أفرز التطوّر والتقدّم العلمي والتقني في مجال الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات وشبكة الإنترنت من خلال وسائل التواصل الإجتماعي أنماطاً مُستحدثة من الجرائم المُعقّدة في طرق إرتكابها وفي وسائل كشفها، وتُشكّل هذه الجرائم خطراً يُؤرّق المجتمع الدولي والمحلي على حدّ سواء، وعليه كان لابدّ من التوعية والتطرّق للأفعال التي تُعرّض من يرتكبها للمساءلة القانونية وتطبيق العقوبة التي تتناسب مع جسامة الفعل المُرتكب، لذا كان لوكالة النبأ للأخبار الواجب المهني لتسليط الضوء على عمليات الإبتزاز الإلكتروني التي باتت نوع آخر من الإرهاب في تهديد وترهيب للضحية.

تحذير شعبي من تنامي الظاهرة

تتزايد سنوياً أعداد المتعرضين للإبتزاز الإلكتروني الذي تكون أبرز ضحاياه من الفتيات بسبب تخوفهنّ من رفع دعاوى قضائية ضد المتحرّشين أو المُبتزّين تجنّباً للفضيحة، ويُحذّر مسؤولون مُتخصّصون وناشطون مدنيون وصحفيون في كربلاء المقدسة من ما يُعرف بظاهرة الإبتزاز الإلكتروني التي تبدأ بتهديد الضحية وإبتزازها لدفع مبالغ مالية أو إستغلالها لأغراض ومنافع أخرى، لذا تُؤكّد الجهات الأمنية دائماً للحذر من الوقوع في مصيدة هذه الأيادي الخبيثة وحدوث عمليات إبتزاز مُعلنة إلقاء القبض على العشرات من ممارسي هذه الأفعال عبر مواقع التواصل الإجتماعي وإحالتهم للقضاء.

ويُقول عضو مجلس المحافظة، نافع الميالي، أنّ "الإبتزاز هو المساومة والتهديد، أمّا الإبتزاز الإلكتروني فيعني لغوياً عملية مساومة تتم عبر وسيلة إلكترونية أو عبر الإنترنت، بينما يُعرِّفه القانون الغربي بأنّه أحد أشكال الجرائم الإلكترونية التي تحدث عندما يُطالب شخص أو جهة ما من شخص أو مؤسسة أخرى مقابلاً مادياً أو خدمياً عن طريق تهديده بإلحاق الضرر به أو بسمعته أو بممتلكاته "مضيفاً أنّ "الإبتزاز الإلكتروني يُعد الشكل الأكثر تطرّفاً للتنمّر الإلكتروني أو التحرّش الإلكتروني، حيث ينطوي على تهديد نفسي ومادي يُحوّل حياة الضحية لجحيم، ويُعد الأطفال والمراهقون الفئة الأكثر إستهدافاً وتضرّراً في هذه الجرائم".

من جانبه يُبيّن الحقوقي قيصر الشمري، أنّ "جرائم الإبتزاز تنتشر بكثرة حول العالم نتيجة الفراغ الإجتماعي والتفكّك الأسري وضعف الرقابة الأسرية على الأبناء والفقر وضعف الوازع الديني والعقد النفسية والإضطرابات لدى البعض وشعور البعض بالإستفزاز ممّا ينشره الآخرون من أمور إيجابية مع سهولة إخفاء هوية أي مُعتد عبر الإنترنت وصعوبة ملاحقته قانونياً أو توقيفه وخوف الضحايا من الفضيحة وتفضيلهم الصمت والإنصياع للمُجرم".

من جانبٍ آخر يقول عضو أمناء هيئة الإعلام والإتصالات، خليل الطيّار، أنّ "ظاهرة الإبتزاز الإلكتروني أخذت مُدياتها تجتاح مجتمعنا العراقي بشكل ملفت وبدأت ملفاتها تنتشر وتظهر في أروقة المراكز والمحاكم نتيجة تزايد قضايا التخاصم الشخصي والسياسي والعشائري نتيجة تفاقم حالات الإبتزاز الإلكتروني المستشري في الأوساط الإجتماعية والسياسية والتي تحتاج تدخّل مُباشر من قبل الدولة وجهاتها المعنية لوضع كل إمكاناتها لمواجهة هذه الظواهر الخطيرة التي تتطلّب الإستعانة بخبرات متطوّرة وأجهزة فنية "مشيراً الى أنّ "أغلب الجرائم الإلكترونية تُرتكب من مُجرم مُتخفّي خلف الحاسوب أو الموبايل الذي يجعل من الصعب أحياناً الكشف عن مخطّطاته، لهذا تُعتبر معالجة تلك الجرائم ظاهرة تحتاج الى إمكانيات جهات حكومية متخصّصة وتحتاج الى فنيين للعمل بشكّل متواصل وفعّال".

مطالب بتشريع قوانين رادعة

وطالب الطيّار، بـ "ضرورة تشريع قانون (جرائم المعلوماتية) مطلباً أساسياً في هذه المرحلة لمواجهة هذه الظواهر الخطيرة كما يُعتمد في أغلب دول العالم، وبدون تشريع هذا القانون تصبح المعالجات قاصرة وغير رادعة وينبغي تبديد مخاوف الجهات المعترضة على تشريعه بتبرير الخشية من المساس بالحرّيات وخصوصيات الأفراد وهو مأخذ يُمكن تجاوزه في ترصين القانون ومراجعة مواده ودراسته بعناية لتجنيبه الإنزلاق بما يتحفّظ عليه من قبل المعترضين".

ويقول المحامي رضا الكربلائي، أنّ "الحاجة أصبحت ملحّة لقيام الجهات المعنية سواء وحدة خلية الحرب النفسية أو هيئة الإعلام والإتّصالات وشبكة الإعلام العراقي لإنشاء صفحات إلكترونية لهذا الغرض تتولّى نشر الوعي المجتمعي والتواصل المباشر مع الضحايا لتمكينهم نفسياً ومعالجة المشاكل التي يتعرّضون لها لأنّ المحدّدات والمقيّدات والأعراف المجتمعية تحول دون قدرة إفصاح المُبتز لعرض مشكلته، وهذه تحتاج آلية لتمكين سرّية المحافظة على هويّة المتضرّر وتشجيعه على عرض حالته ومعالجتها".

وطالب الكربلائي، الحكومة المركزية والحكومات المحلية والمهتمّين بـ "ضرورة تشكيل وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية الخاصّة للحد من هذه الظاهرة التي باتت تنخر بجسد مجتمعنا العراقي من بعض أصحاب النفوس المريضة وربّما هناك دول تقف وراء تلك الظواهر الخطرة ومنها الإبتزاز الإلكتروني والألعاب الإلكترونية والأفلام الإباحية والكتب المفخّخة بالأفكار المتطرّفة وغيرها لتفكيك نسيج هذا المجتمع الذي لا زال يُعاني من أكبر تلك الظواهر ألا وهي ظاهرة الفساد الإداري".

حلول بسيطة تحتاج الى دعم

كشف مدير قسم العلاقات والإعلام والشرطة المجتمعية في كربلاء المقدسة، العقيد علاء الغانمي، أنّه "ضمن توجيهات وزارة الداخلية وتحت إشراف قائد شرطة المحافظة اللواء أحمد علي زويني وبمتابعة من قبل قسم العلاقات والإعلام والشرطة المجتمعية للقيادة، أقامت مفرزة أمنية مشتركة من قسم التقنيات والمعلوماتية والشرطة المجتمعية والكوادر الإعلامية التابعة الى قيادة الشرطة محاضرة قيّمة على مسامع طلبة في عدد من مدارس المحافظة بالتعاون مع قسم الإشراف التربوي عن جرائم الإبتزاز الإلكتروني وكيفية الوقاية منه".

يبدو أنّ العراق بحاجة لمزيد من القوانين الرادعة التي تُجرّم الإبتزاز الإلكتروني جنباً الى جنب مع زيادة توعية المجتمع بمخاطر الأجهزة الذكية قبيل إستخدامها مع عدم إغفال دور الأسرة في مراقبة الأبناء ودعمهم وإشعارهم بالثقة والأمان في حال تعرّضوا لمثل هذه الحالات من التهديد وإلا فقدنا عدداً أكبر من المراهقين والشباب.

اضف تعليق