كتبت الناشطة البحرينية زينب الخواجة رسالة تروي حياتها بين القضبان والابواب المصفحة لسجن السلطة وبين التزوير الذي يمارسه ال خليفة امام العالم, فيما لا تزال ثورة الشعب البحراني موقدة رغم كل الضغوط والبطش, كتبتها من داخل سجون سلطات البحرين ونشرتها صحيفة الإندبندنت البريطانية آملة (الخواجة) في أن تشُقَ هذه الرسالة طريقها إلى خارج هذا السجن في البحرين.

تقول الناشطة البحرينية, "أجلس هنا في الظلام، في زنزانة رقم 19، وأنظر إلى طفلي أمام قضبان السجن اللامعة. إنه سجن جديد، الجدران جديدة، والطلاء جديد، والقضبان الحديدية جديدة".

وتوضح "تم اعتقالي قبل بضعة أيام بعد أن حُكم علي بالسجن لثلاث سنوات على خلفية قضايا سياسية عدة، إحداها تمزيق صورة حمد، (ملك) البحرين".

واضافت "أنا أمرّ من خلال باب السجن هذا حاملة طفلي، تذكرت بأني قد عبرت من نفس الباب وأنا على عكازات، حيث كنت قد عبرته وأنا حامل ولكني كنت محمولة على أيدي الشرطة. لقد مرّت خمسة أعوام على بداية الثورة في البحرين؛ خمسة أعوام من العدوان المنهجي على شعب هذا البلد الذي كان يصبو للمساواة في الحقوق والديمقراطية، وخمسة أعوام من الأعمال الإجرامية من قبل النظام؛ من قتل المتظاهرين السلميين، واعتقال وتعذيب الآلاف".

وبينت الخواجة "كانت أعوام مليئة بالبطولة والشجاعة والتضحية كما كانت مليئة أيضا بالألم والغضب والخسارة. ويبدو لي بعد كل هذا الوقت، أن الاستراتيجية الوحيدة للحكومة هنا هي مجرد إلهاء العالم عن الجرائم التي تحدث. فعوضاً عن تحسين حقوق الإنسان في البلاد، يبدو ان تفكيرهم الآن هو: "دعونا نشكّل منظمات الغونغو" (أي المنظمات "غير الحكومية" المدعومة حكوميا)، وبدلا من الإستماع إلى تظلمات الناس لنعمل على إسكاتهم، وبدلا من معالجة المشكلات لنحتويها حتى لا تظهر للعيان، وبدلا من الإفراج عن سجناء الرأي لنبني لهم سجونا أكبر وأفضل مظهرا. لنحتوي الاحتجاجات في نطاق القرى ولنسمح للعالم برؤية المدن والمراكز التجارية فقط، لنحتوي النشطاء في حدود أسوار السجون ولنسمح للعالم بأن يسمع فقط أبواق التطبيل الحكومية التي تتحدث عن الإصلاح. وأساساً، لنحتوي الحقيقة وندفنها ولنكتفي بنشر الكذب".

واشارت الخواجة الى ان "الأكثر غرابة من خطة الحكومة في كيفية التعاطي مع أكبر ثورة شهدتها البلاد، هو اعتقادها -على ما يبدو- بأمكانية نجاحها في ذلك".

واكدت ان "كل ما تفعله الحكومة هو تلميعها لهذه القضبان الحديدية، وجعلها برّاقة قدر الإمكان لكي يبقى العالم مشدوهاً ومنشغلا جدا بالنظر إلى لمعان هذه القضبان فتعمى أبصاره عما وراءها. ولكني لا أظن بأنها ستنجح في ذلك".

ودعت الناشطة زينب الخواجة العالم "للنظر إلى ما وراء لمعان هذه القضبان الحديدية؛ فيرى طفلي ذا العام الواحد وهو يمسك بها طيلة النهار باكياً، وليرى والدي ذا الخمسين عاماً وهو محدودب الظهر غائر الفكر أمام كتاب. ليرى مئات الأجساد المعذبة وآلاف القلوب الجريحة. آباءً يحلمون في تربية أبنائهم، وأزواجاً يأملون في دعم زوجاتهم، وفتيةً صغار بلا مستقبل. والكل الذين يعيشون هذا الألم في كل ساعة من كل يوم، يأملون أن لصمتهم هذا صوت أكثر صخباً مما يمكنهم قوله".

وقالت في رسالتها "يُصعَبُ التحديق في عيون متألمة والاعتراف بها، ولكن هذا هو تماماً ما أطلبه من الجميع. نعم هناك حكومات مستعدة لأن تغض الطرف عن معاناتنا وتصافح أولئك الذين يقمعوننا، ولكني أعتقد بأن هناك في العالم أيضا أشخاصا جيدون بما يكفي ليدركوا أن هناك معارك جيدة، أولئك المعجبون بمن يضحون أملاً في مستقبل أفضل، ومن لا يمكنهم الوقوف صامتين أمام القمع.

آملة في أن تشق هذه الرسالة طريقها لتخرج من هذا السجن فتحط بين يدَي وتحت ناظَري كل محب للحرية".

اضف تعليق