مع حلول الليل بعد يوم من المشاهد المروعة لمحاولات السكان المحليين لسحب الضحايا من ردهة العزل في مستشفى الحسين بالناصرية، أشارت التقارير الأولية إلى أن انفجار خزان أوكسجين هو السبب. وقبل شهرين ونصف فقط، أدت ظروف مماثلة إلى انفجار في جناح فيروس كورونا في مستشفى ابن الخطيب ببغداد أودى بحياة 82 مريضًا، لجأ تحقيق بتكليف من الحكومة إلى فصل الإدارة الوسطى وتبعه استقالة وهمية لوزير الصحة لكن كما أوضحت النيران في الناصرية، لم يتغير شيء.

يقول يسار المالكي خبير اقتصادي ومستشار في مجال الطاقة في مقال ترجمته وكالة النبأ إن "انهيار نظام الرعاية الصحية العراقي الذي كان يُحتفل به في السابق هو نتيجة لما يقرب من خمسة عقود من الحرب والعقوبات والفساد". مستدركا "مع تدفق مليارات الدولارات من النفط على خزائن بغداد بعد عام 2003، ليس هناك مبرر كبير لتدهورها".

مبينا "دفعت التشخيصات الخاطئة ونقص الأدوية والعلاج المتخصص الكثيرين -بما في ذلك والدة الكاتب الراحلة- إلى التماس المساعدة الطبية بشكل يائس في الخارج، في لبنان وتركيا وإيران وحتى في أماكن بعيدة مثل الهند، ليس من المبالغة القول إن العراقيين يعتبرون المستشفيات في بلادهم في حقبة ما بعد 2003 مقابر جماعية".

وأضاف "لتهدئة الأجواء وتشتيت الانتباه، وضعت الحكومة أخيرًا اسمًا ووجهًا لقاتل هشام الهاشمي، لكن دون الكشف الكامل عن دوافع المسلح وانتمائه. في بعض الأحيان، يشعر العراقيون بالرضا بسهولة وقد يرى الكثيرون أن (نصف الحقيقة) أفضل من لا شيء. لكن وضوح وعبثية تمرين حفظ ماء الوجه أصاب العراقيين بخيبة أمل وهو شعور أصبح أكثر شيوعًا مع هذه الحكومة".

ويتابع المالكي "جعلت بطالة الشباب وعدم كفاية الخدمات العامة والفساد المستشري الناصرية أرضًا خصبة للنشاط ضد الطبقة الحاكمة الشيعية، كان نهج الحكومة المركزية يتمثل في تعيين جنرال عسكري في وقت ما كمحافظ- وهي خطوة إن وجدت، كانت تذكرنا بأساليب صدام حسين المنهجية للقمع ضد ما أسماه نظامه (الغوغاء) الجنوبيين".

ويشير الى أنه "قد يفترض الكثيرون أن الأمل يكمن في الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2021، و (الوجوه الجديدة) التي قد يجلبونها إلى السياسة البرلمانية العراقية، يبنون تفاؤلهم على حركة تشرين والشباب الذين يقفون وراءها والإصلاحات الخجولة لقوانين الانتخابات، حقيقة الأمر أن شباب تشرين يفتقرون إلى القيادة أو الأيديولوجيات المعروفة أو القدرات التنظيمية، وتتضاءل أعدادهم بالنظر إلى الإفلات من العقاب فيما يتعلق بعمليات القتل والخطف إلى جانب جاذبية (التعيينات الاستشارية)، في مواجهة اليقين الواضح بالهزيمة، قررت البقايا المتشددة بالفعل مقاطعة الانتخابات، ومن المتوقع أن يدعم الموالون للأحزاب نسبة الإقبال".

ويؤكد المالكي أنه "يجب إلقاء اللوم على الظروف في تراجع إيمان العراقيين بالديمقراطية على مدار الثمانية عشر عامًا الماضية، أصبح توفير الخدمات العامة والإصلاحات الاقتصادية قضايا تافهة مقارنة بالتمثيل العرقي والطائفي وكذلك الأمن".

اضف تعليق