ... امرأة جسدت الهوية الإنسانية كاملة . وقال أيضا : نسخة إنسانية متكاملة .. امرأة حقيقية كاملة .. حقيقة الإنسان الكامل ... هي كائن ملكوتي تجلى في الوجود بصورة إنسان.

 

اضف تعليق