يقف عدد غير قليل من المواطنين الأبرياء على أبواب المحاكم بتهم الخطف والإرهاب وحيازة ‏الأسلحة وغيرها من الجرائم بسبب الإخبارات الكاذبة أو ما تسمى بـالدعاوى الكيدية.‏

وأكد قضاة متخصصون، أن "المخبرين يحركون هذه الدعاوى لغايات الابتزاز والعداوات ‏الشخصية، لكنهم أفادوا بأن البحث عن الحقيقة هو ما يضعه القاضي عند وروده أية دعوى، ‏منوهين إلى أن مجلس القضاء الأعلى يوصي في إعماماته المستمرة بالتحري والتأني قبل ‏إصدار أوامر القبض.‏

وبشأن ماهية الإخبار الكاذبة ، قال رئيس جنايات الكرخ القاضي سعد محمد عبد الكريم، أن ‏‏"المادة 243 من قانون العقوبات العراقي النافذ رقم 111 لسنة 1969 أوضحت أن المخبر ‏الكاذب هو كل من اخبر كذبا إحدى السلطات القضائية او الإدارية عن جريمة يعلم أنها لم تقع ‏واخبر احدى هاتين السلطتين بسوء نية بارتكاب شخص لجريمة مع علمه بكذب إخباره او ‏اختلق ادلة مادية على ارتكاب شخص ما جريمة خلافا للواقع أو تسبب باتخاذ إجراءات قانونية ‏ضد شخص يعرف براءته وكل من اخبر السلطات المختصة بأمور يعلم أنها كاذبة عن جريمة ‏لم تقع".‏

وأضاف عبد الكريم في مقابلة مع القضاء، أن "غاية الكثير من هذه الدعاوى الكيدية قد تكون ‏عداوة شخصية مع المشكو منه سواء كانت متعلقة بالمال او المصالح الأخرى او نتيجة ‏ضغينة".

وتابع، أنه "لاحظ الكثير من الدعاوى التي تحتوي إخبارا كاذبا منها ما يتعلق ‏بالخطف والإرهاب وحيازة الأسلحة والمواد المتفجرة".‏

وبين، أنه "عند القاء القبض على الشخص الذي اتهم بإحدى الدعاوى لا يكمن إطلاق سراحه ‏حتى تثبت براءته، وهذه تشكل معضلة كون من القي القبض عليه متهما والمخبر احضر ‏شهودا واختلق أدلة مادية فمحكمة التحقيق مضطرة أمام اتخاذ الاجراءات باعتبار المشتكي قدم ‏الشهود او غيرها من الأدلة".‏

وشدد على أن "دور القضاء كبير في البحث عن الحقيقة، حتى لو تم اللجوء إلى ‏إعادة المحاكمة والإفراج عن المتهم".‏

وأردف عبد الكريم، أن "المحكمة تستند الى الأدلة التي قدمها المخبرفي الدعوى الأصلية ‏وبعد ذلك إذا ثبت أن إخباره كان كاذبا بعد تقديمه لأدلة غير صحيحة فبإمكان طلب اعادة ‏المحاكمة مرة أخرى حتى وان اكتسب القرار الدرجة القطعية، لافتا إلى أن الشرط في اعادة ‏المحاكمة ان يكون الحكم باتا بمعنى ان محكمة التمييز نظرته وصادقت عليه وبالنتيجة لا ‏يمكن المساس به الا عن طريق اعادة المحاكمة".

أما اذا كان الحكم صادرا ولم تمض عليه ثلاثون يوما فان محكمة التمييز تنقض هذا القرار ‏بالاستناد الى هذه الوقائع التي ظهرت وتلغى التهمة ويُفرج عن المتهم، واذا كان في مرحلة ‏التحقيق فيمكن ان يغلق التحقيق باعتبار وجود أدلة جديدة والإخبار كان كاذبا، بحسب قاضي ‏الجنايات.‏

وعن العقوبة التي كيفها القانون لهذه الجريمة، أضاف القاضي عبد الكريم أن "عقوبة الإخبار ‏الكاذب كانت الحبس والغرامة او إحدى هاتين العقوبتين لكن بموجب التعديل الأخير للقانون ‏رقم 15 لسنة 2009 أصبحت بالحد الأقصى إذا ثبت كذب إخبار المخبر، وفي كل الاحوال أن ‏العقوبة لا تزيد عن السجن لمدة 10 سنوات، موضحا أن "المخبر اذا كان اخباره كاذبا فانه ‏يعاقب بالجريمة التي اتهم فيها غيره او بمدة لا تزيد عن السجن لمدة عشر سنوات".‏

من جانبه، قال القاضي الأول لمحكمة التحقيق المختصة بقضايا الإرهاب عمار رشيد جبار، ‏أن "الإخبار الكاذب هو طريقة للإيقاع بشخص بريء له عداوة أو مصلحة مع المخبر وهو من ‏المواضيع الهامة التي مرت على محاكم التحقيق بكثرة".

وأضاف جبار في حديث إلى القضاء، أن "مجلس القضاء الأعلى أكد في تعاميم كثيرة ‏ومستمرة على ضرورة التحري عن صحة الإخبار قبل إصدار أي أمر قبض ضد المتهمين ‏وعلى قاضي التحقيق التأكد من صحة المعلومة التي يقدمها المخبر قبل اتخاذ اي اجراء ‏وبالأدلة تم توقيف الكثير من المخبرين وتمت إحالتهم الى محكمة الجنايات لغرض اجراء ‏الحكم العادل بحقهم".

وتابع، أن "هناك قصصا كثيرة ترد إلى المحاكم منها أن زوجة حضرت بصفة مخبرة وادعت ‏ان زوجها يتعامل ببيع الاسلحة والمتفجرات ولكون هذا الاخبار مهما، فقد تم تسجيله وتدوين ‏اقوالها بعدها قامت قوة امنية وبناء على اوامر قضائية بالتوجه الى بيت زوجها وفعلا تم ‏العثور على كيس يحتوي 5 رمانات كانت مخفية خلف الثلاجة وتم القاء القبض على ‏زوجها".‏

وبين قاضي التحقيق، أنه "عند تدوين اقوال الزوج المتهم ودون ان يعرف ان زوجته هي من ‏اخبرت عنه أكد انه ليس لديه اي علم بهذه الأسلحة وتبين من خلال جمع الأدلة صدق أقوال ‏‏الزوج واثناء الكلام معه بين انه لديه مشكلات مع زوجته وانها تطلب التفريق ومن خلال ‏ذلك، طلبت المحكمة إحضار المخبرة الزوجة لغرض الاستماع الى اقوالها واثناء مشاهدتها ‏الى زوجها انهارت وذكرت بانها وعشيقها قاما بشراء هذه الرمانات ووضعها خلف الثلاجة ‏لغرض الايقاع بزوجها حتى تقوم بطلب الطلاق وبعدها الزواج من عشيقها وقد تم تأييد ذلك ‏أيضا من خلال جهازها الخاص بها من خلال المراسلات ما بينها وما بين عشيقها بوجود اتفاق ‏لغرض الإيقاع بزوجها وتم إصدار أمر قبض بحق عشيقها الذي اعترف بتفاصيل تلك الحادثة ‏وبعدها قررت المحكمة الإفراج عن الزوج فيما دونت اقوال المتهمين وهم المخبرة الكاذبة ‏وعشيقها وصدقت اقوالهم وتمت احالتهم الى محكمة جنايات الكرخ".

وأكد قاضي الإرهاب، انه " من الضروري توعية الناس بهذه الجريمة وخطورتها على المجتمع وعلى ‏المواطن نفسه الذي يخبر اخبارا كاذبا، لأن هناك جهلا في القانون والعواقب التي تترتب أثرها ‏على المخبر حالة ثبوت كذبه، مقترحا أن يكون هناك تنسيق بين مجلس القضاء الاعلى ‏وبين المنظمات المدنية والاجتماعية ودور الإعلام لغرض التخلص من هذه الآفة إضافة إلى ‏اختيار الدعاوى التي سجلت بالإخبار الكاذب وعرضها على وسائل الإعلام". انتهى/ ف

اضف تعليق