يعيش تنظيم داعش الارهابي اخر ايامه في سوريا بعد ان تمت محاصرة ارهابييه في جيب صغير جدا بمنطقة الباغوز شرقي الفرات من قبل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة امريكيا. لكن السؤال الذي بقي موضع التبادل ماذا بعد سنوات من وجود تنظيم عنيف كداعش بعد طرده من العراق ونهايته في سوريا؟

الخبير الامني والمختص في شؤون الجماعات الارهابية هشام الهاشمي يتوقع عودة بروز تنظيم القاعدة الارهابي الى الواجهة مستغلا موت وليده داعش، ويرى الهاشمي ان انكماش الأراضي التي يسيطر عليها "داعش" ونهاية خلافاته المتوهمة أن القاعدة ستستعد لتصدر المشهد الارهابي من جديد بعد أن تراجعت مكانتها بصورة كبيرة عقب ظهور تنظيم داعش.

ويقول الهاشمي ان "الانهيار الوشيك لداعش في سوريا وبعد انهيارها في العراق عقب العمليات العسكرية المكثفة ضده هناك، فضلا عن تراجع تمدد "داعش" في ولايات خراسان وغرب افريقيا وشرق اسيا بسبب وجود تنظيمات متطرفة مناوئة للتنظيم هناك، خاصة تنظيم القاعدة".

ويضيف "القاعدة تمتلك أتباعا أكثر عددا وأقوى في القارة الأفريقية، وحتى بالنسبة للتنظيمات التي كانت تتبع التنظيم في أفغانستان، ونقلت ولاءها إلى داعش عقب النجاحات الميدانية التي حققها في سوريا والعراق، وإعلانه الخلافة، مثل تنظيم بوكو حرام في نيجيريا عام 2015، ثم تنظيم القاعدة في المغرب العربي وتنظيم الشباب في الصومال، فمن الملحوظ أن المبايعات كانت شكلية بدرجة كبيرة وهي اقتصادية وظيفية، إذ لم يترتب عليها أي تعاون من المتوقع بسقوط خلافة "داعش" الوهمية، أن تتراجع تلك التنظيمات عن مبايعتها له، وتعود إلى راية تنظيم القاعدة مرة أخرى".

وتابع الهاشمي إن "منهج وفكر تنظيم الدولة كان مرصودا داخل الحالة الجهادية عموما وداخل القاعدة، وهو ما دلت عليه وثائق (أبوت أباد) والتى أظهر بعضها رأيا حازما كنقاش داخلى تجاه (الدولة الإسلامية فى العراق)، كما في رسالة عزام الأمريكي إلى أسامة بن لادن والتي لا يبدو أنها كانت مؤثرة كما ينبغي، أو تلك التى قدمت وحدة التنظيم، وإنجازه في العراق، على دماء المسلمين، كما فى رسالة بن لادن التى يطلب فيها من عطية الله الليبي معالجة شكوى جماعة أنصار الإسلام من تعديات (الدولة) بتطييب خواطرهم وإن بمجرد الكلام! ودعوتهم للوحدة مع هذه (الدولة)! أي أن مستوى حلول الحق في (الدولة) التابعة للتنظيم أقوى منه فى أنصار الإسلام التى تنتمي للتيار نفسه ولكن لا تنتمى للتنظيم! بل أكثر من ذلك فإن القاعدة قدمت تنظيرا شرعيا وسياسيا وفكريا يبرر إقامة (الدولة الإسلامية فى العراق)، وعلى لسان الظواهري نفسه بما يناقض بعض ما يقوله الآن مما يرفض به تمددها إلى الشام".

ويشير الى انه "قد لا يكون أمام داعش خيار سوى العودة لوضعه السابق كشريك صغير لتنظيم القاعدة، أو حتى انشقاق بعض عناصره وانضمامهم للقاعدة القاعدة الام، وتلك التنظيمات التي انضوت تحت لوائه عن مبايعتها له، أو حتى انشقاق بعض عناصره وانضمامهم للقاعدة".

وزاد بالقول "ففي الوقت الذي يحارب داعش فيه أي جماعة لا تبايعه، ويسقط، وتظهر استجابتها للتفاعلات تكتيكيا عنها الشرعية، تبدي القاعدة اختلافا المحلية فالقاعدة تؤمن بإقامة "تحالفات قوية مع الجماعات المحلية، قائمة على القتال والتدريب المشترك في أفغانستان، كما يتضح في علاقة تنظيم القاعدة الأم بطالبان، أو جبهة النصرة بغيرها من الجماعات المتطرفة في سوريا، وهو ما يساعدها على البقاء، وذلك على خلاف داعش.

ومن جهة أخرى، فإن القاعدة تمتلك خبرة أفضل في كيفية التعامل مع السكان المحليين، فعلى الرغم من إيمانها بأفكار متطرفة، فإنهم يتعاملون أوامر بطريقة لينة معهم على عكس تنظيم داعش، والذي تجاهل مرارا القيادة المركزية لتنظيم القاعدة الأم في باكستان بالحد من وحشيتها كي تكسب قلوب وعقول العراقيين، وذلك حينما كان داعش ولايزال يتبع التنظيم الأم في باكستان، وكان يسمى (تنظيم القاعدة في العراق)".

ويوضح "فكر القاعدة يرتكز على فشل الدولة، وهشاشة المجتمعات، وهي لا تعيش ولا تترعرع في ظل أنظمة معتدلة سياسيا، وغير قمعية، أو دموية، حيث أن القاعدة وأخواتها لا تتبلور رسالتها من خلال خصومة سياسية، وهي لا تريد أن تكون معارضة بالمفهوم التقليدي للكلمة، بل هي تريد أعداء وكفارا، وأشرارا تشيطنهم لتقول إنه لا خلاص منهم إلا بقتلهم والعمل العسكري الذي ينال من قوتهم، وهي تنجح في منحاها العنفي المسلح حين تتمكن في توظيف الظروف المعيشية الصعبة في أي بلد لإقناع مجنديها بأن الحل لهذه الظروف هو القضاء على تلك الحكومات التي تتحمل المسؤولية عن هذه الظروف بتقنينها الفساد المالي، بخلاف داعش التي تريد وضع نفسها كبديل اجرائي ونظاما للحكم".

ويبين انه "وفقا لأوضاع كل من تنظيمي داعش والقاعدة في العراق، وأخذا في الاعتبار تجربة التنافس بين "التنظيمين" في كل من سوريا والعراق، يمكن القول إن هناك احتمال ضعيف لمستقبل العلاقة ما بين داعش والقاعدة، يتمثل في تصاعد التنافس بينهما، ومن ثم الدخول في صراع مفتوح: ويعتمد ذلك على تنامي نفوذ القاعدة بشكل أكبر، إذ لم يصل التنافس بينهما في شمال شرق ديالى حتى الآن درجة المواجهة المسلحة. ولكن من المحتمل أن يدخلا في صراع مباشر مع بعضهما البعض على المدى المتوسط".

ويقول الهاشمي ان هناك "فرص احتمال التعاون بين داعش والقاعدة في الحويجة وحمرين وخانقين وجزيرة سامراء وجزيرة الثرثار وجزيرة راوة وصحراء الانبار وإذا ما استطاعت القاعدة استغلال الانقسامات الحادة داخل داعش وتمكن من جذب عناصر إضافية إليها، وذلك من خلال التهدئة والاحتواء والقاعدة تجيد ذلك". مضيفا انه "احتمال قوي يمكن ان ينجح في سوريا واليمن وغرب افريقيا يقوم على فكرة مفادها أن أوضاع هذه المناطق تختلف عن العراق، وأن داعش الأقل قوة الآن فيها قد يضطر إلى التعاون في القوت الراهن مع تنظيم القاعدة ليشكلا سويا قوة أكثر تطرفا تسعى لاستغلال الأوضاع الراهنة في تلك المناطق الهشة من أجل تحقيق المزيد من الانتشار الجهادي، على أن يستفيد كل منهما بإمكانيات الآخر".

ويؤكد، "لا يكون من قبيل المبالغة القول إن الفترة القادمة سوف تشهد عودة القاعدة لتصدر المشهد الجهادي، وأن تتراجع العديد من التنظيمات الإرهابية المحلية عن مبايعتها لـداعش، وتعود لراية القاعدة مرة أخرى، ولن يكون أمام دول المنطقة من سبيل للتخلص من ظاهرة التطرف العنيف، إلا من خلال وقف الصراعات المسلحة وشروع دول المنطقة في برامج للإصلاح".

اضف تعليق