تعرض التحالف العربي الذي تقوده السعودية لحملة انتقادات في مجلس الأمن الدولي لم يسبق لها مثيل منذ بدء العمليات العسكرية في اليمن وبناء على دعوة أمريكية.

شاركت أجهزة الأمم المتحدة المعنية في الجلسة العلنية الأولى لمجلس الأمن بخصوص الحرب في اليمن ترأستها سفيرة الولايات المتحدة، وانعقدت بناء على دعوة منها، وكرس الحديث فيها لنقد عمليات التحالف واستعراض الماسي التي يعيشها اليمنيون بسبب الحرب المتواصلة منذ تسعة أشهر، وحمل التحالف المسؤولية الأكبر عن سقوط ضحايا في صفوف المدنيين وإن طال النقد الحصار الذي يفرضه الحوثيون على سكان مدينة تعز.

واشنطن، وهي الحليف الأقرب للسعودية، حرصت على أن تُمارس الضغط على الرياض من أجل القبول بالحل السياسي، ولكن بطريقتها المعتادة، فتمت دعوة المبعوث الخاص إلى اليمن ومفوض حقوق الإنسان والمسؤولين عن عمليات الإغاثة وجميع من تحدثوا وجهوا انتقادات عنيفة وغير مسبوقة للتحالف وعرضوا الوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشه اليمنيون.

المبعوث الأممي لدى اليمن اسماعيل ولد الشيخ زاد من غموض وقتامة المشهد السياسي، وأكد أن الطريق إلى السلام في اليمن طويل وصعب ويحتاج إلى قدر كبير من الدعم، بينما يتفاقم الوضع الإنساني مع أن الرجل عاد من مباحثات سلام في سويسرا، استمرت أسبوعا وهناك اتفاق على هدنة طويلة، وفقا لما أكده وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي واستعدادات لجولة جديدة من المباحثات في منتصف الشهر القادم.

ولد الشيخ الذي يواصل التحضير للجولة الجديدة أوضح، بأن الثقة بين أطراف الأزمة ضعيفة، وهو أمر يفسر فشل الهدنة وعدم تحقيق نتائج في الجولة الثانية من المحادثات، كما تبين حجم الصعوبات التي تعترض طريق السلام في اليمن مع نزوع السعودية نحو الحسم العسكري رغم صعوبتها ومحاولة الوصول إلى صنعاء.

المبعوث الدولي حذر من أن الجماعات الإرهابية تتمدد بشكل خطير وهو ما باتت تدركه الدول الكبرى وتعمل باتجاه وقف القتال حتى لا تتعاظم قوة هذه الجماعات في منطقة تشرف على أهم الممرات الملاحية الدولية ويوجد بها أهم حقول انتاج النفط.

ولأن الثقة معدومة بين الأطراف وكل طرف ما يزال يضمر الشر تجاه الآخر، فإن محاولات تثبيت الهدنة فشلت حتى الآن، وهو ما يلقي بظلال من الشك حول الجولة القادمة من المباحثات إذا لم تتوفر أجواء تساعد على تحقيق أي تقدم باتجاه السلام، فالحكومة وعدت بتمديد الهدنة الهشة القائمة، وقالت إنها تلقت تأكيدات دولية بأن يقوم الحوثيون بالإفراج عن المعتقلين قبل الذهاب إلى الجولة القادمة من المحادثات، ولكنها لن تذهب لهذه الجولة بدون الإفراج عن المعتقلين.

ولأن الوقائع تشير بوضوح إلى أن طرفي الصراع أصبحا على قناعة باستحالة الحسم العسكري، فإن إعادة بناء الثقة واستحقاقات السلام تتطلب جهدا ووقتا طويلا، وهو أمر فشلت الأمم المتحدة في تحقيقه حتى الان، ولا يظهر في الأفق بأنها في عجلة من أمرها رغم تفاقم الأوضاع الانسانية ودخول البلاد مرحلة تقترب من خط المجاعة الشاملة.

مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان أكد للمجلس إن أطراف الصراع كافة تتحمل المسؤولية رغم إقراره بتحمل التحالف العربي الجزء الأكبر من المسؤولية نتيجة للضربات الجوية، ونبه لقلق المجتمع الدولي من استمرار القصف الشديد من البر والجو على مناطق في اليمن بها كثافة عالية من المدنيين وتدمير بنية تحتية مدنية مثل المستشفيات والمدارس.

ومع اقتراب المعارك من صنعاء وتصعيد الحوثيين والرئيس السابق من هجماتهم الصاروخية على السعودية، تمر الأوضاع في اليمن بمرحلة فاصلة أما أن تدفعها نحو حرب أهلية طويلة الامد أو أن يدفع المجتمع الدولي بكل ثقله لإنهاء القتال.

 

اضف تعليق