تعرضت وسائل إعلام محلية كردية في إقليم كردستان العراق، قامت بتصوير شاب ايراني وهو يحرق نفسه في مدينة أربيل دون أن تتدخل لمنعه، إلى انتقادات واسعة وصلت إلى حد المطالبة بمحاسبتها وإيقافها عن العمل.

وتظهر لقطات مصورة لشاب تبين أنه كردي إيراني مقيم في أربيل ويدعى محمد محمودي البالغ من العمر 27 عاماً وهو يتحدث عن قراره بالانتحار من خلال حرق نفسه أمام مبنى الأمم المتحدة في أربيل، بسبب الظروف المعيشية الصعبة، حاملاً عبوة بنزين بينما يقف أربعة صحافيين حوله حاملين الميكرفونات والكاميرات ينتظرون تنفيذ تهديده بحرق نفسه وهو ما فعله بالنهاية، فيما اكتفى الصحافيون بتصوير المشهد.

ودانت دائرة الإعلام والمعلومات في حكومة إقليم كردستان بشدة وسائل الإعلام التي غطت محاولة الانتحار، موضحةً في بيان أن وسائل الإعلام التي قامت بتغطية الحدث لم تأخذ بنظر الاعتبار أخلاقيات العمل الصحافي، والقوانين السارية، وتعليمات حكومة إقليم كردستان، ولم تراعِ مسؤولية العمل الصحافي. وتابعت "يجب على الجهات المعنية قطع الطريق أمام هذه التصرفات، وعلى الادعاء العام القيام بواجبه بمنع تكرار هذه الأعمال غير الإنسانية".

كما أكدت هيئة حقوق الإنسان في إقليم كردستان أن "الصحافيين قاموا بتصوير عملية الانتحار بشكل كامل بدلاً من التدخل لمساعدته ومنعه من إضرام النار بنفسه"، مضيفةً في بيان أن "هيبة الإنسان وحمايته وإبعاده عن خطر الانتحار والإحراق واجب إنساني ويمليه الضمير الإنساني، وبدلاً من التغطية والتصوير كان عليهم السعي لإبعاده ومنعه من الانتحار".

من جهتها، طالبت وزارة الثقافة والشباب في حكومة إقليم كردستان رئاسة هيئة الادعاء العام باتخاذ الإجراءات القانونية بحق القنوات الإعلامية والمراسلين والمصورين الذين غطوا حادث قيام شاب بإحراق نفسه أمام مقر الأمم المتحدة بأربيل، موضحةً أن عدداً من القنوات الإعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي قامت بنقل الحادث مباشرة.

وبينت أن الوضع الحالي للإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في إقليم كردستان سيئ من ناحية سلوكيات العمل الصحافي والمسؤولية الاجتماعية، مشيرةً إلى أنها ستضع المقصرين أمام مسؤوليتهم القانونية والاجتماعية.

ودعت جميع وسائل الإعلام إلى الابتعاد عن بث الأخبار والتقارير والبرامج التي تحض على العنف والقتل والانتحار، مضيفةً "وفي حال عدم الالتزام بتلك التعليمات، فإنه ومن خلال هيئة الادعاء العام وفي ضوء القانون والتعليمات النافذة في إقليم كردستان، ستتخذ الإجراءات القانونية ضدهم".

وشددت هيئة الادعاء العام في إقليم كردستان على ضرورة الإسراع في متابعة الحادث وتقديم المقصرين إلى القضاء، مضيفةً في بيان "لا يتوجب استعمال الإنسان كسلعة من أجل خبر صحافي"، ولفتت إلى أن هذا النوع من العمل بعيد عن المهنة الحقيقية للصحافة.

واعتبر عضو نقابة صحافيي كردستان أحمد قادر أن ما جرى بعيد كل البعد عن أخلاقيات العمل الصحافي، مضيفا "كان الأحرى بالمراسلين والمصورين وقف البث المباشر والإسراع في إنقاذ حياة الشاب قبل حرق نفسه".

وعبّر في حديث صحافي عن تأييده للإجراءات التي ينوي الادعاء العام اتخاذها ضد وسائل الإعلام التي صوّرت عملية الحرق في سابقة خطيرة تهدد مهنية العمل الصحافي في كردستان وبقية أنحاء العراق.

المصدر: العربي الجديد

اضف تعليق