إخلاص داود

في سبعينيات القرن الماضي أحرز العراق تقدما كبيرا بعد الحملات الوطنية للقضاء على الامية، وأعلنت منظمة اليونسكو خلو العراق من الأميّة، وقدمت له  5 جوائز عام 1979، بعد أن استطاع خفض نسبة الأمية دون 10% ليكون العراق اول الدول العربية الذي يقضي على آفة الأمية.

والشخص الأمّي وفق تعريف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" هو الذي لا يستطيع أن يقرأ أو يكتب جملة بسيطة عن حياته اليومية.

وعلى مايبدو ان الظروف والحلول التي ساهمت بالقضاء على الأمية غير متوفرة في العقود المتتالية فقد شهد العراق تراجعا كبيرا وارتفعت نسبة الامية واستفحلت هذه الظاهرة مع تردي الاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والازمات والحروب التي مر بها العراق يضاف لها الفساد والحلول الترقيعية غير مكتملة الشروط منذ ثمانينيات القرن الماضي الى هذا اليوم.

وفي 2018 أعلنت المنظمة "اليونسكو" عن أرتفاع نسبة الامية لتصل الى 47% للأعمار بين 6 سنوات  و55 سنة.

وقد تم إصدار قانون محو الأمية بقرر رئيس الجمهورية بتاريخ 4 / 10 / 2011، رقم ( 23 ) لسنة 2011، والأسـبــاب الموجـبـــة لتشريع هذا القانون، بحسب مجلس الوزراء بغية القضاء على الأمية الناتجة عن ظروف المرحلة السابقة وانطلاقاً مما يتضمنه الدستور من كون التعليم عاملاً أساسيا لتقدم المجتمع وحق تكفله الدولة للمواطنين وتنفيذاً لمهماتها في مكافحة الأمية وإيصال الأميين إلى المستوى الحضاري الذي يمكّنهم من تطوير حياتهم ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وتمكينهم من ممارسة حقوق المواطنة الصالحة والتزاماتها.

وقال مسؤول التخطيط في برنامج محو الأمية في وزارة التربية والتعليم العراقية، حفظي الحلبوسي" في عام 2012، استطاع العراق إنشاء أكثر من 3 آلاف مركز محو أمّية في البلاد، بالتعاون مع اليونسكو، بعد إقرار البرلمان العراقي قانون محو الأمية.

وفي ذلك العام، بلغت نسبة الأميّة إلى ما معدله 20 في المئة بالمدن و50 في المئة في الأرياف، وفق "اليونسكو".

ولفت الحلبوسي إلى أن برنامج محو الأميّة انهار في 2014 مع اجتياح تنظيم داعش الإرهابي محافظات عدة في العراق، إذ توقف المشروع في تلك المحافظات، وانعكس الأمر سلبيا على العاصمة بغداد.

وكانت وزارة التخطيط قد أعلنت في 2014 أن نسبة الأمية في العراق بلغت 18%، فيما أشارت إلى أن هذه النسبة قد ارتفعت بين الإناث.

أعلن الجهاز المركزي للاحصاء التابع لوزارة التخطيط، إن "نسبة الأمية بين الشباب للفئة العمرية 15 إلى 29 سنة خلال عام 2017 بلغت 8.3%".

وأضاف الجهاز المركزي، أن "نسبة 32.5% من الشباب من الفئة العمرية 15 إلى 29 سنة ملتحقون بالتعليم حالياً، وشكلت نسبة الالتحاق من الذكور 35.9%، مقابل 28.8% للشابات الاناث".

وكشفت وزارة التربية عن افتتاحها لـ744 مركزاً لمحو الأمية في عموم المحافظات خلال عام 2017.

وأعلنت مفوضية حقوق الإنسان العراقية،  كانون الأول 2018، أن 8 ملايين مواطن أغلبهم من الشباب لا يجيدون القراءة والكتابة، وسط تحذيرات من اتساع ظاهرة الأمية في ظل الأزمات السياسية والاجتماعية التي تعيشها البلاد.

وقالت عضو المفوضية فاتن الحلفي، إن "18% من المواطنين العراقيين لا يجيدون القراءة والكتابة وفق الأرقام الواردة إلينا من الجهات المختصة"، مشيرة إلى أن "أكثر من نصف هذا العدد من النساء".

وأضافت الحلفي أن، "الأمية تركزت في مناطق النزوح والمحافظات المستعادة حديثًا من تنظيم داعش، حيث أشارت المفوضية إلى تسرب الطلاب من المدارس بشكل ملحوظ، بداعي العمل وتوفير لقمة العيش".

ولفتت إلى أن "وجود الهيئة العليا لمحو الأمية وقانون محو الأمية الذي صوّت عليه البرلمان العراقي عام 2011 لم يلبيا الطموح في القضاء على تلك الظاهرة".

وتشير تقارير رسمية صادرة عن وزارة التربية إلى إن نسب الأمية في القرى والأرياف أعلى من المدن والمناطق الحضرية، ويعود ذلك لجملة أسباب اجتماعية وأخرى تتعلق بضعف الجانب التوعوي، فضلًا عن تردي الواقع الخدمي في المناطق الريفية، وغياب وسائل التعليم الأساسية.

وكشف عضو لجنة التربية في مجلس النواب، قصي الياسري، 2018، عن وصول نسبة الأمية إلى أكثر من 40% وربما تصل إلى سقف الخمسين.

وقال الياسري في تصريح له، أن "نسبة الأمية تتفاقم في البلاد رغم كل الحديث السابق عن أهمية محوها، والمراكز التي من المفترض أن تُنشأ لهذا الغرض غير موجودة حتى الآن".

وأضاف "تعود أسباب الأميّة إلى عوامل عدة، منها الأزمات التي عاشتها البلاد، وتردي الواقع التعليمي والبطالة وكذلك المشاكل المجتمعية المتعلقة بالنزوح وغيرها".

اضف تعليق