يعتقد ترامب أنه يستطيع الحصول على مساعدة باكستان في عملية الانسحاب من أفغانستان، متصورًا أنه يمكنه إقناع رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان بذلك، لكن تاريخ البلدين لا يرجح حدوث هذا السيناريو.

وفي مقال مجلة فورين بوليسي الأمريكية، يتناول مايكل هيرش ولارا سليجمان تطورات الوضع واحتمالات حدوث تعاون بين باكستان والولايات المتحدة.

زيارة ترامب

أعرب الرئيس دونالد ترامب لرئيس الوزراء الباكستاني عمران خان هذا الأسبوع عن آماله المفرطة، مشيرًا إلى رغبته في مواصلة تقديم المعونات الأمنية، ومضاعفة حجم التجارة بين البلدين عدة مرات، بل محاولة التوسط في نزاع كشمير بين باكستان والهند. وادّعى ترامب كذبًا، بحسب المقال، أن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي سأله المساعدة.

وأشار المقال إلى أن طريقة ترامب الودودة كانت بمثابة استعطاف رئاسي له غرض واحد؛ هو حث باكستان على "مساعدتنا في تحرير أنفسنا" من أفغانستان المجاورة، على حد قول الرئيس.

وذكرت "فورين بوليسي" أن مناشدات ترامب بدت مألوفة لعديدٍ من الخبراء والمسؤولين السابقين في الولايات المتحدة الذين تعاملوا مع باكستان، وتَعِد بمحصلاتٍ مشابهة: أن تبتسم العاصمة إسلام آباد وتكاد توافق على كل شيء، ثم تواصل علاقتها الوثيقة مع طالبان، ويشمل ذلك الترحيب بقوات الإسلاميين المتطرفين – بحسب المجلة – إبان استيلائهم مجددًا على كابول بعد انسحاب الولايات المتحدة منها.

وقال فيبين نارانج، أستاذ العلوم السياسية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، "إنهم بارعون للغاية، يتظاهرون بالضعف بمهارة. وحافزهم هنا هو الإيقاع بالولايات المتحدة وجعلها تنزف أكبر قدر من الثمار التي يمكنهم جنيه (وهو ما وصل إلى ترسانة نووية في مرحلةٍ ما). وقد وقعنا في الفخ ونزفنا بالفعل لمدة 40 سنة. إنها أكثر صفقة مربحة في تاريخ باكستان".

أزمة طالبان

وتطرّق المقال إلى تصريحات سفير الولايات المتحدة السابق في أفغانستان، راين كروكر، الذي قال: إنه رأى الازدواجية الباكستانية بنفسه عندما هوجمت السفارة الأمريكية في كابول، وقيل إن المسؤولين عن الهجوم هم من وصفهم كروكر "بالمتمردين المتمركزين في باكستان"، وأعرب عن أنه يرى دعوة ترامب هذه جزءًا من خطة رحيلٍ محرجة سيدركها الجميع.

وصرّح كروكر لفورين بوليسي قائلًا، "انتابني هذا الشعور منذ البداية من خلال الدخول في مناقشاتٍ مع طالبان، ودون وجود الحكومة الأفغانية، كنا فعليًا نقول لهم "نحن نستسلم". أعتقد أن هذه المحاولة هي جزءٌ مُدار بحماقة ضمن المشروع بأكمله".

وأضاف أن باكستان قد تشجع طالبان – التي سترغب في مسايرتها – على الإذعان لمطالب الولايات المتحدة بأن تتوقف المليشيات عن مهاجمة القوات الأمريكية، لكن ذلك لن يكون سوى حيلة للتعجيل برحيل الأمريكيين. وأيًا كانت الوعود التي قد يقدمها عمران خان لترامب، فستستمر وكالة المخابرات الباكستانية والجيش في تقديم دعمٍ فعال لطالبان، حسبما قال. وأضاف: "سيتطلعون إلى سيطرة طالبان على البلاد. كان هذا هو سبب رفضهم تضييق الخناق على قيادة طالبان لعقدين تقريبًا".

وأشار المقال إلى أن بعض الخبراء سيرون مع ذلك أن أي مجهوداتٍ تُبذل لإعادة القوات من أفغانستان إلى الوطن ستتطلّب مساعدة باكستان. إذ قال جيمس شولمين، الباحث غير المقيم في برنامج جنوب آسيا بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: "لعلهم يتلاعبون بترامب، لكن أكاذيبه الحمقاء ربما ما يزال في وسعها دعم ما يفعله زلماي خليل زاد حيال طالبان وكابول"، مشيرًا إلى مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى أفغانستان.

ولطالما ارتأت وكالات المخابرات والجيش الباكستاني، والتي تعمل إلى حدٍ ما بشكلٍ منفصل عن حكومة إسلام آباد المنتخبة ديمقراطيًا، أن الجماعات الإسلامية المتطرفة – ومنها حركة طالبان – تُمثّل معادلًا استراتيجيًا لتأثير الهند في أفغانستان وآسيا الوسطى.

وبحسب فورين بوليسي، فبعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، لم تبذل إسلام آباد جهودًا حثيثة لكبح جماح أشد الجهاديين سوءًا، وخاصة بن لادن الذي تعقّبته مخابرات الولايات المتحدة في 2011 وصولًا إلى فيلا مريحة غير بعيدة عن إحدى القواعد العسكرية الباكستانية. لكنها بدلًا من ذلك، وعلى مدار السنين كانت ملاذًا آمنًا لأعضاء طالبان، الذين لم يكتفوا باستهداف القوات الأمريكية فقط، بل استهدفوا القوات من كل أنحاء العالم، ومنها قوات حلف الناتو، وقوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان. 

التسوية الأمريكية

أفاد المقال بأن إدارة ترامب أوقفت العام الماضي إرسال مساعدات بقيمة 1.3 مليار دولار إلى باكستان، إذ قال الرئيس: إنها "غير ذات نفعٍ للولايات المتحدة"، وصرّح للصحافيين آنذاك: "نحن لا ندفع لهم شيئًا؛ لأن هذا هو ما يقدمونه للولايات المتحدة: لا شيء".

إلا أنه ومنذ ذلك الحين، أشار ترامب إلى أنه سيخفض أعداد القوات الأمريكية في أفغانستان إلى النصف، وأنه أمر خليل زاد بالتفاوض مع طالبان وحدها، متخليًا عن سياسة الولايات المتحدة السابقة التي طلبت أن تكون الحكومة الأفغانية طرفًا في المفاوضات.

وقال حسين حقاني، سفير سابق للولايات المتحدة في باكستان، حسبما ذكرت فورين بوليسي: "لم تتراجع مسوغات باكستان لدعمها الجهاديين. ولم يحدث تغييرٌ كبير على أرض الواقع. وتعيش باكستان حاليًا أزمةً اقتصادية كبرى، إذ كان المخطط السابق هو الوعد بأي شيءٍ يضمن لهم الحصول على المساعدات مرةً أخرى. فضلًا عن أنهم سيرغبون في تجنب العقوبات بموجب قوانين الأمم المتحدة المتعلقة بتمويل الإرهابيين".

ويوم الثلاثاء الماضي، أي بعد يومٍ واحد من استقبال ترامب عمران خان في البيت الأبيض، كان وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي صريحًا في قوله إن باكستان حاليًا تعلق آمالها على علاقتها مع ترامب شخصيًا. وانتقد أيضًا مبعوثي الولايات المتحدة السابقين والعاملين في السلك الدبلوماسي بأسمائهم. وقال: "يجب أن لا ننسى حقيقة أن العلاقة بين البلدين أثناء عمل أليس ويلز وليزا كورتيس وصلت إلى درجة أن أُغلقت جميع الأبواب في وجوهنا. كنا نطلب وقتًا لعقد المناقشات، ولم تكونا مستعدتين لمنحنا ذلك". وتعمل أليس وليزا حاليًا في وزارة الخارجية. وعلى النقيض منهما يقول قريشي: "إن ترامب وافق بالفعل على دعوة عمران خان له لزيارة باكستان".

ووفقًا لمسؤولٍ سابق في وزارة الدفاع الأمريكية، عمل على القضايا الأفغانستانية-الباكستانية، يمكن أن تتوقع واشنطن مساعدةً مؤقتة على الأقل من إسلام آباد في منع هجمات طالبان على القوات الأمريكية؛ مقابل بعض المنافع المتُبادلة. وقال ذلك المسؤول، حسبما أوردت مجلة فورين بوليسي: "أعتقد أن الأمر يتوقف على ما ستقدمه الولايات المتحدة لباكستان في المقابل. لن تكفي مجرد زيارة لطيفة من ترامب لجعلهم أكثر تعاونًا".  

كما يؤمن بأن إسلام آباد لن تكتفي باستئناف إرسال المعونات العسكرية، بل ستطلب أيضًا أن تتوقف واشنطن عن ممارسة الضغط في مجموعة العمل المالي، التي تراقب تدفقات الأموال المشبوهة، لتُبقي باكستان على قائمتها الرمادية أو السوداء للدول المنبوذة، وتقدم الدعم لباكستان لدى صندوق النقد الدولي للحفاظ على تدفق القروض وزيادة حجم التجارة كذلك. وقد أضاف أيضًا أن باكستان ستود أن ترى "اعترافًا علنيًا بمساعدتها لهم في أمر طالبان".

وحسبما قال كروكر: "سيكون الأمر مقايضةً بالكامل. هكذا رأى الباكستانيون الأمر منذ 11 سبتمبر. أتوقع أن نطلب منهم جعل طالبان توقف الهجمات المباشرة على جنودنا في أفغانستان، بما أننا راحلون على أي حال. ونحن نقول: (يمكن أن تجري الأمور بشكل طيب. فقط تعانوا معنا في الأشياء البسيطة)".

وأوردت فورين بوليسي في المقال أن عمران خان –خريج في جامعة أوكسفورد- كان دائمًا ناقدًا قاسيًا لواشنطن فيما مضى، وانتقد اعتماد إسلام أباد على معونات الولايات المتحدة الكارثية على حد تعبيره.

وكرر رئيس الوزراء هذا الزعم مرةً أخرى خلال تصريحاتٍ له هذا الأسبوع في معهد السلام الأمريكي، إذ قال إن المعونات خلقت "متلازمة الاعتمادية"، ولهذا فهو لم يطلب من ترامب أن يعيدها.

وفي حوارٍ أجراه مع صحيفة الجارديان عام 2011، قال عمران خان: "دولة تعتمد على المعونات؟ الموت أفضل. يعيقك هذا عن تحقيق مطامحك، تمامًا كما فعل الاستعمار". ويرى كروكر وغيره من ذوي الخبرة الطويلة في المنطقة إن باكستان لن تثق أبدًا في الولايات المتحدة مهما قدم ترامب من وعود.

وفي الختام، نقل مقال فورين بوليسي عن كروكر قوله: "تعلم الباكستانيون درسًا قاسيًا ومريرًا بعد هزيمة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، حين غادرنا نحن أيضًا وتركناهم في الحرب الأهلية الأفغانية، بينما كنا نعيد فرض العقوبات عليهم. وبعد 11 سبتمبر، قالوا لنا: (نحن سعداء بوجودكم، لكننا نعرف كيف نعمل. سيكون عليكم المغادرة. وإذا اعتقدتم أننا سنحوّل طالبان إلى عدو وجودي لنا أثناء مغادرتكم، فأنتم مجانين)".

التسوية الأمريكية

أفاد المقال بأن إدارة ترامب أوقفت العام الماضي إرسال مساعدات بقيمة 1.3 مليار دولار إلى باكستان، إذ قال الرئيس: إنها "غير ذات نفعٍ للولايات المتحدة"، وصرّح للصحافيين آنذاك: "نحن لا ندفع لهم شيئًا؛ لأن هذا هو ما يقدمونه للولايات المتحدة: لا شيء". 

إلا أنه ومنذ ذلك الحين، أشار ترامب إلى أنه سيخفض أعداد القوات الأمريكية في أفغانستان إلى النصف، وأنه أمر خليل زاد بالتفاوض مع طالبان وحدها، متخليًا عن سياسة الولايات المتحدة السابقة التي طلبت أن تكون الحكومة الأفغانية طرفًا في المفاوضات.

وقال حسين حقاني، سفير سابق للولايات المتحدة في باكستان، حسبما ذكرت فورين بوليسي: "لم تتراجع مسوغات باكستان لدعمها الجهاديين. ولم يحدث تغييرٌ كبير على أرض الواقع. وتعيش باكستان حاليًا أزمةً اقتصادية كبرى، إذ كان المخطط السابق هو الوعد بأي شيءٍ يضمن لهم الحصول على المساعدات مرةً أخرى. فضلًا عن أنهم سيرغبون في تجنب العقوبات بموجب قوانين الأمم المتحدة المتعلقة بتمويل الإرهابيين".

ويوم الثلاثاء الماضي، أي بعد يومٍ واحد من استقبال ترامب عمران خان في البيت الأبيض، كان وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي صريحًا في قوله إن باكستان حاليًا تعلق آمالها على علاقتها مع ترامب شخصيًا. وانتقد أيضًا مبعوثي الولايات المتحدة السابقين والعاملين في السلك الدبلوماسي بأسمائهم. وقال: "يجب أن لا ننسى حقيقة أن العلاقة بين البلدين أثناء عمل أليس ويلز وليزا كورتيس وصلت إلى درجة أن أُغلقت جميع الأبواب في وجوهنا. كنا نطلب وقتًا لعقد المناقشات، ولم تكونا مستعدتين لمنحنا ذلك". وتعمل أليس وليزا حاليًا في وزارة الخارجية. وعلى النقيض منهما يقول قريشي: "إن ترامب وافق بالفعل على دعوة عمران خان له لزيارة باكستان".

ووفقًا لمسؤولٍ سابق في وزارة الدفاع الأمريكية، عمل على القضايا الأفغانستانية-الباكستانية، يمكن أن تتوقع واشنطن مساعدةً مؤقتة على الأقل من إسلام آباد في منع هجمات طالبان على القوات الأمريكية؛ مقابل بعض المنافع المتُبادلة. وقال ذلك المسؤول، حسبما أوردت مجلة فورين بوليسي: "أعتقد أن الأمر يتوقف على ما ستقدمه الولايات المتحدة لباكستان في المقابل. لن تكفي مجرد زيارة لطيفة من ترامب لجعلهم أكثر تعاونًا". 

كما يؤمن بأن إسلام آباد لن تكتفي باستئناف إرسال المعونات العسكرية، بل ستطلب أيضًا أن تتوقف واشنطن عن ممارسة الضغط في مجموعة العمل المالي، التي تراقب تدفقات الأموال المشبوهة، لتُبقي باكستان على قائمتها الرمادية أو السوداء للدول المنبوذة، وتقدم الدعم لباكستان لدى صندوق النقد الدولي للحفاظ على تدفق القروض وزيادة حجم التجارة كذلك. وقد أضاف أيضًا أن باكستان ستود أن ترى "اعترافًا علنيًا بمساعدتها لهم في أمر طالبان".

وحسبما قال كروكر: "سيكون الأمر مقايضةً بالكامل. هكذا رأى الباكستانيون الأمر منذ 11 سبتمبر. أتوقع أن نطلب منهم جعل طالبان توقف الهجمات المباشرة على جنودنا في أفغانستان، بما أننا راحلون على أي حال. ونحن نقول: (يمكن أن تجري الأمور بشكل طيب. فقط تعانوا معنا في الأشياء البسيطة)".

وأوردت فورين بوليسي في المقال أن عمران خان –خريج في جامعة أوكسفورد- كان دائمًا ناقدًا قاسيًا لواشنطن فيما مضى، وانتقد اعتماد إسلام أباد على معونات الولايات المتحدة الكارثية على حد تعبيره.

وكرر رئيس الوزراء هذا الزعم مرةً أخرى خلال تصريحاتٍ له هذا الأسبوع في معهد السلام الأمريكي، إذ قال إن المعونات خلقت متلازمة الاعتمادية، ولهذا فهو لم يطلب من ترامب أن يعيدها.

وفي حوارٍ أجراه مع صحيفة الجارديان عام 2011، قال عمران خان: "دولة تعتمد على المعونات؟ الموت أفضل. يعيقك هذا عن تحقيق مطامحك، تمامًا كما فعل الاستعمار". ويرى كروكر وغيره من ذوي الخبرة الطويلة في المنطقة إن باكستان لن تثق أبدًا في الولايات المتحدة مهما قدم ترامب من وعود.

وفي الختام، نقل مقال فورين بوليسي عن كروكر قوله: "تعلم الباكستانيون درسًا قاسيًا ومريرًا بعد هزيمة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، حين غادرنا نحن أيضًا وتركناهم في الحرب الأهلية الأفغانية، بينما كنا نعيد فرض العقوبات عليهم. وبعد 11 سبتمبر، قالوا لنا: (نحن سعداء بوجودكم، لكننا نعرف كيف نعمل. سيكون عليكم المغادرة. وإذا اعتقدتم أننا سنحوّل طالبان إلى عدو وجودي لنا أثناء مغادرتكم، فأنتم مجانين)".

اضف تعليق