اعداد: عدي الحاج

كنت دائماً ما أبحث عن مكان ذلك النفق الذي لطالما أسمع عنه في المقولة المشهورة (لابد أن يشرق الضوء في أخر النفق) وكذلك السؤال الذي يُلازم أي معضلةً لا حلّ لها (هل ثمّة ضوء في آخر النفق؟)، وذات يوم وأنا متوجّهٌ الى مقر عملي الذي يقع بالجانب الأيمن من نفق ومجسّر العباس (عليه السلام) المعروف بنفق "الجاير" الذي عانى الأمرّين كرحلة قريش في العصر الجاهلي (رحلة الشتاء والصيف)، في فصل الشتاء الممطر نرى النفق غريق وفي فصل الصيف الحار نجده يُعاني التصدعات والتآكل وتطول القائمة، فبمروري وجدت النفق قد أسدل عليه بلافتة مكتوب عليها (نأسف لإزعاجكم... نعمل لخدمتكم) أدركت حينها أنّ المقصود من كلمة النفق الواردة في المقولة والتساؤل المشهورين هو نفق الجاير الذي مضى على وضع حجر الأساس له أكثر من عمر أبنتي الوحيدة ذات الثلاث عشرة سنة إلا ثلاث سنوات.

استغراب واستهجان مثير

كل شيء مثير للاستغراب ومستهجن صار أمراً طبيعياً ومن صميم الواقع في العراق عموماً وفي كربلاء خصوصاً، فمن الغريب أن تدخل مستشفى في باقي الدول وتجد الكلاب والقطط تتجوّل فيها، لكنّ الوضع بات طبيعي جدّاً في العراق وهذه المدينة المقدسة، ومن الغريب أن تجد الشوارع في تلك الدول تذوب بمجرّد نزول المطر مهما كان ثقله، لكن في بلادنا ومحافظتنا الوضع بات أيضاً طبيعي جدّاً بمجرّد أن تنزل أول قطرة مطر تختفي الشوارع بقدرة القادر، كذلك من الطبيعي أن تجد المسؤول يتجوّل في الشوارع بأي دولة أخرى على عكس المسؤول العراقي الذي لابدّ له أن يقطع الشوارع بأرتال السيارات والحماية وجيشه الجرّار الذي ليس له أول من آخر ليمر صاحب السيادة، وليس بغريب أن تجد الشوارع والجسور والأنفاق مغلقة ولعدّة أيام وربّما شهور لأسبابٍ أكل عليها الدهر وشرب.

مشروع كامل المواصفات

أنّ الكلفة المادية لمشروع نفق ومجسّر العباس (عليه السلام) "نفق الجاير" بلغت بحسب المهندس المقيم للمشروع الذي نفذته إحدى الشركات العراقية بـ (15 مليار دينار) ضمن تخصيصات وزارة البلديات والأشغال العامة، أضيفت إليها مبالغ إضافية من الوزارة لتفوق الكلفة الإجمالية للمشروع بـ (17 مليار دينار)، وأنّ طول النفق (365 متراً) يبتدأ بعد ساحة المحافظة وينتهي قرب مستشفى العباس الأهلي، أمّا عرضه (17 متراً) وفيه جزرة وسطية تفصله الى ذهاب وإياب، بينما يبلغ طول الجسر الذي يعتليه 465 متراً، ويُعتبر المجسّر ونفقه من المشاريع الحيوية في المحافظة بحسب حكومتها المحلية والمُراد منه فك الاختناقات المرورية كونه يقع في المدخل الرئيس للمدينة لجميع محافظات الوسط والجنوب.

تبادل الاتهامات عن حياة الغريق

اكد في وقت سابق النائب عن محافظة كربلاء المقدسة، رياض غريب، أنّ "غرق أحد الإنفاق في المحافظة ليس سببه رداءة العمل بل سوء إدارة الحكومة المحلية، وأنّ عدم صيانة الغطّاسات الخاصّة بنفق ومجسّر العباس (ع) الذي أنجزناه أبان فترة إستيزارنا لوزارة البلديات والإشغال العامة وراء غرقه نتيجة الأمطار التي سقطت على المحافظة".

وحسب غريب، إن "الحكومة المحلية في كربلاء تفشل دائماً في إدارة وصيانة المشاريع الاستراتيجية التي أنشئت خلال فترة عملنا كوزير، وأهمّها المجزرة الحديثة وغطاسات الأنفاق".

وشهدت مدينة كربلاء المقدسة حينها والسنوات التالية غرق مناطق وأحياء بسبب الأمطار، حيث شهد مجسّر ونفق العباس (عليه السلام) ارتفاع مناسيب المياه فيه بسبب الإمطار.

ويتساءل المواطنون عامة وأصحاب المركبات الصغيرة والكبيرة عن أسباب تذبذب فتح وغلق النفق بين الحين والآخر، على علم أغلبهم بسوء إدارة النفق من الجهات المعنية وذات العلاقة وتلكّؤ وبطء تلك الإدارة في صيانة النفق لتكون تلك اللافتة مصداقاً لـ (ناسف لخدمتكم... نعمل لإزعاجكم)، إضافةً الى الكثير من الأسئلة التي يعلو ضجيجها بحثاً عن أجوبة ليقابلها المسؤولين بصم الآذان. انتهى/ ع

اضف تعليق