أعادت مجلة "ذا ناشونال إنترست" نشر مقال كتبه كيل ميزوكام، الكاتب في المجلة الأمريكية، في عام 2014 وتناول فيه الحديث عن أقوى خمس قوات جوية على وجه البسيطة، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تحتل المرتبة الأولى في هذه القائمة، وأن اليابان هي "الحصان الأسود" الذي يأتي في المرتبة الخامسة.

وقال الكاتب إن تحديد أقوى خمس قوات جوية في العالم يُعد أمرًا صعبًا ومحفوفًا بالتحديات. وهناك قوات جوية كبيرة مُدرَّبة ومُجهَّزة جيدًا ومرشَّحة بصورة واضحة للانضمام إلى هذه القائمة. وهناك أيضًا قوات جوية مرشَّحة بصورة أقل وضوحًا، مثل روسيا. والقوات الجوية الروسية، مع أنها أكبر من كثير من قوات جوية أخرى بالنظر إلى عدد الطائرات، إلا أنها تمتلك أرقامًا وإحصاءات، وتتمتع بانتشارها الواسع باعتبارها أكبر بلد من حيث المساحة على الأرض، وخطة لتحديث طائراتها، فضلًا عن امتلاكها للأسلحة النووية.

وفي إطار هذا المقال، يحكم الكاتب على القوات الجوية من خلال المعايير الآتية: الحجم والتأثير وبذل أقصى جهد لمطابقة القدُرُات مع المُهمَّة.

1- القوات الجوية الأمريكية

يرى كاتب المقال أن القوات الجوية الأمريكية، الذراع الجوي الأبرز للولايات المتحدة، هي الجهة الرئيسة المسؤولة عن المهام الجوية والفضائية، وآية ذلك أنها تتحكَّم في كل شيء بداية من إطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، مرورًا بإطلاق طائرات الفضاء من طراز بوينج إكس-37، ووصولًا بالطائرات المضادة للدبابات من طراز إيه-10 ثاندربولت. كما تُنسِّق عمليات الإطلاق العسكرية في الفضاء وعمليات الإسقاط الجوي لقوات المظلات التابعة للجيش الأمريكي وإلقاء القنابل على مقاتلي "داعش".

وتستخدم القوات الجوية الأمريكية 5600 طائرة بجميع أنواعها، بما في ذلك مقاتلات من طراز رابتور إف-22 وطائرات مقاتلة من طراز إف-35، وإف-15، وإف-16. كما تستخدم طائرات القاذفات الإستراتيجية من طراز بي-2 وبي-1 وبي-52، بالإضافة إلى طائرات نقل الإمدادات من طراز سي-5 وسي-17 وسي-130. وتشغِّل القوات الجوية الأمريكية هذه الطائرات من قواعد موجودة في الولايات المتحدة القارية وقواعد خارجية بداية من المملكة المتحدة ووصولًا إلى اليابان.

2- طيران البحرية الأمريكية

وبحسب المقال، تجدر الإشارة بصورة منفصلة إلى أنه نظرًا لحجم القوات البحرية الأمريكية وقوات مشاة البحرية الأمريكية وقدراتِهما، تُعد القوتان مجتمعتان ثاني أكبر قوة جوية في العالم، بإجمالي أكثر من 3700 طائرة من جميع الأنواع. ويتضمن ذلك امتلاكَهما 1159 طائرة مقاتلة و133 طائرة هجومية و172 طائرة دورية و247 طائرة نقل و1231 طائرة مروحية.

وتُعد طائرات القوات البحرية الأمريكية مسؤولة عن حماية الأسطول الأمريكي وتنفيذ مهام جوية من داخل المحيطات والبحار في العالم ومن فوقها في الغالب. وتعمل معظم طائرات القوات البحرية وقوات مشاة البحرية الأمريكية على متن سفن في البحر، وهي مهمة صعبة وخطيرة تتطلَّب درجة عالية من التدريب والإجادة. 

ويكمن الجانب الأكثر وضوحًا للطيران التابع للبحرية الأمريكية في الجناح الجوي لحاملات الطائرات الذي يُحلِّق إحدى عشرة حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية. وعادةً ما يتكون كل جناح من نحو ستين طائرة مُقسَّمَة إلى ثلاثة أسراب طائرات من طراز هورنتس وسوبر هورنتس إف/إيه-18، وسرب طائرات إنذار مُبكِّر محمولة جوًّا من طراز هوك إي-2سي، وسرب طائرات حرب إلكترونية من طراز جرولير إي إيه-18جي، وسرب طائرات مروحية.

ويلمح الكاتب إلى أن الجوانب الأخرى للطيران البحري تتضمن الطائرات المروحية التي تُحلِّق السفن الحربية للبحرية الأمريكية والسفن المدمِّرة وغيرها من السفن السطحية، وطائرات المراقبة البحرية من طراز بي-3 أوريون وبوسيدون بي-8، وأنواع مختلفة من طائرات بي-3 التي تُنفِّذ مهام المراقبة الإلكترونية.

ويُسْهم الطيران التابع للقوات البحرية الأمريكية أيضًا في القوة النووية الإستراتيجية الأمريكية، إذ يقود تحليق الطائرات التي تعمل بنظام تاكامو (Take Charge And Move Out) وتتمثَّل مهمتها في توفير القيادة والتحكُّم في حالة اندلاع حرب نووية.

 وتُدرَج طائرات قوات مشاة البحرية الأمريكية ضمن إجمالي طائرات القوات البحرية الأمريكية وتعمل على سفن تابعة لها، ولكنها تستهدف العمليات الجوية والبرية معًا التي تنفذها قوات المشاة البحرية، مع التركيز على دعم القوات البرية التابعة للبحرية الأمريكية.

3- روسيا

ويشير الكاتب إلى أن انهيار الاتحاد السوفيتي ترك الجزء الأكبر من القوة الجوية السوفيتية في أيدي الدولة الروسية الجديدة، واعتمدت روسيا على هذا الميراث الضخم على مدى عقود.

وتمتلك روسيا إجمالًا 1500 طائرة مقاتلة و400 طائرة مروحية عسكرية. ومع ذلك فإن الجزء الأكبر من هذه الطائرات قديم ولم يُطوَّر تطويرًا كبيرًا ولم تجرِ صيانته بصفة مستمرة. وتسيطر الطائرات المقاتلة من طراز ميج-29 وسو-27 وميج-31 التي أُنتِجَت قبل نهاية الحرب الباردة على القوات الجوية الروسية.

وعلى الرغم من أن القوات الجوية الروسية لا تتحكم في قوة الصواريخ البالستية العابرة للقارات في البلاد، إلا أنها تسيطر على طائرات القاذفات النووية الإستراتيجية، بما في ذلك طائرات قاذفات من طراز "بير" تو-95 القديمة، و"بلاك فاير" تو-22 و"بلاك جاك" تو-160. 

ويردف الكاتب قائلًا: دخلت القوات الجوية أخيرًا مرحلة التحديث المستمر، مع ظهور طائرات مقاتلة جديدة عبر الإنترنت وقيد التطوير. ولعلَّ أحد الأمثلة على ذلك يتمثل في الطائرة المقاتلة من طراز سو-35، وهي طائرة مقاتلة جديدة تجمع بين سرعة حركة طائرة فلانكر سو-27 المشهورة وتعدُّد استخداماتها والتقنيات الجديدة والمتطورة، التي تدخل الخدمة بأعداد محدودة.

ويعمل مقاولو الدفاع الروس حاليًا على الطائرة المقاتلة من طراز تي-50/باك-إف إيه، التي تَعِد بأن تكون أول طائرة مقاتلة روسية من الجيل الخامس. كما أفادت تقارير أن روسيا تعمل على إنتاج طائرة قاذفة إستراتيجية جديدة من طراز PAK-DA.

وأدَّت القوات الجوية الروسية مؤخرًا دورًا بارزًا مع تنفيذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مناورات، وهي مهمات تحليق مكثفة بالقرب من المجال الجوي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) والسويد واليابان. وتهدف هذه المهمات في المقام الأول إلى إظهار القوة الروسية.

4- الصين

ينوِّه الكاتب إلى أن جيش التحرير الشعبي الصيني يُعد وصفًا شاملًا للقوات المسلحة الصينية، ويتمثَّل فرعا الطيران الرئيسان التابعان لجيش التحرير الصيني في القوات الجوية والقوات الجوية البحرية التابعين لجيش التحرير الصيني.

وتمتلك القوات الجوية والقوات الجوية البحرية التابعتان لجيش التحرير الشعبي الصيني مجتمعتان 1321 طائرة مقاتلة وطائرة هجومية و134 طائرة قاذفة ثقيلة وناقلة و20 طائرة إنذار مُبكِّر محمولة جوًّا. كما تستخدم الصين 700 طائرة مروحية مقاتلة، معظمها من فئة الطائرات ذات الحمولة المتوسطة.

ومع أن هذا العتاد قد يبدو قوة جوية كبيرة الحجم، على الرغم من الزيادات الكبيرة في الميزانية الدفاعية، إلا أن غالبية تلك الطائرات عفا عليها الزمن. ولا يوجد سوى 502 طائرة حديثة، وأنواع مختلفة من طائرات من طراز فلانكر سو-27 الروسية التي تعود إلى حقبة الثمانينيات والطائرة المقاتلة المتعددة المهام من طراز جاي-10 المُطوَّرَة محليًّا. ويرجع تاريخ الطائرات المقاتلة المتبقية التي يبلغ عددها 819 طائرة مقاتلة إلى سبعينات القرن الماضي ولن تُمثِّل تهديدًا خطيرًا على القوات الجوية الأجنبية.

 ومع ذلك تستمر القوات الجوية الصينية في تحديث طائراتها، وتطرح صناعة الطيران في الصين تصاميم جديدة بسرعة كبيرة. وفي الوقت نفسه لا تكتفي البلاد بتطوير طائرة مقاتلة واحدة من الجيل الخامس، بل تعمل على تطوير طائرتين من هذا النوع، وهما الطائرة المقاتلة الثقيلة من طراز جاي-20 والمقاتلة الأصغر حجمًا من طراز جاي-31. كما تعمل بكين على تطوير طائرة النقل الإستراتيجي من طراز واي-20 وهناك إشاعات تدَّعي أنها تعمل على إنتاج طائرة قاذفة إستراتيجية لتحل محل الطائرة القاذفة من طراز شيان إتش-6. 

وعلى غرار القوات الجوية الأمريكية، تمضي الصين قُدُمًا أيضًا في تطوير مجموعة متنوعة من الطائرات المقاتلة غير المأهولة، مثل طائرة سيف الظلام (Dark Sword).

ويتمثل مجال تطوُّر القوات الجوية الصينية في الطيران البحري. ومن المُرجَّح أن يتبع أول حاملة طائرات في الصين، وهي طائرة لياونينج (Liaoning)، حاملات طائرات أخرى، على الرغم من أن التقارير المتعلقة بالقُدُرات والإحصاءات تتفاوت تفاوتًا ملحوظًا. وتُعد الطائرة المقاتلة جاي-15، وهي طائرة محلية مستوحاة من طائرة سو-27، حاليًا المقاتلة الرئيسة في الصين، وهناك تقارير تفيد أن المقاتلة المتعددة المهام من طراز جاي-31 ستؤدي دورًا مشابهًا للدور الذي تؤديه طائرة إف-35سي على حاملات الطائرات الأمريكية.

5- اليابان

ويرى الكاتب أن الحصان الأسود في هذه القائمة هو قوات الدفاع الذاتي الجوية اليابانية. وتمتلك اليابان أكثر من 300 تفوق جوي ومقاتلة متعددة المهام مضبوطة ضبطًا دقيقًا للدفاع عن الدولة الجزرية ضد التهديدات الجوية والبرية والبحرية.

ونظرًا لأنها تعكس سياسة الدولة العسكرية للدفاع فقط عن أراضيها، تتمتع قوات الدفاع الذاتي الجوية اليابانية بدرجة عالية من التخصص في مجال الحرب الدفاعية. وبادئ ذي بدء مهمة الدفاع الجوي: إذ تتذكر اليابان جيدًا ما حدث في المرة الأخيرة التي فقدت فيها تفوقها الجوي على البلاد.

ويؤكد الكاتب أن الطيارين اليابانيون مُدرَّبون تدريبًا جيدًا ويحظون بتقدير نظرائهم من الطيَّارين. ويشارك الطيارون اليابانيون بصورة منتظمة في مناورات العلم الأحمر التي تنفِّذَها القوات الجوية الأمريكية، ويظلون على أهبة الاستعداد بسبب عدد متزايد من عمليات الإقلاع الفوري لاستهداف الطائرات الأجنبية التي تقترب من المجال الجوي الياباني، شهد النصف الأول من عام 2014 وحده 533 إقلاعًا فوريًّا ضد مجموعة من الطائرات الروسية والصينية.

ولا تشتري اليابان سوى أفضل طائرات التفوق الجوي من الولايات المتحدة، بعد أن اشترت 223 طائرة مقاتلة من طراز إف-15جاي ذات المقعد الواحد وطائرات مقاتلة ذات مقعدين من طراز دي جاي في ثمانينات القرن الماضي. ومع ذلك كان من المقرر أن تحل الطائرة من طراز رابتور إف-22 محل هاتين الطائرتين، وشعرت اليابان بخيبة أمل بسبب القانون الأمريكي الذي يمنع تصدير طائرات مقاتلة من طراز إف-22 إلى الخارج. 

ومن المقرر أن تشتري اليابان الآن 42 طائرة مقاتلة الهجوم المشترك من طراز إف-35 إيه، إذ طلبت أول أربع طائرات منها خلال الشهر الماضي فقط. وتستمر طوكيو في تطوير مشروع مقاتلة إف-3 الوطني لتحل محل طائرة إف-15، على افتراض أن مقاتلات الخط الأول الأمريكية في المستقبل ستكون محظورة. وفي الوقت نفسه، تحظى الطائرات المقاتلة من طراز إف-15 جاي وإف-2 بعمليات ترقية لتعزيز قدراتها الجوية.

ويختم الكاتب مقاله بالقول: حتى توفر اليابان قُدُرات الإنذار المبكر، فضلًا عن القيادة والتحكم، تمتلك طوكيو أسطولًا من الطائرات الأمريكية. كما تمتلك اليابان أربع طائرات ذات نظام إنذار وتحكُّم محمولة جوًّا من طراز إي-767، وثلاثة عشر طائرة إنذار مُبكِّر محمولة جوًّا من طراز هوك إي-2سي. ومن المزمع أن تقتني قوات الدفاع الذاتي الجوية اليابانية أحدث طائرات من طراز هوك إي-2دي للمساعدة في التصدي للعدد المتزايد من الاعتراضات الجوية.

اضف تعليق