تحوّلت صناعة المحتوى "الأكثر تداولاً" ووسوم مواقع التواصل الاجتماعي "الترند" إلى حالة من حالات التلاعب السياسي لصناعة رأي عام، عادة ما يكون أصله خلافات بين جهات حزبية أو شخصيات عامة ومسؤولين في الدولة العراقية.

ويلعب المال السياسي دوره في صناعة "الترند" في العراق، إذ تمتلك جميع الأحزاب والكيانات العراقية جيوشاً إلكترونية تخدم لصناعة محتويات عادة ما تكون مضللة ومدفوعة الثمن، ناهيك عن كونها تسعى إلى تشتيت الرأي العراقي من جهة، وضرب مصالح أو سمعة جهة معينة أحياناً.

تتنافس، في العادة، جهتين سياسيتين تمتلكان فصائل مسلحة، للوصول إلى الترند الثابت في موقع "تويتر" في حدود دولة العراق، من خلال آلاف التغريدات المتسلسلة التي تكون عادةً عن طريق النسخ واللصق لنفس العبارة مع وجود قنوات تدعمها على تطبيق "تيليغرام"، تتولى إعداد وصياغة التغريدات أو حتى تنسيق الهجمات الإلكترونية على حسابات شخصيات سياسية وحكومية وناشطين مدنيين. ووصل الحال إلى حسابات ناشطات وحقوقيات عراقيات تصدرن أخيرًا المطالبة بسن قانون يناهض العنف الأسري والتمييز على أساس النوع الاجتماعي.

خلال ذلك، يغيب فعلياً الصوت العفوي أو الشعبي العراقي من قائمة "الترند" العراقي، إذ عادة ما يؤدي عمل الجيوش الإلكترونية إلى تلاشي أي فرصة لتصدر اهتمامات العراقيين الحقيقية لمواقع التواصل الاجتماعي.

لم تكن ما بات يعرف في العراق محلياً بـ"حرب الترندات" حاضرة بين الأحزاب العراقية، خلال السنوات الماضية، بل كانت ظاهرة اعتماد الصفحات المزيفة على المواقع هي السائدة مع بث الشائعات وحملات التخوين والتسقيط. إلا أن السياسات الجديدة التي تواصل فرضها إدارة مواقع التواصل وتحديداً "فيسبوك" و"تويتر"، وهي الأكثر استخداماً في العراق، تدفع إلى استخدام الحسابات الحقيقية وليست الوهمية التي عادة ما تكون عرضة للإغلاق.

ويرى مراقبون أن تطور الحرب السياسية إلى هذا الحد، يُعد الأخطر كونه لا يعتمد على الاشتباك المسلح أو التجاذبات السياسية، بل يصل إلى الحرب المعلوماتية والتضليل ونشر الأخبار الكاذبة والمزيفة ووصل الأمر الى استهداف أي معارضين، بسمعتهم وحياتهم الشخصية.

اضف تعليق