طرح موقع أسباب للدراسات تحليلا حول أبرز اللاعبين الرابحين والخاسرين في الملف الأفغاني، والذي انتهى مؤخرا إلى سيطرة تامة لحركة "طالبان" على البلاد.

وذكر موقع "أسباب"، أن الواضح أن الولايات المتحدة والقوى الغربية لا ترفض بشكل مبدئي عودة طالبان للحكم، لكنّ موقفهم النهائي من حكم الحركة سيتشكل بناء على برنامج أعمال حكمها الداخلية.

وتابع: "في المقابل، تنظر القوى المجاورة لأفغانستان لحكم طالبان وفق محددات جيوسياسية معقدة، ما زالت تتفاعل مع سياسات طالبان المحتملة داخليا وخارجيا لتشكل مواقف هذه الأطراف بصورة أوضح مع الوقت".

وأوضح الموقع أن الرابحين بصورة عامة من انتصار طالبان هم الصين، وروسيا، وباكستان، وقطر، وتركيا، وذلك بنسب متفاوتة لكل دولة.

في حين أن الخسائر أو التحديات من انتصار طالبان ستطال إيران، والإمارات والهند.

واستدرك التحليل أنه "من المبكر الجزم بأن خسائر هذه الأطراف ستكون طويلة الأمد، في ظل إمكانية أن تسعى لإعادة تعريف علاقاتها مع طالبان كي تتجنب خسائر إقليمية واسعة. لكن المحصلة العامة أن نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة تعرض لهزيمة استراتيجية".

الموقف الإيراني

اعتبر التحليل أن موضع إيران من انتصار طالبان يبدو الأصعب، مضيفا: "أكثر تعقيداً من أن يصنف ضمن حسابات الربح والخسارة المباشرة".

وتابع: "فمن ناحية، يمثل الانسحاب الأمريكي وإنهاء تواجد واشنطن العسكري والاستخباري الواسع في أفغانستان مكسبا لطهران. خاصة وأن هذا التواجد لم يكن من المستبعد أن يوظف ضد إيران في مواجهتها المتصاعدة في المنطقة مع الاحتلال الإسرائيلي. كما أن طهران استطاعت، رغم الاختلاف المذهبي، بناء علاقة مفيدة مع طالبان خلال السنوات الماضية، ربما تضمنت نوعا من الدعم العسكري".

وأضاف: "لكن في المقابل، ثمة تحديات سيكون على إيران التعامل معها. فعندما سيطرت طالبان على مدينة مزار شريف في أغسطس/آب 1998، هاجم مسلحون القنصلية الإيرانية هناك، حيث قتل 10 دبلوماسيين".

وأضاف أن "إيران تدرك تماما أن التمكين لقوة سنية محافظة مثل طالبان من شأنه أن يهدر الاستثمار الإيراني الضخم في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية في أفغانستان، ما يعني فقدان إيران نفوذها".

وتابع: "لم يكن تشكيل حكومة تديرها طالبان بالكامل تحت راية الإمارة الإسلامية السيناريو المفضل لدى طهران، لكنه أصبح الآن واقع البلاد الجديد، خاصة أن هذا الواقع أفقد شيعة أفغانستان (نحو 7% من السكان) مكتسبا مهما من اتفاق المصالحة في الدوحة، الذي أعطاهم 25% من مقاعد البرلمان الأفغاني، وهو ما أزعج مسؤولين إيرانيين وفق معطيات خاصة وردت لعدة أسباب".

وخلص أنه "على الرغم من المخاوف الإيرانية، من المرجح أن تعمل طهران على تجنب الصدام مع طالبان والبحث عن علاقة تحد من مخاطر تحول أفغانستان لبيئة معادية. وهو الأمر الذي أشار إليه جواد ظريف، معتبرا أن التهديد الأكبر بالنسبة لإيران هو تشكيل نظام سياسي مناهض في أفغانستان".

فشل إماراتي

يقول التحليل إن أبو ظبي وضعت رهانات كبيرة على حكومة كابل المنهارة، ولم تتمكن من كسب ثقة طالبان حين سعت لأن تستضيف جولة المفاوضات بين الحركة والولايات المتحدة.

ومن ثم انخرطت في المعسكر المناهض للحركة لدرجة أنها وافقت على استضافة مقر عمليات الطائرات بدون طيار الذي أعلن عنه البنتاغون كي يكون داعما للجيش الأفغاني ضد طالبان بعد الانسحاب الأمريكي، وهي دلالة لافتة على اصطفاف أبوظبي في المعسكر المناوئ لعودة طالبان.

وأضاف أنه "ستنعكس هذه الأحداث بشكل أو بآخر على توازنات التنافس بين دول الخليج العربية، بالأخص مع دولة قطر، وهو تنافس استراتيجي أبطأ اتفاق العلا حدته لكن ملفاته الإقليمية لا زالت مفتوحة، وجولة أفغانستان ستؤثر على حضور الإمارات – وبدرجة أقل السعودية – في صراعات آسيا الوسطى في المرحلة المقبلة".

ترقب تركي

 على الرغم من التوتر الأخير بين تركيا وطالبان، إلا أن أنقرة فيما يبدو ليست متشائمة من صعود طالبان. ثمة مؤشرات أن مسألة مطار كابل جاري التفاهم حولها، وأن تركيا ستتخذ موقفا إيجابيا تجاه حكومة طالبان المنتظرة. وهو ما بات واضحا في ظل إعلان تركيا أنها مستعدة للاستمرار في تقديم التشغيل الفني للمطار "إذا طلبت طالبان ذلك"، وهي رسالة تعيد صياغة العلاقة وفق أسس مقبولة من قبل طالبان الراغبة في إنهاء صفحة التواجد الأجنبي المرتبط بالاحتلال.

ومن المهم ملاحظة أن الأطراف الخارجية المقربة من طالبان، مثل قطر وباكستان، ستلعب دورا في التوصل لتفاهمات بين أنقرة وطالبان. وفي نفس الوقت، تحظى تركيا بدعم من حلفائها في الناتو للاستمرار في مطار كابل كضمانة لأمن حركة الطيران الدولي. وهي مسألة تحقق مصلحة لطالبان التي لا ترغب في استهلال عهدها بعزلة دولية.

اضف تعليق