في وقت طالب رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدم نقل التحكم بصواريخ "إس 300" من القوات الروسية إلى القوات السورية، اكدت دراسة لمعهد الابحاث والامن القومي في تل ابيب اهمية استمرار الوجود الروسي في سوريا، معتبرةً ذلك ضمانة للمصالح الاسرائيلية، ليس في سوريا فحسب انما أيضاً في المنطقة، في وقت اعتبرت الدراسة الاسرائيلية أن الوجود الروسي في سوريا ودعمه للنظام الى جانب ايران، من جهة، وضعف المعارضة في سوريا، من جهة أخرى، أسهما في ابقاء الرئيس بشار الاسد في النظام.

ويرى معدو الدراسة ان حقيقة وجود لاعبين كثر في سوريا، من دون تنافس او تطابق للمصالح، يدفع بإسرائيل الى المناورة في مواجهة التحديات الامنية، وفي مقدمها ما تعتبره اسرائيل التموضع الايراني في سوريا ونشر قواتها العسكرية.

ضمان المصالح الإسرائيلية

وكتب معدو الدراسة ان اسرائيل ستستغل هذا الوضع لاستمرار القصف في سوريا على القدرات العسكرية الايرانية، ليشكل القصف رافعة لخطوات سياسية من أجل إخراج القوات الأجنبية من الأراضي السورية. وفي الوضع الناشئ، اليوم، يضيف معدو الدراسة، لا توجد جهة، باستثناء روسيا، يمكنها قيادة خطوات استقرار فعلية، وعليه، بحسب الاسرائيليين، فإن التدخل الروسي في سوريا ليس عاملاً مركزياً لبقاء نظام الأسد، فحسب، إنما كذلك لضمان المصالح الإسرائيلية في جبهة متعددة التحديات.

ويرى معدو الدراسة ان طبيعة الحرب السورية وفرت لروسيا وتركيا الفرصة للتدخل المباشر في سوريا، وهذا التدخل كان، في معظم الاوقات، لصالح نظام الأسد، وكتبوا يقولون "إن وحدة التحالف الداعم للأسد، الى جانب المساعدات المكثفة التي منحتها روسيا وإيران للنظام، أسهمتا بشكل كبير في انتصار الاسد".

اسلمة المعارضة

وخصصت الدراسة جانباً مهماً لما سمته "اسلمة المعارضة"، وعزا معدو الدراسة مسؤولية اضعاف الجيش السوري الحر وغيره من تنظيمات المعارضة المسلحة إلى من وقف خلف اسلمة المعارضة او اظهار اسلاميتها بشكل متطرف، في بعض الاحيان، وزيادة منظمات المعارضة من هذا القبيل، كأحرار الشام، وجبهة النصرة وجيش الإسلام، التي استقبلت مقاتلين كثراً على حساب التنظيمات العلمانية.

أما داعش، الذي اعتبره معهد الابحاث الاسرائيلي، سبباً مركزياً في اسلمة المعارضة، فقد أسهم في اثارة القلق وعدم اليقين، ليس لدى السوريين فحسب، انما ايضاً دول العالم، بأن تتحول سوريا كلها الى داعش في حال سقوط نظام الاسد، وهذا في ذاته ساعد في ابقاء النظام.

قلب المعادلة

واشار معهد الابحاث الى ان جهات كثيرة في سوريا كانت قد عارضت نظام الاسد، بداية الحرب، عادت وايدته بعد اثارة الخوف لديها من تنظيم "داعش". وتطرقت الدراسة الاسرائيلية الى وضع "تنظيم تحرير الشام"، واكدت انه يشكل، اليوم، التنظيم الاسلامي الاساس في سوريا، وعلى الرغم من انه ينشط في آخر معقل للمعارضة المسلحة في ادلب، فإن ما تحركه اليوم هي الدوافع الوطنية والاقليمية، أكثر مما هي دوافع اسلامية وجهادية، وهذا ما يسهم في قلب المعادلة.

وجاء في الدراسة ان وهن المعارضة مع الاتجاه نحو اظهار اسلامية مقاتليها والدعم المحدود الذي حصلت عليه من بعض دول عربية وغربية، عززا مكانة الاسد وساعداه على الصمود والبقاء. واعتبرت الدراسة أن "المعارضة العسكرية والسياسية لم تجد صيغة متفقاً عليها وفشلت في محاولة تحقيق أهداف الثورة ووضع بديل مناسب لنظام الأسد".

حلم من الصعب تحقيقه

في الجانب الذي تحدثت فيه الدراسة عن مستقبل سوريا، رأت أن مسالة اعادة اعمار سوريا تبدو حلماً، وابقاء الاسد لا يعني استقرار الوضع فيها. وجاء في الدراسة أن سوريا تحولت الى دولة تنتشر فيها مراكز قوة عدة تتنافس على السيطرة والتأثير لفترة طويلة مقبلة، كالإطار الدولي الرسمي للأسد، واللاعبين الدوليين مثل اسرائيل، وايران وروسيا وتركيا الى جانب تنظيمات المعارضة المسلحة وقوات شيعية واخرى كردية، وهذه جميعها تضع الصعوبات امام محاولات انشاء نظام مركزي وفاعل، اضافة الى ما الحقت به الحرب من اضرار تقدر بحوالي 400 مليار دولار، وعدم عودة اللاجئين، الذين ينتمي قسم كبير منهم للطبقة الوسطى، هذه الأمور كلها ستصعب، لاحقاً، وجود قوى بشرية مؤهلة لتفعيل الخدمات.

اضف تعليق