تنطلق اليوم في ملعب كربلاء الدولي بطولة غرب آسيا بمباراةٍ تجمع بين المُنتخبَين العراقي المضيف واللبناني. بطولة يُتوقَّع أن تكون المنافسة فيها مُتقارِبة، وهي تحمل أهمية مُضاعَفة للعراق على المستويين الفني والتنظيمي.

بعد بطولة كأس آسيا لكرة القدم مطلع العام وبطولة أمم أفريقيا قبل أيام، سيكون الموعد الكروي الجديد من خلال بطولة غرب آسيا التي تنطلق اليوم في العراق وتحديداً من مدينة كربلاء، بمباراةٍ تجمع بين البلد المُضيف أمام لبنان (الساعة 19,30 بتوقيت بغداد)، تليها مباراة فلسطين أمام اليمن (الساعة 22,30).

صحيح ألا مجال للمُقارنة بين هذه البطولة وبين البطولتين المذكورتَين لناحية الأهمية والمُنافسة وعلى المستوى الفني والأجواء، وصحيح أن البطولة محصورة ببلدان منطقة غرب آسيا، وصحيح أن بعض المنتخبات ستخوضها من دون لاعبيها المُحترفين أو بتشكيلاتٍ شابّة، لكن تبقى هذه البطولة محطّة مهمّة للاستعداد للاستحقاق الكبير وهو التصفيات المزدوجة لمونديال 2022 وكأس آسيا 2023، فضلاً عن أنها مناسبة لبعض المُنتخبات لاستعادة بعض من أمجادها الكروية.

لا بدّ من القول بداية أن البطولة ستتأثّر فنياً لا شك بغياب المنتخب الإيراني البطل القياسي بـ 4 ألقاب بعد انسحابه من اتحاد غرب آسيا. الحضور الإيراني يُشكّل دوماً إضافة نوعية في المنافسات التي يشارك فيها، فضلاً عن المواكبة الجماهيرية التي ترافقه خصوصاً أن البطولة الحالية في البلد الجار العراق.

لكن مع غياب المنتخب الإيراني القويّ يمكن القول إن المنافسة ستكون مُتقارِبة على اللقب. العراق يطمح طبعاً، على أرضه، للعودة بقوّة خصوصاً أن التوفيق لم يحالفه في بطولة آسيا الأخيرة. صحيح أن أبرز النجوم سيغيبون عن منتخب "أسود الرافدَين" وفي مقدّمهم علي عدنان ومهند علي، إلا أن العراقيين يعوّلون على باقي أفراد كتيبة المدرّب السلوفيني ستريتشكو كاتانيتش لتحقيق اللقب الثاني لهم في البطولة بعد عام 2002 في سوريا والأول للبلاد منذ التتويج التاريخي بلقب بطولة آسيا 2007 مع جيل يونس محمود، وبطبيعة الحال فإن منتخب "أسود الرافدَين" سيحظى بميزة المواكبة الجماهيرية له في ملعب كربلاء الدولي.

من جهته يسعى المنتخب السوري إلى مصالحة جماهيره بعد تراجُع أدائه ونتائجه منذ بطولة آسيا الأخيرة وفي المباريات الودّية وبطولة "نهرو" الودّية في الهند وهذا ما جعل الانتقادات تطال المدرّب فجر إبراهيم الذي يبدو مُطالباً بإعادة "نسور قاسيون" إلى السكّة الصحيحة وتحقيق اللقب الثاني في البطولة بعد عام 2012.

وفي المجموعة الأولى أيضاً إلى جانب العراق وسوريا وفلسطين واليمن، يتطلّع اللبنانيون إلى منتخبهم لتكون له كلمة في بطولة غرب آسيا.

في هذه البطولة، وتحت قيادة المدرّب الجديد الروماني ليفيو تشيوبوتاريو، يأمل اللبنانيون أن يقدِّم مُنتخبهم صورة مختلفة عما يظهر به دوماً في الاستحقاقات التي يشارك فيها والتي يعود منها خالي الوفاض إلى بيروت. تبدو بطولة غرب آسيا ومع تقارُب مستوى مُنتخباتها ومُشاركة منتخبات بتشكيلاتٍ شابة وغياب النجوم فرصة مثالية ليحقّق منتخب لبنان إنجازاً انتظره اللبنانيون طويلاً.

من المهم أن ينطلق اللبنانيون في بطولة غرب آسيا من حيث أنهوا مشاركتهم في بطولة آسيا عندما حقّقوا فوزاً كبيراً على كوريا الشمالية 4-1 وكانوا قريبين من التأهّل إلى الدور الثاني رغم غياب المحترفين، لكن النجوم المحليين بقيادة القائد النجم حسن معتوق بإمكانهم تأدية الواجب وصنع ما كان دوماً يُعَدّ مُستحيلاً على مُنتخب الأرز.

ورغم ظروفه المختلفة عن البقيّة بسبب الاحتلال، فإن المنتخب الفلسطيني أثبت في الأعوام الأخيرة تطوّر مُستواه، وهذا ما كانت عليه الحال في بطولة آسيا بتعادله مع المنتخبَين السوري والأردني 0-0، لذا لا يمكن التقليل أبداً من شأن منتخب "الفدائي" في بطولة غرب آسيا.

أما المنتخب اليمني، والذي تعاني بلاده من عدوانٍ ظالمٍ منذ حوالى 5 سنوات، فستشكّل البطولة فرصة أمامه لمواصلة التطوّر بعد مشاركته في كأس آسيا 2019.

في المجموعة الثانية التي ستُقام مبارياتها في أربيل والتي ستشارك فيها منتخبات الأردن والبحرين والسعودية بتشكيلاتٍ شابة، فإن التركيز بالدرجة الأولى سيكون على منتخب الكويت العائِد إلى المُنافسات بعد رفع الإيقاف الدولي عنه من "الفيفا" والذي استمرّ منذ عام 2015 بزعم التدخّل الحكومي في شؤون اللعبة. لطالما كان المنتخب الكويتي من المنتخبات القوية في كرة آسيا وستمثّل له بطولة غرب آسيا، التي أحرز لقبها سابقاً، فرصة مهمة لاستعادة بعض من أمجاده.

بطبيعة الحال فإن الأنظار ستكون خلال البطولة على ملعب كربلاء الدولي الذي يستضيف المباراة الافتتاحية ومباريات المجموعة الأولى والمباراة النهائية (يتأهّل إليها مباشرة المُتصدّران في المجموعتين).

الأنظار على هذا الملعب لن تكون فقط من العراقيين ومُشجّعي المنتخبات المشاركة، بل حتى من الاتحادين الآسيوي والدولي للوقوف عند مدى قدرة العراق على تنظيم بطولة ناجحة بعد غياب استمرّ لسنواتٍ طويلةٍ لرَفْعٍ الحظر عن باقي الملاعب العراقية وتحديداً في العاصمة بغداد، وهذا هو الطموح الأول للعراقيين في الطريق نحو استعادة العراق عافيته تماماً بعد النصر الذي تحقّق على تنظيم "داعش".

ملعب كربلاء الدولي شكّل محطّة مهمة في رَفْعِ الحظر تدريجاً عن إقامة المباريات في الملاعب العراقية عندما تمّ السماح باستضافة المباريات الودّية أولاً فيه إلى جانب ملعبَي البصرة وأربيل في إقليم كردستان، ثم تالياً المباريات الرسمية.

الأولوية كانت لملعب كربلاء الذي افتُتح عام 2016 في أجواء رائعة بمباراة بين منتخب العراق ونادي كربلاء ثم استضاف المنتخب العراقي منتخبات عربية في هذا الملعب قبل أن تلعب فيه الأندية العراقية مبارياتها في المسابقات الآسيوية.

سريعاً أخذ ملعب كربلاء، الذي شُيِّد عام 2015 ويتّسع لـ 30 ألف متفرّج، مكانة مهمة بين كبريات الملاعب في قارة آسيا، حيث يُصنَّف حالياً بين أفضلها وأحدثها وهو يتميّز بتصميمه المميز بمواصفات عالمية وقرب المدرّجات من الملعب ما يُتيح أجواء مميّزة للمشجّعين فضلاً عن وجود شاشتين كبيرتين فيه وهو يضمّ فندقاً حديثاً.

المتوقّع أن يكون الحضور كبيراً في هذا الملعب خصوصاً خلال مباريات المنتخب العراقي. البداية اليوم أما الختام ففي 14 من الشهر المقبل حيث سيُتوَّج البطل، والأهم أن يتوَّج العراق بـ "لقب التنظيم" الذي ستكون له إنعكاساته الإيجابية على الرياضة العراقية.

اضف تعليق