صباح يوم العيد له طعم خاص لدى جميع الشعوب، فكل شعب لديه أعياده الخاصة به، لكن طعم عيد الأضحى المبارك بالنسبة للعراقيين هذه السنة جاء برائحة الدم فقد أفسد عليهم فرحة العيد كل من تنظيم (داعش) و(كوفيد-19)، حيث حصدا أرواح نحو 100 عراقي عشية العيد.

فقد فجعت مدينة الصدر الضاحية الشرقية للعاصمة بغداد عشية عيد الأضحى المبارك بهجوم استهدف سوق الوحيلات ما أدى إلى مقتل 28 مدنيا وإصابة 66 آخرين وفقا للمصادر الأمنية المطلعة، فضلا عن الدمار الكبير الذي خلفه الانفجار.

وقد أعلن تنظيم (داعش) الإرهابي في بيان مسؤوليته عن هذا الهجوم، مبينا أن الهجوم نفذه (انتحاري) يدعى (أبو حمزة العراقي) فجر نفسه وسط جموع الشيعة بمدينة الصدر، ما أدى إلى مقتل 30 شخصا وفقا للبيان الذي نشرته مواقع وهابية.

وقبل هذا الهجوم الإرهابي، بساعات داهم مرض كورونا الجديد (كوفيد-19) العراق ليتوفى بسببه 62 شخصا، في حصيلة يومية هي الأعلى خلال هذا العام، ويصيب 9883 شخصا في أعلى حصيلة إصابات يومية منذ ظهور المرض في البلاد نهاية فبراير العام الماضي، ليرتفع إجمالي الإصابات في البلاد إلى أكثر من مليون ونصف مليون إصابة.

ودخل العراق الموجة الثالثة من جائحة كورونا مطلع هذا الشهر ما أدى إلى ارتفاع حالات الإصابة بكوفيد-19 بشكل غير مسبوق ما دفع السلطات الصحية للتحذير من انهيار الوضع الصحي.

وفي هذه الأجواء المحزنة التي خلفها تنظيم داعش الإرهابي، ومرض (كوفيد-19)، استقبل العراقيون عيد الأضحى هذه السنة، في أجواء ساخنة على كل الأصعدة، فدرجة حرارة الجو وحسب هيئة الانواء الجوية سجلت في 12 محافظة عراقية من أصل 18 محافظة، درجات حرارة تتراوح بين 50 مئوية و52 مئوية، فيما سجلت المحافظات الست الباقية درجات حرارة بين 49 و45 درجة مئوية.

ويتزامن هذا الارتفاع الكبير في درجات الحرارة مع انقطاع في التيار الكهربائي لمدة تتجاوز 12 ساعة يوميا في العديد من المدن والبلدات، نتيجة أعمال التخريب من قبل الجماعات الإرهابية التي تستهدف خطوط نقل الطاقة الكهربائية بين المحافظات والمدن وخاصة الواقعة شمالي وشرقي البلاد.

أما الوضع السياسي فهو ساخن أيضا ولا يقل عن سخونة الجو، كونه يعاني من توترات وقلق بعد إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مقاطعته للانتخابات المقبلة، ما أثار المخاوف من حصول انشقاقات بين تياره قد تؤدي إلى صراع وفوضى ما يضطر الحكومة إلى تأجيل الانتخابات المقررة في العاشر من أكتوبر المقبل.

ولا يختلف الوضع الاقتصادي كثيرا عن الأوضاع الأمنية والصحية والسياسية في العراق، حيث يعاني الكثير من العراقيين البطالة وانخفاض الدخل بسبب ارتفاع الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي، الأمر الذي أثر بشكل كبير على حركة الأسواق والتبضع، وخاصة شراء الأضاحي، أحد طقوس عيد الأضحى المبارك، حيث انخفض الإقبال على شرائها نتيجة ارتفاع أسعارها.

وقال جبار كاظم (49 سنة) صاحب محل في المنصور غربي بغداد لوكالة أنباء (شينخوا) الصينية "لا يوجد طعم لهذا العيد، فقد أعلنت وزارة الصحة وفاة أكثر من 60 عراقيا بسبب كورونا، وبعد ساعات وقع الهجوم الإرهابي في سوق شعبي بمدينة الصدر راح ضحيته العشرات من الأبرياء بين قتيل وجريح".

وأضاف "هذه المأساة تجعلنا نحزن على أرواح الضحايا ونتعاطف مع أسرهم، لانهم ربما كانوا يخططون سوية للاحتفال بالعيد وسط الأهل والأحبة، لكن داعش وكورونا اجتمعا علينا وأفسدا فرحة العيد".

وأكد أن حركة الأسواق في هذا العيد ليست مثل باقي السنوات السابقة وخاصة قبل كورونا، لافتا إلى أن الإقبال على التبضع انخفض بشكل كبير، وخاصة في عشية عيد الأضحى لأن الناس بدأت تخاف من وقوع هجمات، فضلا عن الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعاني منه العديد من العوائل العراقية.

إلى ذلك قال علي داود العبيدي (23 سنة) "رغم أني شاب وفي بداية حياتي، لكن لم يصادفني عيد في مثل هذه الظروف القاسية" متسائلا "كيف احتفل بالعيد وهناك عشرات العوائل فقدت عشية العيد أرواح لأحبائها بلا ذنب؟

وأضاف "ما يجري في العراق الأن من ويلات ومآسي هو بسبب الاحتلال الأمريكي، الذي بنى العملية السياسية على أساس طائفي، ما فرق مكونات الشعب العراقي الأمر الذي سهل للجماعات الإرهابية ارتكاب جرائم بشعة ضد العراقيين جميعا".

وأكد أن من يقوم بهذه الأعمال الإرهابية بريء منه كل دين، بل أن منفذي هذه الهجمات المميتة لا يوجد لديهم حتى شعور إنساني لأنهم يستهدفون الأبرياء.

وقوبلت هذه الجريمة النكراء بحملة استنكار وإدانة من أغلب دول العالم والمنظمات الإنسانية، التي أعربت عن تضامنها مع الشعب العراقي لاستهداف الأبرياء عشية عيد الأضحى المبارك.

وكانت الحكومة العراقية قررت إعطاء إجازة لمدة سبعة أيام بدأت أمس الأول وتنتهي السبت المقبل لفسح المجال أمام العراقيين للاحتفال بعيد الأضحى المبارك.

اضف تعليق