اخلاص داود

ينص تعريف التصحر ضمن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر الذي أقر في عام 1994، على انه "تدهور الأرض في المناطق القاحلة وشبه القاحلة وفي المناطق الجافة وشبه الرطبة، الذي ينتج من عوامل مختلفة تشمل التغيرات المناخية والنشاطات البشرية". ويعد التصحر من اخطر المشاكل البيئية في العراق والتي تعرض أمنه الغذائي للخطر، وسببها جملة من العوامل منها الطبيعية والبشرية.

الاسباب الطبيعية للتصحر في العراق

الدكتور كمال حسين الوكيل الفني سابقا في وزارة البيئة تكلم عن اسباب التصحر قائلا: ان "الأسباب عديدة إلا ان أكثرها اهمية هو ان العشر سنوات الماضية كانت أسوأ عشر سنوات مرت على العراق من حيث الأمطار والرياح، وان 2008 يصفها الجيولوجيون والمختصون بأنها أسوأ سنة شهدها الوطن من ناحية المناخ ونسبة تساقط الامطار، حيث عانت المراعي الطبيعية والمزروعات والحقول من شحة كبيرة في المياه، بل وحتى المناطق الجبلية في العراق وفي جبال الاناضول التي هي في الاصل مهبط الامطار عانت من شحة الامطار في كل فصول السنة وقلت فيها مساقط وتراكم الثلوج ووصلت الى 200 متر مكعب في الثانية علما انها كانت في السبعينيات من القرن المنصرم تصل في اغلب الاحيان الى معدل 500 متر مكعب في الثانية".

ويضيف "مما اثر ذلك على مياه الاهوار ونقصت الى درجة كبيرة وقد حدث ذلك منذ عام 1999، وشهدت مياه الاهوار بعض الانتعاش في عامي 2003 و 2004 بزيادة المياه الداخلة اليها، ولكن في الاعوام من 2006 الى 2008 حدث انخفاض كبير في مناسيب المياه الى حدود غير طبيعية وصلت الى نسبة 70% وفقد كل من هور الحويزة وهور الحمار مياههما".

واشار حسين الى انه "عند انخفاض مناسيب المياه نتيجة اختلال الضغط بدأت الرياح تشتد وتقوى وصارت عواصف ترابية اثرت بشكل كبير على الحياة بصورة عامة وخاصة على الواقع الزراعي"،

وتابع ان "حوالي 90% من مساحة العراق تقع ضمن منطقة المناخ الجاف وشبه الجاف حيث يقل معدل الجفاف عن المعامل الثابت بحوالي 20درجة، وترتفع درجات الحرارة في الصيف الى حدود 52 درجة مع ارتفاع نسبة التبخر وخاصة في السهل الرسوبي لتصل الى 2000-3000 ملم وكذلك عدد الايام المشمسة التي تصل في معدلها الى 260 يوما مشمسا"، مبينا ان "الرياح السائدة في العراق هي رياح شمالية غربية جافة وحارة وينتشر الغبار المحلي يرافقها صيف حار جاف وطويل، كل ذلك له دور في حدوث التصحر اضافة الى الخواص الطوبغرافية والطبيعية للتربة".

ويقول خبير الشؤون المائية عباس الصكب، عن بدايات التصحر في العراق، إن المشكلة أخذت بالتفاقم في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، وتفاقمت بعد شح المياه وبروز ظاهرة جديدة وهي العواصف الترابية بعد حرب الكويت عام 1991، بسبب قطع الري عن الأراضي، والآليات العسكرية التي قامت بتكسير الطبقة الحامية للأراضي.

 ويشير الخبير إلى أن البادية الغربية، كانت تأتي منها عواصف رملية، وسكان الجزيرة في الموصل كانوا يقومون بحراثة الأرض وهي أرض هشة بانتظار نزول الأمطار وعند عدم تساقط أمطار يبقى غطاء الأرض متهشما، مما أدى إلى تغطيتها بالرمال المتحركة، ولا سيما في تلول البعاج.

 الاسباب البشرية

يشير الصكب، الى إن العراق عانى في العقود الأخيرة من مشكلة التصحر، "التي تعود إلى فعل الإنسان وعدم وجود سياسة رشيدة للحكومات العراقية المتعاقبة".

 فيما يؤكد حسين، إن من أسباب ظاهرة التصحر الأخرى هو ان مجمل العمليات العسكرية في بعض المناطق أدت الى تهشيم التربة لأنها بالأصل رخوة وبذلك قل الغطاء النباتي في تلك المناطق مما ساهم في استفحال ظاهرة التصحر.

 المدير العام السابق لمكافحة التصحر في وزارة الزراعة (2009) فاضل الفراجي، يرجع السبب الرئيس إلى تدهور الزراعة منذ التسعينيات، والحصار الذي فرض على البلاد والحروب التي مرت بها.

 ويرى أن هذه العوامل أدت إلى تدمير القشرة الأرضية وجعلتها عرضة للتعرية. ويشير إلى العواصف الرملية غير المسبوقة التي تعرضت لها البلاد في السنتين الأخيرتين وساهمت في زيادة التصحر.

 ويقول إن تلك الظاهرة انعكست على الأمن الغذائي للبلد وعلى المواطن، من خلال التأثير السلبي على الزراعة، وغلق الطرق والسكك الحديد، إضافة إلى الأضرار الصحية للمصابين بداء الربو.

وانتقدت لجنة الزراعة والاهوار النيابية، 2017، غياب الاجراءات الحكومية لمكافحة ظاهرة التصحر في العراق، وفيما كشفت عن اكثر من 70 % هي نسبة الجفاف في المحافظات الوسطى والجنوبية، أشارت الى ان السياسات الخاطئة التي تنتهجها إيران وتركيا بقطع المياه على العراق رفعت نسب خطر زيادة التصحر في العراق.

 وقال عضو اللجنة محمد الصيهود ، إن "لغاية الآن لم تقم الحكومة الاتحادية بأي إجراءات للحد من ظاهرة التصحر في البلد، ولا توجد لدى الحكومة أي رؤيا حقيقية للحد من التصحر خلال السنوات التي مضت".

 وأضاف الصيهود أن "ظاهرة التصحر في العراق تعد ظاهرة مهمة ويجب معالجتها، لتأثيراتها السلبية على الواقع الاقتصادي والصحي والبيئي".

 حلول جديدة لمكافحة التصحر

كشف النائب سلام الشمري، نيسان 2019، عن اتفاق نيابي حكومي على تخصيص الاموال اللازمة لمكافحة التصحر في البلاد، مشيراً إلى أن كل محافظة سيخصص لها 100 مليون دينار.

 وذكر بيان للشمري، أن "لجنة الزراعة والمياه والاهوار النيابية اتفقت مع وزارة الزراعة عن اطلاق حملة كبرى لمكافحة التصحر عبر زراعة وتشجير المناطق المفتوحة وغيرها بعموم المحافظات".

 واضاف البيان، أنه "وفق الاتفاق تم تخصيص 100 مليون دينار لكل محافظة لهذه الحملة من اجل مكافحة التصحر الذي بات خطرا يواجه البلاد وخاصة المناطق ذات الكثافة الزراعية "، مشيراً إلى أن "الحملة ستشمل زراعة المناطق المفتوحة ومداخل المدن للمساهمة في تحسين الواقع البيئي".

اضف تعليق