مع استمرار وتيرة الأخبار التي تحدثت عن نية رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي وتحركاته لتشكيل تحالف جديد أطلق عليه أسم (تحالف وطن)، ليكون بديلاً عن (التحالف الوطني)، حيث يتوقع العبادي من هذا التحالف الجديد أن يوفر الغطاء البرلماني لحكومته (التكنوقراطية) المقبلة، التي يعول عليها أن بقيادة البلاد في المرحلة المقبلة، وتكون قادرة على تنفيذ إصلاحاته بعيداً عن التجاذبات الحزبية الضيقة لأطراف (التحالف الوطني) الحالي التي أخفقت كأغلبية برلمانية بشرعنة وتمرير إصلاحات العبادي.

في وسط هذه التداعيات والتحركات، يطرح التساؤل التالي نفسه للنقاش: ماذا كان دور رئيس التحالف الوطني المتمثل بالسيد الجعفري؟

وما هي جهوده في الحفاظ على وحدة التحالف الوطني ورسم سياساته؟! وهل كان لينتهي المطاف بالتحالف الوطني إلى حالته هذه لو قام السيد الجعفري بواجباته كرئيس للتحالف الوطني؟!

وكما هو معلوم، فإن النظام البرلماني في العراق، يعطي لمجلس النواب وخصوصاً للكتلة الأكبر فيه، دوراً في تشريع السياسات العامة وتنفيذها من خلال رئيس الوزراء الذي ينتمي لهذه الكتلة، ولأن تكوين هذا التحالف (الكتلة الاكبر) يتطلب اتحاد عدة كيانات متباينة -ربما إلى حد كبير- في مفاهيمها ومصالحها وأولوياتها، لذا يصبح من المنطقي جداً وجود قيادة قادرة على توحيد المواقف والرؤى لجميع هذه الكيانات المنطوية تحت راية هذه الكتلة الأكبر، حيث يفترض بهذه القيادة ضمان وحدة وتماسك هذه الكتلة الاكبر، لكي تستطيع الحكومة من الاستمرار بأداء مهامها في ظل عباءة هذه الكتلة الاكبر المتماسكة.

ولكن عندما تبدأ هذه الكتلة الاكبر بالتشظي والتفتت، فهذا يشير إلى قصور أو ربما تقصيراً في أداء (رئاسة هذه التحالف).

تشير الأحداث إلى أن (رئاسة التحالف الوطني) قد اعتبرت منصبها تشريفاً حظيت به، ولم تتعامل مع هذا المنصب كتكليف يفرض عليها واجب الحفاظ على وحدة التحالف، ولملمة أعضاءه وجمعهم على طاولة الحوار وتوحيد الرؤى؛ ففي الازمة الاخيرة على سبيل المثال قد برز خلاف حول مفهوم حكومة التكنوقراط، المزمع تشكيل الحكومة على أساسه في المرحلة المقبلة، ففي الوقت الذي أيدت فيه طائفة من التحالف الوطني هذه الخطوة، ذهبت أخرى إلى أن مفهوم (التكنوقراط) بدعة يراد منها ابعاد بعض مكونات التحالف عن الحكم، في حين قرر طرف ثالث إن (التكنوقراط) مفهوم مثالي لا يمكن تطبيقه، والافضل استبداله بمصطلح (الكفاءات)، هكذا ومع تصاعد حدة الخلافات اختفى دور رئيس التحالف في جلب جميع الجهات المنضوية تحت راية التحالف، وجمعهم على طاولة الحوار لتوحيد المفاهيم المختلف عليها وبلورة مشروع موحد، يلبي توجهات الجميع ويحافظ على مصلحة العراق وشعبه.

يذهب البعض إلى أن هذا الاخفاق لم يكن بسبب قصور رئاسة التحالف، فالسيد الجعفري بما يملكه من عقلية تنظيرية وإدراك واسع ونظرة شمولية، بالإضافة إلى سماته الشخصية واحترامه الذي يحظى به لدى شريحة واسعة من مكونات التحالف الوطني وخارجه، كان يمكنه من لعب دور أكثر محورية في تماسك التحالف، إلا أن التزاماته المتعددة والمتشابكة كرئيس لحزب سياسي، وكوزير لخارجية العراق، جميعها مهام ساهمت بالتأثير سلباً على أداءه كرئيس للتحالف الوطني.

 

جدير بالذكر أن الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة النبأ/(الاخبار)

 

اضف تعليق