ازدادت حوادث سرقة السيارات في الآونة الأخيرة ببغداد ومناطق الوسط والجنوب، الأمر الذي عده مراقبون فشل للأجهزة الأمنية في السيطرة على حركة هذه العصابات وضربها استباقيا، وكذلك السيطرة على منافذ تهريب هذه السيارات الى اقليم كردستان وبيعها هناك او تسجيلها أصوليا في الاقليم.

ضابط في وزارة الداخلية، قال في تصريح لموقع سكاي نيوز الاماراتي، إن "حوادث السلب ارتفعت خلال الفترة الماضية، بسبب انشغال القوات المحلية، بالاحتجاجات الشعبية، وكذلك مشاركتها في تطبيق إجراءات كورونا، مثل فرض حظر التجوال، وتطبيق الإغلاق العام وغيرها، وهو ما شجع تلك العصابات على الانتعاش مرة أخرى، وتهديدها أمن المواطنين".

وأضاف الضابط الذي رفض الكشف عن اسمه أن "هناك عدة متغيرات في تكتيك تلك العصابات، أبرزها العمل على وسائل التواصل الاجتماعي أحياناً، بداعي بيع وشراء السيارات، فضلاً عن تسجيل حالات سلب وسرقة كبيرة، مثل إيقاف الشاحنات الكبيرة، التي تحمل عدة سيارات صغيرة، في المناطق الواسعة، والطرق الرئيسية بين المحافظات".

وتابع أن "عدد الحالات المسجلة خلال الستة أشهر الأولى وصلت إلى نحو 150 حالة سلب في عموم العراق، دون إقليم كردستان".

وتعمد تلك العصابات إلى تغيير أرقام وبيانات تلك العجلات في ورشات متخصصة، أو تفكيكها وبيعها قطع غيار، او تهريبها الى اقليم كردستان وبيعها او تسجيلها هناك اذا كانت خصوصي، وهو ما يدر عليها مبالغ مالية وفيرة، خاصة وأن السيارات المستهدفة غالباً، ذات نوعيات جيدة، ومن مناشئ رصينة.

وتعتمد الشرطة المحلية في الغالب على بلاغات أصحاب تلك السيارات، والبيانات الأخرى، في متابعة تلك الجرائم، وتعقب عصابات الجريمة، لكن الكثير منها لا تصل إلى خيوط الجريمة، في ظل غياب كاميرات المراقبة، وضعف وصول المعلومات الاستخبارية، كما هي حالة المواطن إيهاب الموسوي، الذي تعرض إلى السلب على طريق ذي قار - البصرة، الشهر الماضي.

ويروي الموسوي تفاصيل الحادثة، قائلاً: "كنت أسير على الطريق الدولي، وتوقفت عند أحد الباعة على الرصيف لشراء المشروبات الباردة، لكن تفاجأت بوصول سيارة أخرى من نوع بيك آب، يستقلها 4 مسلحين، طوقوا سيارتي، وصوّبوا أسلحتهم نحوي، ليتقدم أحدهم إلى سيارتي المفتوحة أصلاً ويستقلها بشكل مسرع والهرب بها".

ويضيف "بعد ذلك هرب المسلحون بسيارتهم، وذهبت إلى مركز شرطة المنطقة لتقديم بلاغ، لكن لغاية الآن لم يتم العثور على السيارة، وهناك خيوط أولية ومعلومات مبدأية بشأن ذلك".

ولم يقتصر السلب على السيارات، بل يتعداها إلى المصانع والمتاجر المحلية، حيث شكا تجار عراقيون الشهر الماضي، وفق كتاب رسمي، من وجود ما وصفوها بـ"عصابات سرقة" في منطقة جميلة التجارية في العاصمة بغداد.

وجاء في الكتاب الصادر عن وزارة الداخلية أن "لفيفاً من تجار منطقة جميلة أشاروا عبر شكوى الى غرفة تجارة بغداد، إلى وجود عصابات تقوم بسلب المحال والتجار رغم مناشدات الاجهزة الامنية".

ويرى الباحث في الشأن الأمني العراقي، كمال البياتي، أن "تصاعد عمليات السلب يأتي في سياق التدهور الأمني الذي يشهده العراق، في ظل التحديات التي تواجهها القوات الأمنية، وأبرزها ضعف المنظومات التكنلوجية، مثل كاميرات المراقبة، والتقنيات الأمنية، ومراكز المعلومات، واستشعار المخاطر، والقدرة على تحليل البيانات، والتوصل للمتورطين، وهذا يتعلق كذلك بمسائل الإرهاب".

ويضيف الباحث العراقي للموقع الاماراتي "تستغل تلك العصابات الثغرات الموجودة لدى القوات الأمنية، وتقاطع القرار الأمني أحياناً، ومن خلال سلوكها يبدو أنها متدربة، وتمارس جرائم أخرى غير السلب، مثل القتل، والسرقات الكبرى، ما يعني الحاجة إلى جهد استخباري يخترق هذا الجدار، ويطيح بهذا النوع من العصابات التي أصبحت تؤرق قوى الأمن".

يذكر أن هذه الحوادث كانت شائعة إبان الحصار الذي فرضته الأمم المتحدة على العراق بعد الغزو الصدامي للكويت، حيث وصل الفقر الى مستويات قياسية في ذلك الوقت، والآن يعاني المواطن العراقي نفس الظروف الاقتصادية في ظل الارتفاع المطرد للاسعار على خلفية خفض قيمة الدينار العراقي وتبعات جائحة كورونا، اذ ازدادت نسب البطالة بصورة كبيرة خلال الأشهر الماضية.

اضف تعليق