على وقع التوتر السياسي والعسكري بين واشنطن وطهران، جاء استهداف ناقلات نفطية قرب ميناء الفجيرة، أكبر الموانئ الإماراتية، في عملية وصفت بال"تخريبية" مجهولة الأبعاد والخلفيات، ليثير تساؤلات بشأن الهدف، والأسباب الكامنة وراءه.

لماذا الفجيرة؟

وفق توصيف إمارة الفجيرة، إحدى الإمارات السبع لدولة الإمارات، على موقعها الإلكتروني، يتمتع الميناء المستهدف بموقع استراتيجي يتيح تصدير النفط من دون المرور بمضيق هرمز، وبالتالي ضمان حركة التصدير في حال حصول أي توترات إقليمية، في وقت هددت فيه إيران عدة مرات بإغلاق هذا المضيق الاستراتيجي في حال حدوث أي مواجهة عسكرية في الخليج.

وتتميز إمارة الفجيرة بخلاف الإمارات الست الأخرى، المكونة لدولة الإمارات، بموقعها الاستراتيجي إذ إنها الإمارة الوحيدة التي تقع على الساحل الشرقي للدولة، في حين تقع الإمارات الست الأخرى على الساحل الغربي، وتطل على الخليج.

وكانت الفجيرة منعزلة عن بقية مناطق الدولة فترة طويلة من الزمن بسبب سلسلة جبال الحجر، التي تقسم الإمارات إلى قسمين، ابتداءً من رأس الخيمة، ووصولاً إلى مدينة العين، وبسبب وعورة هذه الجبال كان من الصعب الوصول إلى الساحل الشرقي للدولة في فترة ما قبل الاتحاد.

ويبتعد ميناء الفجيرة، وهو الميناء الوحيد المتعدد الأغراض على الساحل الشرقي  والذي ىبظظقححللإمارات، نحو 70 ميلاً بحرياً فقط عن مضيق هرمز، الممر الملاحي الحيوي، الذي يربط بين منتجي النفط في الشرق الأوسط وبين أسواق آسيا وأوروبا والولايات المتحدة، وما وراءها، وكان محور توتر إقليمي على مدى عقود، إذ يمر به أكثر من 18.5 مليون برميل من النفط المنقول بحراً يومياً، أي بنحو 30 بالمئة من الخام وغيره من السوائل النفطية، التي جرى شحنها بحراً، خصوصاً مع بلوغ الاستهلاك العالمي للنفط نحو 100 مليون برميل يومياً، بمعنى أن خُمس الكمية العالمية يمر عبر مضيق هرمز.

كذلك فإن جل صادرات الخام من السعودية وإيران والإمارات والكويت والعراق، وجميعها دول أعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوابك)، إضافة إلى كل إنتاج قطر من الغاز الطبيعي المسال (وهي أكبر مُصدر له في العالم) يمر عبر المضيق.

ما بعد التوتر في الفجيرة؟

في الوقت الذي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن عمليات "التخريب" التي طالت السفن الأربع، أشارت أصابع الاتهام إلى إيران أو إحدى أذرعها في المنطقة، ارجع كثير من المراقبين الأمر إلى أن طهران، المستفيد الوحيد من إشعال الأوضاع جراء العقوبات المشددة المفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة. حسب زعمهم.

وحسب إبراهيم عبد الحميد، الخبير في الشأن الإيراني، فإن ما يجعل العملية خطيرة في سياقها ودلالاتها، هو أنها "جاءت في سياق تغرق فيه المنطقة كلها في توتر"، وهنا يبدو تفرد تفجيرات الفجيرة باعتبارها الإمارة الوحيدة التي لا تطل أراضيها على سواحل الخليج، إنما تطل على بحر عُمان، الذي يتصل بالخليج عبر مضيق هرمز، الذي يمثل عنوان الأزمة الحادة التي تعيشها المنطقة، محور زيادة التوترات بين إيران والولايات المتحدة، الذي هدّدت طهران أكثر من مرة بإغلاقه إذا صعّدت الولايات المتحدة، ومنعتها من تصدير نفطها إلى العالم.

عبد الحميد، أوضح في حديث لاحدى وسائل الاعلام الممولة من قبل السعودية الحليف الاقرب لأبو ظبي، أن "ترجيحات كثير من الخبراء تشير إلى أنه من مصلحة إيران توتير الأوضاع والتصعيد، وذلك لتخفيف الضغط المفروض عليها، وإرسال رسائل غير مباشرة إلى الشعب الإيراني الذي يعاني جراء العقوبات المفروضة عليه، ومناشدته التوحد في مواجهة، ما تعتبره (مؤامرة شيطانية) ذراعاها الولايات المتحدة وإسرائيل".

وأضاف الخبير في الشأن الإيراني، "لا يمكن فصل ما حدث في ميناء الفجيرة عن التحذير، الذي أصدرته الإدارة البحرية الأميركية، لسفن الشحن التجاري من احتمال استهداف إيران حركة النقل البحري التجارية في المنطقة". وفق زعمه.

وكانت الإدارة البحرية الأميركية حذرت في العاشر من مايو (أيار) الجاري، أن "هناك احتمالا متزايدا بأن إيران أو وكلاءها الإقليميين قد يتخذون إجراءات ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها، بما في ذلك البنية التحتية لإنتاج النفط أو السفن العسكرية الأميركية في البحر الأحمر أو مضيق باب المندب أو الخليج بعد تهديدهم الأخير بإغلاق مضيق هرمز". وذلك في خضم تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران.

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان التحذير السابق من الإدارة البحرية الأميركية هو ما دفع البيت الأبيض إلى إصدار أمر بتوجيه مجموعة حاملة طائرات "يو إس إس أبراهام لينكولن" وقاذفات "بي 52" إلى المنطقة في 4 مايو (أيار) الجاري، لمواجهة ما ذكرت واشنطن أنه إشارات تهديدية للمنطقة من جانب طهران.

اضف تعليق